كيف تكتب رواية في 100 يومٍ أو أقل؟ ( منقول )
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
كيف تكتب رواية في 100 يومٍ أو أقل؟ ( منقول )
بصراحة هذه المقالة عن كتابة الروايات , ولكن لأن أي عمل درامي ما هو إلا قصة وحبكة وشخصيات فإن هناك نقاط مشتركة كثيرة مع الكتابة الدرامية , وهذا هو سبب نقلي لهذه المقالة , التي أرجو من الله العلي القدير أن تستفيدوا منها
حدودي السما
------------------------------------------
كيف تكتب رواية في 100 يومٍ أو أقل؟
دليل مهم جدا للزميل محمد عبد النبي.. مفيد لكل من يحلم بأن يكتب رواية
جون كوين … ترجمة: محمد عبد النبي
مقدمة المترجم:
لا بدّ أن عنوان هذا الكتيب سيكون مُضحكاً للكثيرين، فالواحد لا يتصور أن بوسعه كتابة رواية خلال مئة يوم أو أقل كما يشير العنوان. والحقيقة أن الكتاب يحوي مئة وواحد نصيحة صغيرة، تتعلق بجوانب مختلفة من عملية الكتابة السردية وخصوصاً الروائية، بعضها أمثلة تستحق الاحتذاء أو مقولات في صميم العملية الإبداعية أو إرشادات ذات طابع عملي خالص. وقد كتب بعضها – وجمع جمعها الآخر - جون كوين وهو كاتب ُمتخصص في روايات الرعب أو تلك التي تدور حول لعبة الجولف التي يعشقها، وقد بدأ حياته المهنية مساعداً للاعبي الجولف في أحد النوادي وهو ابن العاشرة. وقد ألف أكثر من خمس وعشرين كتاباً بين روائية وغير روائية، بما في ذلك عدد من روايات الرعب ومجموعة قصص قصيرة مختارة. نشرت النصائح مرتبة بترتيب الأيام على أحد المواقع المعنية بهموم الكتابة والتي يشارك جون كوين في تحريرها. وإذا ما استبعدنا ما يثيره عنوان هذه الكتيب وتوجهه من دهشة أو تهكم،
فما أحوجنا في العالم العربي إلى هذه النوعية البسيطة من الكتابات الموجهة للمُبتدئين أو للكتّاب الشباب أو الروائيين بالإمكانية لا بالفعل. فطالما كتبنا وقرأنا عن تاريخ الفنون السردية، نصوصها ونقدها ونظريتها، لكن ما أقل الكتابات المتاحة باللغة العربية حول الكيفية والحرفة والصنعة، ربما نتيجةً لما توارثناه جيلاً بعد جيل من أفكار تكاد تكون غيبية حول دور العبقرية الفردية والموهبة الفطرية، إلي آخر تلك المفاهيم التي تُعوّل على السليقة والفطرة الإبداعية أكثر مما تعوّل على العمل والجهد واكتساب التقنيات والأدوات. لكن ها نحن نشهد يوماً بعد يوم تراجع أغلب تلك الأفكار، ليحل محلها– لدى الشباب خصوصاً – الاعتقاد بضرورة التعلم واكتساب الخبرات بالممارسة والتجريب، ونراهم يبحثون عن مثل تلك النصائح والتوجيهات في الكتب والدراسات القليلة المتاحة، وكذلك بالطبع على مواقع الانترنت التي تكتظ بمثل تلك الصفحات المخصصة لتعليم كل شيء من أول: كيف تصنع قنبلة في منزلك، وليس انتهاءً بكيف تكتب رواية في مئة يوم أو أقل. وجون كوين هنا لا يفعل – أغلب الوقت – إلا أن يجمع النصائح والإرشادات من هنا وهناك، مُستلهما تجارب وأقوال أساتذة الصنعة الكبار. وربما وجد القارئ الخبير بفن الرواية وبكتابتها بعض نصائحه أموراً بديهية من العبث تكرارها أو التأكيد عليها، إلا أن هذه النصائح ذاتها قد تكون مجهولة تماماً لدى آخرين. وأخيراً فإن بعض الأيام – وخصوصاً آخر 15 يوماً – ستبدو أكثر ارتباطاً بنظام النشر في العالم الغربي، حيث يتوجب على كل كاتب أن يجد له وكيلًا أدبياً يمثله أمام دور النشر لكي يستطيع التفرغ للكتابة وترك هموم المال والمساومات لهذا الوكيل. وإن لم ننتفع كثيراً بتلك الإرشادات الأخيرة نظراً لاختلاف آليات النشر لدينا في العالم العربي، فإنها على الأقل قد تساهم في تطوير مواقفنا من آليات صناعة الكتاب وعالم النشر، إلى جانب تعريفنا بما يحدث هناك على الجانب الآخر، على سبيل الفضول لا أكثر ولا أقل.
مقدمة المؤلف:
كم من المرات انتهيتَ من قراءة رواية ثم قلت: “كان بوسعي كتابة مثل هذه.” أتعرف شيئاً؟ أنت على حق. إنني أؤمن أننا جميعاً نحمل رواية واحدة على الأقل في عقولنا أو قلوبنا. وقد عبّرت الروائية توني موريسون عن هذا الأمر قائلة: “إذا كان ثمة كتاب تتوق حقاً لقراءته لكنه لم يُوجد بعد، فعليك أن تكتبه بنفسك.” كتابة كتاب ليستْ بالمهمة اليسيرة. وعلى الرغم من ذلك ففي كل يوم يصدر كتابٌ جديد.
في عام 1996 ووفقًا لموقع Books in Print [الذي يرصد كل ما يُنشر بالإنجليزية تقريباً] فقد صدر في طبعة ورقية 1.3 مليون عنواناً. وفي العام نفسه بلغ عدد الكتب الصادرة في الولايات المتحدة فقط 140 ألف كتاب. وهكذا، فلماذا لا يكون كتابك من بينها؟
ما الذي تحتاج إليه؟
أعتقد أنه إذا كان بوسعك أن تكتب جملة إنجليزية بسيطة (فعلى كل حال هكذا كان يكتب إرنست هيمنجواي)، وإذا كنت مُنتبهاً للعالم المحيط بك، وتريد أن تكتب رواية يمكن بيعها – أي أنك ترغب في هذا رغبة حقيقية، وليس مجرد أنك قد تجرب هذا – فيمكنك عندئذٍ القيام بهذا. لا أظن أن أي شخص يمكنه أن يصير كاتباً بحضور ورشة كتابة، أو بقراءة كتابٍ ما، أو حتى بقراءة النصائح التالية. الكتابة تنبع من شيء جواني وذاتي في كل كاتب. ومع ذلك فمن شأن النصائح التالية أن توفر عليك بعض الوقت، أن توجهك نحو الاتجاه الصحيح، وأن تساعدك على كتابة روايتك في 100 يومٍ أو أقل.
أهذا ممكن؟
إنه يؤتي ثماره. فلقد جربته بنفسي مراتٍ عديدة.
أعلم ماذا يعني أن تنتزع ساعة أو ساعتين من نهارك (أو ليلك) من أجل الكتابة. ليس من السهل أن تكتب رواية، وخصوصاً عندما يكون لديك عمل بدوامٍ كامل، وأسرة ومسئوليات، ولكنها مهمة ممكنة مع ذلك. أغلب الكتاب في حقيقة الأمر عليهم أن يمارسوا حياتين بينما كانوا يكتبون روايتهم. ولكن ما أن تنجح في بيع روايتك الأولى فربما تصير عندها في موقع يتيح لك أن تترك وظيفتك وتكرس بقية حياتك للكتابة بدوامٍ كامل.
