سيناريو الفلم - نقلا عن كتاب: الإخراج السينمائي/ كيف تصنع فيلم الأوّل بالديجتال

سيناريو الفلم

نقلا عن كتاب: الإخراج السينمائي/ كيف تصنع فيلمك الأوّل بالديجتال
تأليف: تروي لانير و كلاي نيكولاس
ترجمة: د. عاطف معتمد عبد الحميد.

=========================

• لماذا تكتب النّص؟

الآن جاء وقت كتابة النّص. لا تقلق، فلن يستغرق الأمر أكثر من ثلاثة أسابيع.

نحن نفهم أنّك ربّما لا تكون ماهرًا بدرجة كافية لكتابة نص فيلم. أنت تعتقد أنّ صناعة الأفلام تعني الوقوف خلف الكاميرا، بينما يؤدّي الممثلون أدوارهم وتسطع الأنوار. قد لا تتخيّل أن عليك الجلوس أيضًا للكتابة على الكمبيوتر. لكن الأخبار السيئة التي نأسف لإبلاغك بها، وكنّا نودّ أن نبلغك ما يختلف عنها ولو قليلا، أنّه يستوجب عليك الجلوس ساعات كثيرة أمام الكمبيوتر (لعمليّتي الكتابة والمونتاج) بقدر أكبر مما ستقضيه خلف الكاميرا. لكن هوّن عليك، فكلّ ما في الأمر أنّ كتابة الفيلم هي تلك العمليّة التي سوف تشعر وأنت تؤدّيها أنّك تقوم بالواجب المدرسي.

ومع ذلك، فإنّ لدينا أخبارًا سارّة، إذ إنّه بعد مضي 21 يومًا من بداية كتابتك للفيلم ستكون مستعدًا للجلوس مع مجموعة الأصدقاء لقراءة السيناريو الذي كتبته. وحين تنتهي من القراءة ستصبح كاتب سيناريو، وهو مكوّن أساسي في العمل الاحترافي السينمائي. وستقترب خطوة كبرى نحو طريق صناعة الأفلام.

لا تكن متعجلا لتتجاوز هذه المرحلة، اصبر عليها، فإنّها مهمّة.

نحن نعلم أنّك تفكّر في تجاوزها، اعترف بذلك. لكن لدينا لك نصيحة: إذا صبرت فستتمكّن من تحقيق باقي العمل بمضيّ الوقت، وسيتمّ كل شيء بشكل تلقائي. وحين يقوم الممثلون بأدوارهم ستجد أنّ الأمور تصير على ما يُرام. وعليك إنّ ما ستقوم به سيكون عملا عير متقن، وربّما يكون أقرب إلى تصوير الفيديو المنزلي.إنّ كتابة النص عامل مهم للغاية للتفريق بين عملك المتقن، وبين اللقطات السريعة التي يصوّرها الهواة من المبتدئين. ولنتساءل معًا: كيف؟ إنّ ذلك يعود إلى أنّ كتابة النص تحسّن العمل وتطوّره لأسباب إبداعيّة وعمليّة. فمن النّاحية الإبداعيّة، تجبرك كتابة النّص على بلورة فكرك بشكل انسيابي. والكتابة تجبرك أيضًا على أن تحدد أفكارك التي قد تكون مشوّشة ومتداخلة بلا نظام في رأسك. وستجد أنّ نتائج الكتابة واضحة وبسيطة.

أمّا من النّاحية العمليّة، فإنّ كتابة النّص مهمّة لأنها تسمح لك ولفريق الإنتاج بالتحضير بشكل فعّال للتصوير. وبمجرّد أن تجتمعوا في موقع التصوير فإنّ النص المكتوب سيساعد كل فرد في فريق العمل على أن يعرف دوره بدقّة. وحين تعطي لكلّ فرد دوره مكتوبًا فإنّك ستوفر كثيرًا من الوقت الذي ربّما ضاع في الشرح الشفهي. عليك التأكّد من أن المنتج (أنت) لديه عدد من نسخ السيناريو في مكان معلوم يلجأ إليه وقت الحاجة.

إن كثيرًا من الذين ليس لديهم صبر على كتابة السيناريو يضيعون وقتًا طويلا ويعانون كثيرًا في صناعة الفيلم. لكنّك حين تجهّز السيناريو فسيكون لديك القدرة على التركيز، وذلك لأنّ لدينا خطّة تجعلك قادرًا على كتابة السيناريو في ثلاثة أسابيع فقط.

• قبل أن تبدأ :

لكن قبل أن تبدأ..

فكر لحظة. تذكّر أين وجدت الكتاب الذي بين يديك الآن؟ وسواء كان على رف في منفذ لبيع الكتب، أم في مكتبة عامّة، فإنّ هذه الجوهرة الصغيرة التي بين يديك كانت تجاور سيناريوهات أفلام مفيدة للغاية. عليك الرّجوع إلى ذلك المكان، والتقط أحد السيناريوهات. ليس مهمّا أن يكون سيناريو بعينه، ثم اذهب إلى متجر من متاجر الفيديو واحصل على شريط فيديو (أو أسطوانة DVD) لذلك السيناريو ذي اخترته للقراءة.