لقد فعلها كبار الكتّاب من قبلك
نعم، لديك وظيفة. نعم، لديك أسرة. لكن أياً من الأمرين لم يستطع أن يعيق كبار الكتاب فيما مضى. كان الشاعر والاس ستيفن نائب رئيس شركة تأمين وخبيراً في سوق السندات المالية. كان تي إس إليوت الشاب مصرفياً، وليام كارلوس وليامز كان طبيب أطفال، روبرت فروست كان مربياً للدواجن، هارت كرين كان يحزم علب الحلوى في مستودع أبيه، وكان يكتب له الإعلانات والدعاية، ستيفن كرين كان مراسلاً حربياً، ماريان مور عملت في المكتبة العامة بنيويورك، جيمس ديكي عمل لصالح وكالة دعاية وإعلان، آرشيبالد ماكليش كان مديراً لإدارة الحقائق والأرقام في أثناء الحرب العالمية الثانية.
الاعتماد على العاطفة الخالصة
ما الذي يصنع كاتباً؟ لعله حدثٌ واحد فقط – حدثٌ يقع في وقت مبكر من العمر ويُشكّل إحساس الدهشة لدي الكاتب ووعيه بذاته.
وخذ مثلاً حالة جوزيه ساراماجو، أول كاتب باللغة البرتغالية يفوز بجائزة نوبل في الآداب. وهو ابن لأب مزارع وأم لا تعرف القراءة والكتابة، تربى في بيت لا توجد فيه كتب، وقد احتاج لنحو أربعين عاماً لينتقل من العمل اليدوي كحدّاد [صانع أقفال] إلى العمل كموظف حكومي إلى أن يصير محرراً في إحدى دور النشر ثم في إحدى الصحف. بلغ الستين قبل أن ينال الاعتراف والتقدير في بلاده وخارجها بروايته بالتازار وبيلموندا.
في طفولته كان يقضي أجازاته مع جديه في قرية اسمها ازينهاجا. حين أصيب جده بالسكتة وأخذوه إلى العاصمة لشبونة ليتلقى العلاج، يتذكر ساراماجو: “ذهب إلى باحة منزله، حيث توجد بضع شجرات، تين وزيتون. وتوجه إلى شجراته واحدة بعد أخرى، يعانقها ويبكي، ويودعها لأنه كان يعلم أنه لن يعود إليها.” يقول ساراماجو: “أن ترى هذا، أن تعيش هذا دون أن يترك بصمته عليك لبقية عمرك فأنت إذن بلا مشاعر.”
انطلق من عاطفة خالصة. حولّها إلى نثر.
هيا بنا نبدأ
دُعي [الأديب الأمريكي] سنكلير لويس ليحاضر أمام مجموعة من الطلاب حول حرفة الكاتب. وقف على رأس الصف وسأل: “كم من الموجودين هنا لديه رغبة جادة في أن يكون كاتباً؟” وارتفع أمامه بحرٌ من الأيادي المشهرة. وعندئذٍ تساءل لويس : “حسنٌ، لماذا لا تعودوا جميعاً إلى بيوتكم لتكتبوا؟” قالها ثم خرج من القاعة.
وهكذا فقد حان الوقت لكي تنهض إلى الكتابة.
ما يلي هو سجلك اليومي – كل يوم قد يحتوي كلمات للتشجيع، أو النصح، أو الحكمة، أو مهمة عليك القيام بها من أجل أن تضع كتابك على الورق. إنه ما يتوجب عليك عمله خلال المئة يوم القادمة لتكتب روايتك.
كيف تكتب رواية في 100 يوم أو أقل
اليوم 1
قال إي بي وايت، الكاتب الكبير ومحرر النيويوركر، عند تلقيه الميدالية الوطنية للأدب: “ما أسهل أن تخذل الكاتب شجاعته … إنني أعجب بأي شخص يملك الجرأة على كتابة أي شيء على الإطلاق.”
في يومك الأول هذا لكتابة روايتك، تعهد لنفسك أنك ستنجزها للنهاية. هذا أمرٌ حاسم. فبدون هذا الالتزام، قد يكون من الأفضل أن توفر الأقلام والأوراق. وتذكر أن تكتب كثيراً قدر ما تستطيع. فهذا ما يفعله الكتّاب – إنهم يكتبون.
اليوم 2
خصّص وقتاً مُحدداً لتكتب. هذا أمر هام لأنه على مدار فترة كتابة رواية، قد تشعر بفقدان الحماسة والملل والغضب، أو أنك ببساطة قد سئمت الأمر، وحين تبدأ في الشعور بهذا ستكون بحاجة إلى وتيرة مُحددة بوضوح حتى تواصل الكتابة.
أحياناً سيكون عليك أن تغيّر أوقات الكتابة لتعالج متطلبات أخرى في حياتك، ولكن كافح ليكون وقت الكتابة منتظماً قدر ما أمكنك.
ولكن ماذا نقصد بالوقت المحدد؟
على سبيل المثال ساعتان كل صباح ومثلهما في المساء، وثمانٍ ساعات ليومٍ واحد كل نهاية أسبوع. فلتقرّر كم من الوقت ستقضيه في الكتابة أسبوعياً ثم التزم به. كثيرٌ من الروائيين – باعتبار ما سيكون – يخذلون أنفسهم لمجرد أنهم يضعون جدولاً ثم لا يلتزمون به. كن واقعياً عندما تضع خطتك، ومن ثمّ لا تحد عنها بالمرة.
اليوم 3
في الأسبوع الأول، استقر على القصة التي ستكتبها. لعلك لم تعمل على كل جزئية صغيرة، لكنك اليوم سوف تشرع في معالجة الأمر. لن تسوّف – التسويف عدوٌ لك. كان [الرسّام الكبير] ماتيس ينصح تلاميذه قائلاً “إذا أردت أن تكون رساماً فلتمسك عن الكلام.” وقد حان الوقت لكي تتوقف عن مجرد الكلام بشأن كتابة روايتك. ابدأ في التخطيط لها الآن.
اليوم 4
ما نوعية الروايات التي تعجبك؟ ما الذي يجعل عُصارتك تتدفق؟ هل هي لغز جريمة قتل، أم خيال علمي، أم قصة تشويق وإثارة، أم حكاية عاطفية، أم أنها الكتابة الأدبية العامة؟
يَعتبر الكثيرون أن آليس مونرو هي أفضل كاتبة للقصة القصيرة في اللغة الإنجليزية. تبيع كتبها حوالي ثلاثين ألف نسخة سنوياً، وهي من الكاتبات التي يُعجب الأدباء الآخرون بمهاراتها التقنية وصفاء أسلوبها. كما أنها عُرفت بالتركيب المعقد لقصصها. والقصة النموذجية لدى آليس مونرو قد تبدأ في نقطة يعتبرها أغلب الكتاب نهاية مناسبة، ثم تقفز إلى لحظة ما بعد عشر سنوات، ثم تعود من جديد. لكن أهم ما يميّز آليس مونرو – التي تعيش في بلدة صغيرة بجنوب كندا – هو أن قصصها تدور حول الناس العاديين: أسرارهم، ذكرياتهم حول أحداث عنيفة، أشواقهم الجنسية.
فكّر فيما تكتبه انطلاقاً مما يدور حولك، مما تعرفه وتهتم به.
اليوم 5
بصرف النظر عن نوعية الكتاب الذي قررت كتابته، لا توجد غير قاعدة واحدة مهمة وهو أن تكون قصتك ممتعة للغاية. قد تكون مثيرة، أو مخيفة، أو مرحة، أو حزينة – ولكن يجب ألا تُضجر القاريء.
اليوم 6
حلّل وتعلم. اختر رواية مفضلة لديك من النوع الذي ترغب في كتابته وأعد قراءتها، كما لو كانت كتيب يرشدك كيف تصير مليونيراً. ثم أعد قراءتها مجدداً، وقسّم الكتاب لأقسام صغيرة. أعدّ مخططاً بالحدث وارسمه على صفحة ورق كبيرة، وثبتها بدبوس على جدار غرفة مكتبك.
اليوم 7
رغم عدم وجود قواعد بشأن أفكار القصص، فسوف أقدم لكم تحذيراً صغيراً: تناولوا الأفكار الصغيرة. من أسوأ الأخطاء التي قد يبدأ بها روائي العمل على روايته هو الاستعانة بالأفكار الكبيرة في محاولة للتوصل إلى قصة تختزل العالم كله بداخلها، على اعتقاد أنه كلما كانت الفكرة أكبر كانت أفضل. وهذا ليس صحيحاً. فلتكن فكرة قصتك صغيرة ومركزة. انبش في روحك المبدعة عن قصة صغيرة لها مغزى عميق عندك، فكلنا أبناء في عائلة إنسانية واحدة، وإذا أبدعت قصة ذات مغزى عميق بالنسبة لك فغالباً ما ستكون كذلك بالنسبة للآخرين.
اليوم 8
يمكن للمحاكاة أن تؤدي إلى الأصالة. قم بتمارين [كتابة] قصيرة تحاكي فيها أساليب مختلفة. جرّب عشرة أصوات إلى أن تعثر على الصوت الملائم لك. قلّد اليد الواثقة لمُعلم كبير. ولكن تذكر هذا: فلتكتب اعتماداً على تجربتك أنت. كتب جون براين – مؤلف رواية غرفة على السطح: “إذا كان لصوتك أن يُسمع وسط آلاف الأصوات، وإذا كان لاسمك أن يعني شيئاً بين آلاف الأسماء، فسيكون السبب الوحيد هو أنك قدمتَ تجربتك الخاصة صادقاً.”
اليوم 9
لا تخشَ أن تكتب مشاهد أو أجزاء لا تقود إلى أي مكان، ولا تستبعدها لهذا السبب. اتبع نصيحة الكاتبة جوان ديديون. إنها تثبتها بالدبابيس على لوحة، عازمة على الاستعانة بها فيما بعد. تقول إنها وفي مستهل عملها على رواية كتاب الصلاة المشتركة، كتبتْ مشهداً لشخصية شارلوت دوجلاس تذهب فيه إلى المطار. وقد أحبت المشهد الذي لم يزد عن بضع صفحات من النثر، غير أنها لم تستطع أن تجد له موضعاً ملائماً. تقول: “كلما اخترتُ له موضعاً أجده يعيق تقدم السرد؛ وكان يبدو خطأً في كل موضع، غير أنني صمّمت على الاستعانة به.” وأخيراً وجدت له بقعةً مناسبة في منتصف الكتاب. “أحيانا يمكنك أن تفلت من المأزق في منتصف الكتاب.”
اليوم 10
قبل أن نفرغ من مسألة العثور على قصتك، دعني أفند لك كليشيه آخر بخصوص كتابة الرواية، وهو: اكتب فقط عن شيء تعرفه.
لا بّد وأنك سمعت هذا من قبل، وهو كلام فارغ. فمثلا توم كلانسي لم يكن أبداً ضابطاً على غواصة قبل أن يكتبالبحث عن أكتوبر الأحمر . ومن المضمون أن نراهن على أن ريتشارد باش لم يكن نورساً حتى يكتب النورس جوناثان ليفينجسنون.
وبدلاً من أن تكتب عمّا تعرفه يمكنك أن تكتب عمّا تحبه. لا يهم ما هو هذا الشيء، المهم أن تحبه. على سبيل المثال، كان آرثر جولدن، مؤلف رواية مذكرات فتاة جيشا، قد عاش في اليابان وعمل لحساب مجلة تصدر باللغة الإنجليزية في طوكيو حين أتته فكرة كتابه سنة 1982، وفي عام 1986، وبعد أن نال إجازته في الكتابة الإبداعية من جامعة بوسطن، بدأ بعمل أبحاثه حول حياة فتيات الجيشا واكتشف بداخلها “ثقافة فرعية لها قوانينها الغريبة”. اقتضى منه الأمر عشر سنوات والعديد من المسودات قبل أن يبيع الكتاب إلى دار آلفريد آ. نوبف مقابل 250000 دولاراً أمريكياً.
اليوم 11
ما لم تكن مُلماً بروايتك ذاتها، فلتبدأ بالكتابة عمّا تعرفه منها، شيئاً حول المكان أو شخضيات الكتاب. فمن الأسهل كثيراً أن تبدأ العمل على كتابك إذا كنت تكتب عن أشخاص وأماكن وأشياء أنت مُطلع عليها مُسبقاً.
اليوم 12
اختر شخصياتك أولاً، ذلك أن اختيارها أصعب من اختيار إحدى القصص.
عند الكتابة، قد تتغير الحبكة وقد لا تتغير، ولكن الشخصيات سوف تنمو وتكتسب حياتها الخاصة. وإذ تنمو شخصياتك ستتخذ سمات وطبيعة مميزة لها، وكما تعرف أصدقائك المقربين ستعرف أيضاً ما يمكن أن تفعله إحدى الشخصيات في موقف محدد وما لا يمكن أن تفعله.
يقول كاتب روايات الألغاز أوكلاي هال أن على أي كاتب “أن يُنصت لمتطلبات شخصياته، فحين تنبعث إلى الحياة قد تصر على مصيرٍ ما غير ذلك الذي أُعطي لها.”
اليوم 13
جهز رزمة من بطاقات الورق المقوى، مقاس 5 × 7، واكتب اسم كل شخصية أعلى البطاقات. ثم فكر في الدور الذي ستعلبه كل شخصية في قصتك، وما طبيعة هذا الشخص: السن، التعليم، محل الميلاد، وما إذا كان انفعالياً، مرحاً، بديناً، قبيحاً. ما هي سماته الغريبة؟ هل يغسل يديه 500 مرة يومياً؟ هل يسمع أصواتاً في رأسه؟ هل كان من نوعية الأطفال الذين يحبون تعذيب القطط؟ اكتب هذا كله، اكتب كثيراً حتى تتوصل في نهاية الأمر إلى معرفة تلك الشخصيات معرفة حميمة. كان آلفريد هيتشكوك يكتب مشاهده على بطاقات الورق المقوى، كل مشهد على بطاقة. وكان يقول إنه بهذه الطريقة عندما يحين وقت تصوير الفيلم يكون قد صوّره مسبقاً.
ستكون بعض الشخصيات رئيسية، تدور القصة حولهم؛ وآخرون سيلعبون أدواراً ثانوية، ولكن لا غنى عنهم أيضاً، بما أنه لا بدّ من سبب لوجود كل لاعب في اللعبة. إن كان وجودهم في روايتك بلا سبب فسوف يبطئ من تقدم القصة، والبطء يجلب الملل للقاريء.
اليوم 14
تتم كتابة أغلب الروايات وفقاً لصيغة جاهزة مسبقاً، وخاصةً تلك التي تحقق أفضل المبيعات. على سبيل المثال، جون بالدوين، المؤلف المشارك في رواية الطاعون الحادي عشر: رواية رعب طبي، وضع صيغة بسيطة استعان بها لبناء روايته.
وصيغته المكونة من عشر خطوات هي:
1.البطل خبير [متخصص في مجالٍ ما].
2.الشرير خبير [متخصص في مجالٍ ما].
3.لا بدّ أن نرى كل النذالة والخسة فوف كتف الشرير.
4.البطل يقف وراءه فريق من الخبراء في مجالات متنوعة.
5.شخصان أو أكثر من فريقه لا بد أن يطوّروا علاقة حب.
6.شخصان أو أكثر من فريقه لا بد أن يموتوا.
7.لا بدّ أن يحوّل الشرير اهتمامه من هدفه الأصلي إلى الفريق نفسه.
8.لا بدّ أن يظل البطل الخيّر والشرير على قيد الحياة ليتمكنا من الدخول في معركة في التتمة.