عد إلى البيت وشاهد الفيلم في نفس الوقت الذي تقرأ فيه سيناريو هذا الفيلم. قد تنازعك الرّغبة في التفرّغ للمشاهدة، لكننا ننصحك أن تركّز أكثر على النّص المكتوب، مع خطف لقطة وراء أخرى أثناء القراءة.

إنّ هذا التدريب سيضرب لك عصفورين بحجر واحد. أولا: سيجعلك أكثر ألفة مع صيغ كتابة السيناريو (ومنذ الدقيقة الأولى). إنّه عمل أكثر سهولة مما تظن. ثانيًا: أنّك ستشعر بخطوات كتابة السيناريو. وعليك أن تولي انتباهًا لقراءة توجيهات الحركة خلال التصوير ، ويقصد بتوجيهات الحركة: ذلك القسم المكتوب في السيناريو والذي يشرح ما يجري على الشاشة. ستلاحظ أنّ هذه التوجيهات محددة بدقة وموجزة ومختصرة.

• صيغة السيناريو:

تتسم صياغة السيناريو بالصفة العمليّة، لأنّها تحدد الأشياء بصيغة واضحة وقابلة للقراءة، وبطريقة تفصل بين توجيه التصوير والحوار بين الممثلين. ولصيغة النص ملح مميز يتمثل في أن كل صفحة من صفحات السيناريو تعادل تقريبا دقيقة من دقائق التصوير. إذن فإن عليك كتابة خمس صفحات لفيلم مدّته خمس دقائق، ونحن نتحدّث هنا عن خمس صفحات قصيرة. تذكّر أنّك قد كتبت في الواجبات المدرسيّة أضعاف ذلك.

وهناك أنواع مختلفة لكتابة صيغة السيناريو، ولكن يمكننا القول باختصار : إن أفضل صيغ الكتابة هي أبسطها. وننصحك بأن تركز على ثلاثة أشياء فقط: أدوار الممثلين، توجيهات التصوير، والحوار.

• برامج كتابة السيناريو:

هناك العديد من البرامج المتخصصة في كتابة السيناريو. وفي رأينا، أنّ برنامج (Final Draft) هو أفضلها. فهذا البرنامج سيجعلك تكتب السيناريو بطريقة أسرع وذلك من خلال توفيره لصيغ الكتابة بشكل آلي، حتى إنّه يتذكّر أسماء الممثلين حين تكتبهم أوّل مرّة، ثمّ يعيد كتابتهم لك تلقائيًا عند حاجتك لذلك.

وللبرنامج مميزات رائعة أخرى تسهّل كتابة الملاحظات والتعليقات على السيناريو، وتسهّل من عمليّة إعداد الجزء المنتهي من السيناريو للإنتاج. والعيب الوحيد لهذا البرنامج هو سعره المرتفع نسبيًا، حيث إنّ ثمنه بعد التخفيضات المتاحة للطلاب سوف يظل مرتفعًا. ومهما كانت أهميّة الوقت بالنسبة لك، فإننا ننصحك أن تتجنب تلك البرامج التي تقوم بتقديم سيناريوهات آليّة جاهزة. وإذا كنت تريد توفير هذا المبلغ لشراء ميكروفون حديث فبوسعك الاعتماد على برامج مونتاج النصوص العادية لكتابة السيناريو. كل ما عليك هو أن تحضر (نموذجين) للسيناريو من برنامج مايكروسوفت وورد، أحدهما لتوجيهات الصورة والآخر للحوار. وسيكون هذا كافيًا للغاية.

• توجيهات التصوير:

ستلاحظ أن معظم الكلمات في السيناريو تخص الجزء الخاص بتوجيهات الصورة. والسبب في ذلك أن الفيلم وسيط مرئي، وتمثّل توجيهات الصورة ذلك القسم من العمل الذي يصف ما يراه المشاهدون خلال عرض الفيلم. ومن المهم لكاتب السيناريو هنا أن يفكّر بطريقة الصور وليس الكلمات، وأن ينقل هذه الصور بوضوح إلى صيغة الكلمات. وعليك أن تتأكّد خلال هذه العمليّة أنك تنقل التفاصيل التي تعطي للصورة خصائصها المميزة. وباختصار عليك أن تكتب كل ما تعرضه الصورة ببعض التفاصيل. وهي مهمّة ليست شاقّة. وتأكّد أنّ ما تكتبه واضح ومباشر. استخدم جملا قصيرة. واعلم أنّ الجمل الطويلة هي عدوّك الأوّل في كتابة السيناريو، ولذلك فإنّ عليك أن تحللها جيّدًا، وتجعلها قصيرة. وكن مباشرًا، فالقليل من الكلمات كثير في معناه ومغزاه. حسنًا.. نعتقد أنّك الآن قد أدركت الأمر.