9.لا بدّ من تقديم حالات الموت من وجهة نظر فردية ثم الانطلاق للمجموعة: أي، إياك والقول إن القنبلة انفجرت وصُرع عدد 15 ألف شخص. ابدأ ب “كان جيمي وسوزي يتنزهان في الحديقة العامة مع جدتهما عندما انشقت الأرض.”
10.إذا عجزت عن التقدم في قصتك، ما عليك إلا أن تقتل شخصاً ما.
هناك المزيد حول الصيغة الجاهزة. حين بدأ إرنست هيمنجواي عمله كمراسل صحافي شاب لجريدة كانساس سيتي ستار، تم تسليمه صفحة بتعليمات الأسلوب عليها أربعة قواعد محددة، وهي:
استخدم جملاً قصيرة.
استخدم فقرات قصيرة.
استخدم لغة حيوية.
استخدم صيغ الإثبات، لا النفي أبداً.
وعند سؤال هيمنجواي بعدها بسنوات عن تلك القواعد قال: “كانت تلك هي أفضل قواعد تعلمتها على الإطلاق في مجال الكتابة. ولم أنسها بالمرة. ولا يوجد أحد يمتلك أدنى الموهبة، ويشعر ويكتب بصدق عما يحاول أن يقوله، يمكنه أن يخفق في كتابته إذا ما التزم بتلك القواعد.”
اليوم 15
طوّر شخصياتك وحبكتك جنباً إلى جنب. فلا يمكنك أن تشكل إحداها جيداً بمعزل عن الأخرى. شخصياتك ليسوا مخلوقات خشبية سقطت من السماء مكتملة بفعل السحر. بل هي عناصر لا غنى عنها للدراما التي تخلقها. عليهم أن يفعلوا شيئاً منطقياً أو غير منطقي (وهو ما يعني الحبكة) ليضيفوا إلى القصة وينتقلوا بها نحو ذروتها القصوى. لا تفصل أبداً الشخصيات عن الحبكة.
اليوم 16
على قارئك أن يُصدق أن شخصياتك موجودة أو يمكن أن توجد – ولا بدّ أن تكون جذابة بصورة فريدة. ولا شيء أفضل لتحديد طبيعة شخصياتك من أفعالها، وأهدافها في الحياة. قد يكون الهدف خيراً أو شراً، لا يهم، المهم أن يرى القراء أفعالها وأهدافها، ويؤمن بهم، ويبقى على اهتمامه بهم باستمرار.
لا تكتب قصة تزدحم بآلاف الشخصيات. فلتكن حكايتك عن شخص أو اثنين أو ثلاثة فقط، ولكن لا يمكن نسيانهم، وجميعهم ممتلئون بالأهداف والمقاصد.
اليوم 17
إنك بحاجة إلى بطلٍ قوي. يجد أغلب الكتّاب مشكلة في رسم شخصية بطل أكبر من الحياة، تامة النضج، ومتماسكة.
تذكر أن بطلك هو الشخصية الرئيسية لقصتك. إنه الشخص الذي سيتوحد به قارئك، إنك تريد من القراء أن يولعوا ببطلك. هو – أو هي – صديقك الحميم الجديد.
اليوم 18
اكتشف مَن الذي تحتاج إليهم في قصتك، وماذا يفعلون معاً أو لبعضهم البعض، وما الذي تفعله بهم القصة ذاتها. هل ينجرّون جميعاً في اتجاه واحد؟ أم يمضون في ست اتجاهات مختلفة. اسأل نفسك السؤال الحاسم: أي شيء سيكون أكثر جاذبية للقاريء؟ ذلك هو الاختبار الحاسم لنمو الشخصية وللحبكة. هل سيكون القاريء شغوفاً بهذا؟ هل سيكترث؟
لتحرز نجاحاً في تنمية الشخصية والحبكة، عليك أن تتخذ قرارات صعبة. عليك ألا تأخذك الشفقة بشخصياتك وقصتك. مَن يبقى ومن يُستبعَد؟ ماذا يبقى وماذا يُستبعَد؟
وبصراحة، هذا هو الموضع الذي يتوقف فيه كثيرون ممن يكبتون روايتهم الأولى، فهم لا يستطيعون أن يحسموا اختيارهم. فإن الاحتمالات العديدة تفتن عقولهم، أو تصيبهم بشللٍ تام.
لا تغامر بهذا، كن قاسياً صارماً. جرب خيارات مختلفة بالطبع، ولكن لا بدّ أن تحرّك القصة إلى الأمام حدثاً بعد حدث، جاذباً معك كل شخصية. وكلما تكشّف حدثٌ ما لا بدّ أن يكون لكل شخصية رد فعلها عليه. تماماً كما تجري الأمور في الحياة الواقعية.
إذا صدمت سيارة أحد الأطفال فصرعته في الحال، فإن حياة سائق السيارة تتغير إلى الأبد، وكذلك حياة والدي الطفل، وكذلك حياة أشقائه وشقيقاته وأصدقائه وحتى شرطي المرور وعابري الطريق لحظتها. عليك أن تقرر ما هي تلك التغييرات. عليك أن تقرر. هذه فرصتك لتلعب دور الآلهة – وإذا كنت تنوي أن تكتب سرداً فعليك أن تلعب ذلك الدور. الآلهة تكمن في التفاصيل، الآلهة تقرر مسار الرواية.
اليوم 19
واصل طرح سؤال “لماذا؟” بينما تصل إلى نهاية الأسبوع الثاني من تحديد شخصياتك، سيكون لديك كومة من بطاقات الشخصيات بمقاس 5×7 التي توضح تفاصيل الحياة الخاصة لكل شخصية في قصتك على حدة، نزولاً إلى مقاس خصورهم ولونهم المفضل. كان الروائي فلاديمير نابوكوف [صاحب لوليتا] يؤلّف كل رواياته على بطاقات الورق المقوّى.
اليوم 20
“صوتك” هو صوتك أنت، و”أسلوبك”، هو أسلوبك أنت. لا تحاول أن “تبدو مثل” أحد الكتاب المشاهير. كثيرٌ من الكتاب المبتدئين يشعرون أن عليهم إضافة شيء ما إلى “صوتهم” الخاص على الصفحة المطبوعة. من تكونه على الصفحة هو من تكونه في الحياة، بنفس قدر تمرسك وبنفس قدر خبرتك بالحياة والناس، أو بنفس قدر انعدام التمرس وافتقار الخبرة. لا يهم، واصل الكتابة وواصل استبعاد الأجراء المرتبكة التي تتسلل إلى كتابتك. كن على طبيعتك. فكما كتب الروائي الفرنسي، فرانسوا رينيه دي شاتوبريان: “الكاتب الأصيل ليس هو من يحاكي أي شخص، بل هو من لا يستطيع أي شخص أن يحاكيه.”
اليوم 21
أعدّ مخططاً تقريبياً لأحداث قصتك من الفصل الأول وحتى النهاية.
تقول الروائية كاثرين آن بورتر: “إن لم أعرف نهاية قصتي لما بدأتها.”
اكتب الفقرة الأخيرة من روايتك ثم ضعها في الدرج. وعند نهاية المئة يوم دعنا نر إلى أي حدّ نجحتَ في الاقتراب من مخيلتك.
اليوم 22
لا تقم بأي شيء – أي شيء بالمرة – في روايتك من ناحية الكتابة الفعلية لها إلا بعد أن تكون قد وضعت حبكتك كاملة على الورق (جنباً إلى جنب الشخصيات ودور كل منها في الرواية).
لا تقع ضحية للقول القديم للمؤلفين: “لقد بدأتُ انطلاقاً من فكرة أساسية وشخصيات قليلة. لم أعلم أبداً إلي أين سأتجه. تركتُ الشخصيات تحكي الحكاية بدلاً مني.” قد يكون هذا ناجعاً بالنسبة لروائيين متألقين ومُحنكين، لكن أغلبنا بحاجة إلى خارطة طريق واضحة إذا أردنا ألا نتوه بلا أمل نحن وقراؤنا معنا.
اليوم 23
قم بتعليق البطاقات والمخطط التمهيدي الذي أعددته على جدران مكتبك أو الغرفة التي تكتب فيها حتى يمكنك قراءتها بسهولة.
اليوم 24
ما يريده المحررون والقراء هو كتاب مشوّق ومكتوب جيداً، تُحركه دوافع الشخصيات أكثر من الحبكة وله بداية واضحة.
اليوم 25
إنك الآن قد أنجزت:
1.تعهداً بالمواصلة.
2.جدول عمل.
3.فكرة القصة.
4.مجموعة الشخصيات.
5.حبكة مفصلة للقصة بكاملها.
6.وصف موجز لما تدور عنه الرواية.
اليوم 26
حدّد هدفاً لنفسك أن تكتب على الأقل أربع صفحات يومياً. وذلك يعني من 300 إلى 325 كلمة، بالكتابة على سطر دون الآخر. في بعض الأيام لن تكتب أكثر من صفحة واحدة؛ وفي أيام أخرى سوف تكتب 15 صفحة. حاول أن تعمل بمعدل أربع صفحات يومياً على الأقل.
اليوم 27
إن روايتك هي عمل من صنع الخيال، لكن ذلك لا يعني ألا تكون حقائقك سليمة وصادقة، فلا شيء يُنفر القارئ بقدر ما تنفره حقيقة غير دقيقة، ولا شيء يضفي على قصتك المصداقية مثل الحقائق أو التفاصيل الصحيحة. استعن بالانترنت في بحثك. وانظر كذلك في المجلات والصحف التي صدرت في زمن ومكان روايتك. كان جور فيدال يستعين بالطبعات القديمة من مجلة هاربر بحثاً عن التفاصيل عند كتابة روايات تاريخية.
اليوم 28
مجرد الجديث لا يعتبر حواراً، فالحوار له غرض ومقصد. إنه يدفع القصة للأمام، ويُبقي القارئ منتبهاً وواعياً بالقصة، ويُشعره بأنه في قلب الأحداث. وعلى هذا، فلا تصف الأحداث البعيدة كأنها خبراً على لسان أحدهم، بل ضع القاريء وسط أحداث قصتك مباشرةً وسوف يصبح حوارك عفوياً وطبيعياً. لتكن حوارات قصتك فعالة ونشطة، وتأكد دائماً من أن القاريء يعرف مَن الذي يتحدث.
اليوم 29
تطلع في المرآة واكتب عن الشخص الذي تراه، حاول أن تصف الشخص الذي تراه في المرآة لرجلٍ أو امرأة لم تلتقِ به من قبل أبداً. التزم في فقرة الوصف بعدد كلمات لا يزيد عن 300 كلمة. اجعل هذا “المرء” شخصية في روايتك، سواء كان هو البطل أم الرواي أم أحد الشخصيات الثانوية في الحبكة.
اليوم 30
ذات مرة علق الروائي كيرت فونيجت قائلاً: “إن الموهبة شيء شائع لأقصى حد، أما الأمر النادر فهو الاستعداد لتحمل حياة الكاتب. إنه أقرب إلى رسم ورق حائط باليد لكنيسةٍ عملاقة مثل التشابيلا سيستينا.”
اليوم 31
في وقتٍ مبكر من تخطيطك التزم بوجهة نظر. على هذا النحو يجد القارئ أساساً صلباً للقصة. ما أن تقرر أي شخصياتك ستكون هي الشخصية حاملة وجهة النظر التزم بقرارك هذا. لا تحوّل وجهة النظر. أمّا إذا اخترت تعدد وجهات النظر، فلتعرض قصتك من وجهة نظر شخصية واحدة في كل مرة، لكي تتحاشى إرباك القارئ.
اليوم 32
احمل دفتر أوراق صغير معك. اشرع في الكتابة بينما تنتظر بداية اجتماع ما. اشرع في الكتابة إذا كنت مسافراً على متن طائرة. اشرع في الكتابة كلما وجدتَ لحظة سانحة. فأنت الفائز بما تكتبه في تلك الأوقات السانحة.
اليوم 33
التشويق من المكوّنات الأساسية للعمل السردي. ونتيجةً له يسأل القراء: تُرى ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ وسوف يواصلون القراءة لاكتشاف الإجابة.
اليوم 34
عندما تستعين بشخصيات لتقدم من خلالها معلومات وأدلة لا تنس اللغة الجسدية للشخصيات. فتلك الإشارات غير اللفظية يمكنها أن تنقل ما تعجز الكلمات عن نقله، واسأل أي عاشقيْن.
اليوم 35
جرب أن تكتب أولاً بيدك، ثم على الكمبيوتر. سوف يمنحك هذا مراجعتين لنثرك قبل أن تبدأ مرحلة التحرير.
اليوم 36
ليكن هدفك أن تبتكر صورة واحدة مدهشة في كل صفحة. على سبيل المثال، حاول أن تحاكي هذه الصورة لشروق الشمس عند البحر بقلم فيليب كابوتو في روايته الرحلة the Voyage :
“ظهر وميضٌ ذهبي في الموضع المفترض للأفق، ثم اندلعت شمسٌ حمراء، مثل رأس طفل ناري يبزغ من رحم السماء الرمادي – الماء يلدُ العنصر النقيض له.”
اليوم 37
لا تسهب وتطنب لمجرد أن التكنولوجيا تتيح لك ذلك. إن أجهزة الكمبيوتر والانترنت جعلت كل شيء أكثر سهولة، من البحث عن معلومات إلى الكتابة والمراجعة والتحرير. واصل التفكير بأشياء صغيرة، فجميعنا نشعر أحياناً أن الأفلام ومُباريات الكرة أطول من اللازم. ماذا عن الكتب؟ سيقول لك الناشرون والمحررون: السياق هو ما يُحدد الطول. تذكر فقط أن [رواية فيتزجيرالد] جاتسبي العظيم طولها حوالي 200 صفحة فقط.
اليوم 38
بدون الوصف لن يتكوّن لدي القارئ إحساس بالمكان والزمان والمزاج النفسي – وجمعيها لا غنى عنها لقصتك. لكن مع وصف أكثر من اللازم سوف تعوّق تقدم قصتك وتصير مملة. ادخل، قدّم التفاصيل قوية التأثير، ثم اخرج من جديد. لا تستغرق في وصفك (أو في بحثك). اخلق عالماً يمكن لشخصياتك فيه أن تحيا وتتنفس، لا أن تقيم في بلادة كأنها نباتات.
اليوم 39
الأفكار، جديدها وفريدها – هذا هو ما يفاجئ قُراءك، ويُشبعهم ويسعدهم. فلتبق بعيداً عن المجرّب والواقعي. اكتب مُستعيناً بالخيال.
اليوم 40
يقول ريك باس، واحد من أصحاب أفضل الأساليب، أن كُتاب السرد – شأنهم شأن البنائين – يلزمهم كلٌ من القوة والدقة لبناء قصة محكمة. يقول: “سيكون عليك أن تضع حجراً فوق الآخر بحيث يتلاءمان معاً، ولكن ستكون بحاجة لعافية لكي تجرّ تلك الأحجار من هنا وهناك.”
اليوم 41
حين كانت شيرلي جاكسن ربة منزل وأم لأربعة صغار وأستاذة في الجامعة، نادراً ما كانت تجد وقتاً للكتابة في أثناء النهار. ومع ذلك فحين جلست إلى مكتبها ليلاً، فإن قصة مثل قصة “اليانصيب” تدفقت منها في مُسودة أولى ممتازة. لماذا؟ لأنها كانت تفكر فيها طوال اليوم. اعتمد على لاوعيك ليتولى المسئولية و”يعالج” الأفكار التي ترد إليك خلال نهارك.