وعليك أن تلاحظ أنّ توجيهات الصورة تمتد من هامش الصفحة الأيسر إلى هامشها الأيمن دون فراغات بينيّة، ولا تترك مسافات مزدوجة بين كل سطر والذي يليه.

• العناوين الجانبيّة:

ستفيدك العناوين الجانبيّة الفرعيّة في تحديد المشاهد أو توالي المشاهد وراء بعضها. وتحمل هذه العناوين الجانبيّة معلومات بسيطة عن مكان وزمان التصوير. كما أنّها تفصل بين المشاهد أو الفصول. وستفيدك هذه الفواصل في تحديد جدول تصوير الفيلم.
لاحظ أنّ هذه العناوين الجانبيّة تكتب بخط مميز، لكن دون ترك مسافات أو فراغات مضاعفة بين الكلمات. ويمكن أن تكتب بنفس نمط الخط الذي تكتب به كلمات توجيهات التصوير. وعليك استخدام كلمتي "داخلي" و "خارجي" للتمييز بين التصوير في الأماكن المغلقة والأماكن المفتوحة.

في الخطوة التالية، حدد أسماء الأماكن التي سيجري فيها التصوير. والمر لا يحتاج إلى عبقري ليقوم به، كل ما عليك هو أن تختار مكانًا يمكن لكل أفراد طاقم العمل الوصول إليه. ثمّ حدد موعد التصوير "نهار" أم "ليلا" . وهذه معلومة مهمّة للفنيين في العمل، لأنّ لهذا علاقة مهمّة بالكاميرات والإضاءة.


إنّ صياغة العناوين الجانبيّة أشبه بصياغة فقرة جديدة في المقالة. فلو أنّ هناك تغييرا في المكان أو في الزّمان فعليك أن تضع عنوانًا جانبيًا. ولا يعني هذا أنك في حاجة إلى عنوان جانبي لكل لقطة. وقد يتطلّب الحوار بين اثنين من الممثلين عددا من اللقطات المختلفة، لكن إلى أن يخرجا من مكان إلى مكان أثناء الحوار أو قبل أن يركبا سيّارة فلست بحاجة إلى كتابة عنوان جانبي جديد. ولو أنّ هناك سلسلة من اللقطات سيجري تصويرها معا فلست مطالبًا بالفصل بينها في كل مرة بعنوان جانبي جديد.

وبصفة عامّة، فإنّ تحديد مواقع العناوين الجانبية عملية فنية أكثر منها علميّة، وسرعان ما ستتقنها بمضي الوقت، لذا لا ترهق نفسك بالتفكير فيها كثيرًا.

• الحوار:

ربما لاحظت أنه في صيغة السيناريو يوجد تغير في توجيهات التصوير في نفس الصفحة، وذلك من خلال الكتابة في مكان متسع من الصفحة، وذلك من خلال الكتابة في مكان متسع من الصفحة، ومن خلال الهامش الأيسر إلى الأيمن. لكن هنا يجب أن يوضع نص الحوار في وسط الصفحة. وعليك بترك مسافة قدرها 2.5 سم على كلا جانبي الهامش من اليمين واليسار. هل تعرف الحكمة من وراء ذلك؟.. قد يجيب البعض بأن السبب يعود إلى أن الفيلم وسيط مرئي، ومن ثم فلابد من التفريق بين ما يراه المشاهدون من صور، وبين ما يقوله الممثلون من حوار، ووسيلة هذا التفريق في التمييز هي طريقة كتابة النص في الصفحة. وهي ملحوظة مهمّة، وستجد أنّ الحالة عكسيّة في طريقة كتابة سيناريو المسرح، إذ يكتب الحوار من الهامش للهامش بينما تكتب المشاهد في وسط الصفحة، فاللغة والحوار في المسرحيّة هي أهم من المشهد.

ولا نقصد بهذا أنّ أبطال الفيلم الذي تعدّه يمكنهم أن ينطقوا بكلمات غير مفهومة، تشبه أصوات الضفادع أو الخنازير طالما أن الصورة أهم من الحوار. ولا يعني هذا أنه يجب علينا أن نسمع أبطالك يتحدثون مع أنفسهم بصوت خافت طالما طالما أنّ الصورة هي الأهم. فالمشاهد معني في الواقع بالتعرّف على الشخصيّات التي تخلقها في الفيلم. ولابدّ أن يكون حديثهم، الخافت أو الصاخب، مفهوما ومسموعا بقدر واضح للمشاهدين. ويجب أن يكون لكلّ ممثل صوته المميز حتى لا يختلط على المشاهد مع صوت ممثل آخر.

حين تنتهي من الكتابة يجب أن تكون مستعدا لتسمية الممثلين في النص المكتوب، وتكون قادرا على معرفة من الذي يتحدّث في كلّ حوار، بناء على ما يقول والطريقة التي يتحدّث بها.