اليوم 42
الشخصيات الجيدة تنمو وتتطور اعتماداً على أمرين بشكل أساسي: أفعالها ومعتقداتها. إننا نكتسب فهماً للأشخاص من خلال ما يفعلونه وما يعتقدونه في الأحداث الدرامية الخاصة بالقصة.
اليوم 43
لاحظ الشاعر [الإيطالي القديم] هوراس في القرن الرابع عشر قبل الميلاد تقريباً أن على الكتّاب محاولة “أن يقولوا فوراً ما يتوجب عليهم قوله فوراً”. بتعبير آخر: أمسك بتلابيب قارئك من جملتك الأول.
اليوم 44
لا تيأس أو تفقد حماستك، واصل الكتابة. وتذكر أن رواية آيرونويد ironweed الفائزة بجائزة البوليتزر، لمؤلفها وليام كينيدي رفضها 13 ناشر قبل أن يتدخل الكاتب الكبير سول بيلو ويدعمها. وعندما رفض أحد المحررين رواية لورانس جي بيتر The Peter Principle كتب له “ألا يتوقع أية إمكانيات نجاح تجاري في كتاب كهذا.”
اليوم 45
كانت نصيحة أنطون تشيخوف بسيطة بَساطة لافتة: “إذا كان هناك مسدس معلق على الحائط في المشهد الأول من المسرحية، فلا بدّ أن يتم إطلاق رصاصة منه قبل النهاية.” عليك أن “تفحص” العمل كاملاً وفي ذهنك تلك النصيحة واقتطع أي شيء لا يُساهم في اكتمال القصة.
اليوم 46
أن تكتب جيداً ليس بالأمر الهيّن بل هو باهظ الكلفة عاطفياً. الراقصون، على سبيل المثال، يعرفون أن أقدامهم سوف تدمى، وعازفو البيانو يعرفون أنهم سيتدربون حتى يبكون من الألم في أصابعهم. كتابة رواية ليست مثل كتابة رسالة. كتابة رواية أمر مُنهك عقلياً، وأصعب كثيراً من وظيفة بدوامٍ كامل. حين تكتب رواية تعيش الحياة الخاصة بشخصياتك.
اليوم 47
في عام 1979، وفي عمر الثمانين بدأت جيسي بي براون فوفوكس تكتب قصة حياتها. كتبت حكايات بريئة عن ماضيها، حكايات عن جدتها وعمتها البعيدة كلارا التي كانت تمضغ التبغ ويمكنها أن تُسدّد بصقات بحجم كريات الزجاج.
في كل صباح كانت تتوجه إلى مطبخ شقتها البيضاء المكوّنة من غرفتي نوم في مانهاتان، كانساس، حيث ربّت ثمانية أبناء. تجلس إلى طاولة المطبخ ثم تشرع في الكتابة مستعينة بدفاتر القص واللصق القديمة والرسائل والصور الفوتوغرافية. ويوماً بعد يوم، وأسبوعاً بعد أسبوع، كتبت بخط يدها قصة حياتها، مسجلةً الأحداث المفصلية: المواليد، الوفيات، زيجة واحدة، ثلاثة حروب، فيضان واحد، جنباً إلى جنب الأشياء التي أشعلتْ خيالها، مثل المرة الأولى التي رأت فيها لورانس ويلك. وبعد أن أتمت حكي أحداث حياتها، بدأت تكتب عن العالم الذي لم تتحدث عنه قط: مشاعرها وأفكارها.
كتبت جيسي لي هذا كله على يد مُعلم هو تشارلي كيمبثورن، في برنامجه لسنوات الحصاد، وهو برنامج مخصص لكبار السن. طبعت الكلية المحلية لها كتاباتها بعنوان حياة جيسي لي براون من الميلاد حتى سن الثمانين، في ثلاثين نسخة فقط تم توزيعها على الأسرة والأصدقاء. كان هذا قبل عشرين عاماً، أما الآن فإن الأسرة والأصدقاء والغرباء مازال بمقدورهم قراءة كتابها ذي المئتي وثمانية صفحة، بعنوان Any Given Day أي يوم متاح: حياة وأزمنة جيسي بي براون فوفوكس: ذكريات لأمريكا القرن العشرين [مطبوعات دار بروكس، 1997].
منذ أن كتبتْ كتاب مذكراتها الأول، أنجزت جيسي لي كتابين آخرين، أحدثهما هو ثرثرات جدة حول هذا وذاكGranny’s Ramblings of This and That Two، وتمت طباعته في 1993. في ذلك العام كتبت رسالة إلى المعلم الذي شجّعها على حكي قصتها، كتبت: “شكراً لك كل الشكر لأنك لم تفقد الأمل فيّ. أنا لستُ كاتبة، غير أن مجهودي الضئيل صنع اختلافاً هائلاً في حياتي.”
إن لم تكن جيسي لي براون كاتبة، فمن يكون؟ إن حياة كل شخص هي كتاب. لقد حكت جيسي لي قصتها. واشترتْ وارنر [شركة الإنتاج السينمائي] قصتها مقابل مليون دولاراً.
اليوم 48
المثابرة هي كلمة السر. قال الروائي هارلان إليسون ذات مرة إذا كان بمقدور أي شخص أن يمنعك من أن تكون كاتباً فلن تكون كاتباً.
اليوم 49
ترى الكاتبة الموهوبة جو- آن مابسون، التي صدر لها نصف دستة روايات، أن الكاتب بحاجة إلى هواية جسدية. “شيء يأخذك بعيداً عن الكتب والنقاد، لأن من شأن هذا أن يعلمك وأن يُلهمك الكثير، ويغير من طبيعة كتابتك.”
اليوم 50
حين تحدث الشاعر والروائي جيمس ديكي إلى طلابه قرب نهاية حياته قال: “لا أقصد أن أروّج للشاعر كل هذا الوقت، ولكنني أفعل هذا أساساً لأن العالم لا يقدّر الشاعر كثيراً. إنهم لا يفهمون الموضع الذي أتينا منه. لا يفهمون جدوانا، لا يفهمون إن كانت ثمة جدوى من الأساس. إننا سادة السر الأعظم، وليس هم. ليس هم. فلتتذكروا ذلك حين تكتبون.”
اليوم 51
عاش أغلب الكتّاب طفولة غير سعيدة. كان دين كونتز على سبيل المثال هو الطفل الوحيد لأمٍ واهنة جسدياً وأب عنيف ومدمن خمور والذي حاول الانتحار مرتين وفي نهاية الأمر أودع في إحدى مؤسسات الرعاية. أثارت هذه الطفولة الرهيبة شغفاً بالكُتب في نفس كونتز.
تنبع إحدى أولى ذكرياته من الفترة التي أودعت فيها أمه المستشفى لشهور عديدة. وفي عمر الثالثة أو الرابعة، كان كونتز يقيم لدى إحدى صديقاتها والتي كانت كل ليلة تضع الطفل الصغير في الفراش وتقدم له الآيس كريم وتقرأ له كتاباً. ربط كونتز أحاسيس الأمان والسعادة تلك بحكي الحكايات وقد بقيت هذه الصلة معه.
قرأ كونتز رواية كينيث جراهام الريح في الصفصاف خمسين مرة على الأقل، مستمتعاً بموضوعها حول “الأصدقاء الذين يبقون معاً للتغلب على الأشرار”. اعتمد كونتز على الكتب في سن التاسعة لتُظهر له أنه ليست جميع الأسر كأسرته.
يقول كونتز: “لقد نشأتُ كطفلٍ ناضج لأب مدمن للكحول.” أما اليوم فهو يعمل ستة أيام أسبوعياً، ويصل لمكتبه في السابعة والنصف صباحاً. يكتب حتى وقت العشاء، ولا يخرج للغداء.
ولكن ماذا عساه أن يصنع من لم يعش طفولة بائسة؟ قال إرنست هيمنجواي ذات مرة إنه لا بدّ أن يكون للكتّاب طفولة فظيعة، أو على الأقل أن يعتقدوا أن طفولتهم كانت كذلك.
اليوم 52
قال إف. سكوت فيتزجيرالد: “الشخصية هي الفعل.”
الشخصيات لا تتحرك في الفراغ، فغالباً ما ترتبط أفعالهم بأشخاص آخرين، ومن تلك التفاعلات فيما بينهم تتكوّن المشاهد. إن المشاهد التامة، وأنصاف المشاهد، والفقرات السردية هي أحجار البناء التي نشيد منها خط القصة الموّحَد.
اليوم 53
خلال تصوير فيلم “Friendly Persuasion” – عن رواية للكاتب جيزامين ويست، يتذكر ويست مخرج الفيلم وليام وايلر وهو يقول: ” علينا أن نضيف مزيداً من إثارة التوقعات هنا، هل سيفعل البطل هذا أم ذاك؟ وهل سيفعله أم لا؟”. وويست ككاتب لم يكن يميل لأن يقدم ما فيه الكفاية من ذلك التوتر، وهو الشيء الذي يريده القراء بشدّة.
اليوم 54
اذهب إلى المكتبة العامة وتصفح كتباً تدور حول الطعام وأعمال الحدائق والبستنة. إن مؤلفي تلك الكتب يصفون الروائح والمذاقات والملامس، وحتى الأصوات بأدق تفاصيلها. عند الكتابة اذكر على الدوام إحساسات الروائح والملمس. الوصف الجيد يعتني بكل الحواس.
اليوم 55
اختر تفاصيلك باعتناء، فكما قال مارك توين: “استخدم الكلمة المناسبة، وليس بنت عمها.” تذكر أن الأفعال هي أقوى الأجزاء في أي جملة. وكما عبرّت ريتا مي براون عن الأمر: “الأفعال هي الريح التي تحملك على الطريق السريع.”
اليوم 56
في كتابهما عناصر الأسلوب يشير كلٌ من سترانك ووايت إلى: “إذا كان على هؤلاء الذين درسوا الكتابة أن يتفقوا على نقطة واحدة ستكون هذه: الطريقة الأضمن لإثارة القاريء والإمساك بتلابيبه هي أن تكون كتابتك محددة وواضحة وملموسة.”
اليوم 57
خذ عطلة من العمل في روايتك. خذ إجازة ليوم أو لأسبوع. بعد هذه الفترة سترى عملك بعينٍ جديدة.
اليوم 58
تذكر أن الروايات قد تكون حبكتها خفيفة وقد يكون أسلوبها هشاً، لكن الشيء الوحيد الذي يمكنه إنقاذ أي كتاب واكتساب تعاطف القراء هو شخصيات [واقعية] من لحم ودم، ذات صفات ودوافع يمكن أن تُصدّق.
اليوم 59
هناك قول مأثور قديم عن الكتابة، يقول: “إياك والإخبار، عليك بالإظهار.”، ومعناه لا تخبرنا عن الغضب، بل أظهره لنا. وعندئذٍ سوف نقرأ ونشعر بالغضب. لا تخبر القارئ بما عليه أن يشعر به، بل أظهر له الشخصيات والموقف، وسوف يصحو بداخله شعور الغضب (أو الأسف، أو الحب، أو النزاهة، أو العدالة، إلخ.).
اليوم 60
إذا كتبت خمس صفحات يومياً على مدى الستين يوماً الماضية، فقد كتبت حوالي 90.000 كلمة. آن أوان إعادة الكتابة وتحرير روايتك.
اليوم 61
لقد كتبتَ ما يقرب من 300 صفحة.
ولكن هل تلك الصفحات تعتبر رواية؟
هل لها بداية ووسط ونهاية؟
أعد قراءة روايتك واسأل نفسك: هل طرحتُ سؤالاً أو قدمت لغزاً، ثم حللته؟
إذا كان بوسعك أن تقدم جواباً مُرضياً لهذا السؤال، فلتمض قُدماً إذن.
اليوم 62
صحح كتابك لغوياً وإملائياً.
اليوم 63
اطبع نسخة ورقية من كتابك.
اليوم 64
ضع الكتاب في مكانٍ آمن واتركه جانباً لأسبوعين.
اليوم 65
الآن وقد ابتعدتَ لفترة عن روايتك، فقد حان الوقت لأن تبدأ عملية تحريرها. قبل أن تبدأ تذكر أن جيمس إن. فري يقول في كتابه كيف تكتب رواية جيدة حقاً How to Write a Damn Good Novel: “فلتعتبر الذروة هي مرمى الهدف وبقية قصتك هي رحلة السهم نحو الهدف.” آن الأوان لتراجع “الرحلة” ذاتها.
اليوم 66
عد أدراجك واقرأ الرواية كاملة من البداية للنهاية، انتبه للسطور والعبارات التي تفتقد للرشاقة، ولكن واصل القراءة. لا تنشغل بإعادة الصياغة، ليس الآن.
اليوم 67
حرّر نصك فقرة بعد أخرى. نظف عظام قصتك من الزوائد. انتقل فصلاً بعد آخر وتخلص من “كل أعزاءك” كما اعتاد وليام فوكنر أن يسمّي النثر الفائض عن الحاجة.
اليوم 68
أعد قراءة صفحاتك – صفحة واحدة في كل مرة – بصوت مسموع، لكي “تسمع” أي جملة مُرتبكة أو تفتقد رشاقة التعبير.
اليوم 69
عد للمراجعة واحذف من كل صفحة مجازاً مبالغاً فيه أو تشبيهاً زائداً عن الحاجة. كما عبر إف. سكوت فيتزجيرالد عن ذلك قائلاً: “لن تندم أبداً على أي شيء تحذفه من كتابٍ لك.”
اليوم 70
من كل فقرة احذف صفة واحدة أو ظرفاً واحداً.
اليوم 71
أعد قراءة روايتك مرة أخرى وفتش فقط عن الكليشيهات [العبارات المأثورة المبتذلة]، واحذف ما يشابه: “بين عشيةٍ وضحاها”، “جميلة مثل صورة”، “عين العقل”، “لا يصح إلا الصحيح”.
اليوم 72
تخلص من كل ما تراه غير ضروري من علامات استفهام وعلامات تعجب وأقواس تنصيص.
اليوم 73
تخلص من الاستخدام الزائد عن الحاجة للمفردات والعبارات الأجنبية، وكذلك من الاستخدام غير الملائم للكلمات الزخرفية، أو اللغة والصور السوقية، أو مشاهد العنف والجنس الموصوفة بأدق تفاصيلها.
اليوم 74
تخلص من كل العبارات غير ذات المعنى أو المصطلحات ذات الرطانة الخاصة بفئة قليلة من الناس، من نوع: وعلاوةٌ على هذا، التشبيك والتفعيل، ينبثق عن ذلك، إلخ.
اليوم 75
اقرأ روايتك وسجلها على شريط ثم شغل الشريط بينما تتابع الصوت مع النص المكتوب. فلتبحث عن مشاهد أخفقتْ في دورها، أو لغة تلفت الانتباه إلى ذاتها أكثر من اللازم. احذف ثم احذف ثم احذف إلى أن تصل إلى لُب الرواية، الجوهر المقطّر الذي تنحصر فيه روايتك. وتذكر “الرحلة” الخاصة بروايتك.
اليوم 76
في فترة إعادة الكتابة هذه، فلتجعل مفتتح روايتك قوياً بقدر ما تستطيع. لا بدّ أن تُظهر الصفحات الأولى القليلة مدى موهبتك. أعد كتابة مشهدك الافتتاحي. وسوف ترى أنك الآن، بعد أن كتبت الرواية، صرت كاتباً أفضل كثيراً مما كنت عليه حين بدأت كتابتها.
اليوم 77
التقط نصف دستة من أعظم الروايات واقرأ فقط الجمل الافتتاحية في كلٍ منها.
اليوم 78
توجه إلى متجر كتب جيد واقرأ الجمل الافتتاحية للروايات الصادرة حديثاً.
اليوم 79
أعد قراءة جملتك الافتتاحية. إلى أي مدى ما زلتَ تراها قوية وحيوية؟
اليوم 80
راجع مخطوطك وتأكد من أنك قدمت لقارئك صورة لشخصياتك في وقتٍ مبكر من القصة. لا يحتاج القارئ لمعرفة كل شيء، لكنه بحاجة لأن يعرف ما هو مهم بدنياً وجسمانياً بالنسبة لكل شخصية. استعن بالحواس الخمس لتضع شخصياتك على الورق.
اليوم 81
إنك بحاجة لمشهد ذروة في نهاية كتابك، مشهد من شأنه أن يحل الصراع.
اليوم 82
أعد قراءة نهايات الروايات المفضلة لديك. إلى أي مدى تناظرها نهاية كتابك؟
اليوم 83
قال كاتب القصة القصيرة ريموند كارفر إنه كان يعرف أنه أنهى إحدى القصص حين يجد نفسه يراجعها ويضيف إليها فصلات، بدلاً من أن يراجعها ليحذف منها فصلات. أهكذا هو الحال معك؟
اليوم 84
اكتب فقرة واحدة وصفاً لروايتك.
اليوم 85
اكتب فقرة واحدة عن نفسك.
اليوم 86
لتقديم كتابك، اتبع التعليمات التالية:
قم بطباعة نسخة ورقية منه على ورق أبيض (غير شديد اللمعان) نموذجي الوزن والمقاييس.
لا تستخدم ورقاً من المثقوب على جانبه بثلاثة ثقوب.
لا تضم الأوراق معاً بأية طريقة.
اطبع مستخدماً طابعة ليزر أو إنك-جيت ink-jet – ولا تستخدم طابعة دوت-ماتريكس dot-matrix.
استخدم الفونط 12.
اترك مسافة سطر بين كل سطرين، وهوامش بمقدار بوصة واحدة على جانبي الصفحات.
رقّم الصفحات على التوالي من صفحة العنوان حتى آخر صفحات النص.
فلتبدأ كل فصل جديد من منتصف صفحة جديدة.
لا تذكر شيئاً عن حفظ الحقوق أو “قانون الملكية الفكرية”، فمن شأن هذا أن يظهرك بمظهر الهاوي.
اليوم 87
اطبع نسخة ورقية من روايتك.
اليوم 88
لا ترسل روايتك إلى أي جهة الآن، فقد حان الوقت لتجد الوكيل المناسب ليمثلك.
اليوم 89
لتبدأ عملية البحث عن وكيل أدبي:
راجع صفحات الشكر والتنويه في كتب شبيهة بكتابك بحثاً عن أسماء وكلاء المؤلفين.
اطلب من كتّاب آخرين توصياتهم واقتراحاتهم.
استعن بالانترنت، وابحث منطلقاً من كلمات مثل: “كاتب”، “تمثيل كاتب”، “وكيل أدبي”.
اليوم 90
اختر بعضاً من الوكلاء وأرسل لهم رسالة تبدأ – بعد الديباجة الضرورية:
لقد قرأت مؤخراً ____، وهو كتاب رائع، ورأيتُ أنك كنت الوكيل الأدبي ل ____
أو :
الصديق/الزميل ____، الذي تمثله أدبياً، اقترح عليّ اسمك كوكيل أدبي محتمل لكتابي.
أو:
لقد قرأت مقالك في _____ عن مجال إنتاج الكتب، وكنت آمل أن تفكر فيّ كعميل محتمل لك.
ثم:
أضف الفقرة التي كتبتها عن نفسك، ثم أضف الفقرة التي كتبتها حول روايتك.
اليوم 91
في رحلة البحث عن وكيل تذكر أنك ما زلتَ مجهولاً والوكلاء الذين على القمة مثقلون بالعملاء. توجه إلى هؤلاء الذين يشغلون منتصف سلم الوكلاء. وتأكد من أنهم يمثلون نفس نوع الروايات الذي كتبته.
اليوم 92
اكتب تلخيصاً موجزاً لروايتك – فقرة واحدة، ليس أكثر. ليكن تلخيصاً قوياً وحيوياً. يُعد هذا أداة مهمة من أدوات الترويج.
اليوم 93
احصل على فوتوكوبي – أو اطبع ورقياً – أول خمسين صفحة من روايتك. حاول أن تنهِ هذا الجزء عند نقطة تُشوّق من سيقرأ للاطلّاع على المزيد من القصة.
اليوم 94
اشترِ حافظة ورقية متينة ومبطنة بطانة خفيفة. ابحث في متاجر الأدوات المكتبية الكبرى.
اليوم 95
اكتب رسالة موجزة للغاية إلى الوكيل. ضمّن فيها الفقرة الوصفية لروايتك التي كتبتها فيما سبق. وضمّن فيها كذلك الفقرة المختصرة عنك. حاول أن تضفي طابعاً احترافياً، فلا تقل مثلاُ: “لطالما أردتُ أن أكون كاتباً…” أو “أستطيع أن أكتب أفضل من القمامة التي أراها منشورة…”
إذا أرسلتَ مخطوطك إلى أكثر من ناشر في الوقت نفسه فمن الواجب عليك أن تخبرهم بأن هذا “العرض مقدم إلى آخرين”. وسواءً قرأ أحدُهم النصّ أسرع من الآخر أم لا، فسوف تتلقَ الرد خلال فترة أقصر.
في هذه الحافظة الورقية المتينة والمبطنة ستضع كلاً من: أ) أول خمسين صفحة أو نحو ذلك من روايتك، ب) رسالتك الموجهة إلى الوكيل، وج) مظروف عليه عنوانك وطابع البريد لتلقي الرد من الوكيل. (المظروف يكفي فلن يرد لك تلك الخمسين صفحة من روايتك على كل حال.)
اليوم 96
احصل على حافظة من شركة الطرود حجمها مناسب وضع فيها حافظتك الورقية. لا تسترخص في لحظة الإرسال، حاول أن تكون محترفاً.
اليوم 97
سلّم المخطوط لشركة البريد. احتفظ بالوصل. وسجّل تاريخ الإرسال في أجندتك. لا تتوقع أن تتلقى رداً في غضون شهرين.
اليوم 98
ادعُ نفسك إلى مشروب. وسل نفسك بالتفكير فيمن سيكون بطل فيلم السهرة على قناة الأفلام التي تتابعها.
اليوم 99
تذكر أنه ما زال عليك أن تنتظر شهرين إلا يوماً. إياك والاتصال بالوكيل. إذا مرّ الشهران ولم تتلق رداً، يمكنك عندئذٍ أن ترسل رسالة قصيرة للاستفسار.
اليوم 100
ذكر نفسك أن الجميع – الجميع!- يتم رفضهم أحياناً. والحكايات الخاصة بذلك لا أول لها ولا آخر. مارجريت ميتشل (ذهب مع الريح)، ودافني دو مورير (ريبيكا)، وجوزيف هيللر (كاتش -22)، وستيفن كينج (أول أربع روايات له
حدودي السما
------------------------------------------
كيف تكتب رواية في 100 يومٍ أو أقل؟
دليل مهم جدا للزميل محمد عبد النبي.. مفيد لكل من يحلم بأن يكتب رواية
جون كوين … ترجمة: محمد عبد النبي
مقدمة المترجم:
لا بدّ أن عنوان هذا الكتيب سيكون مُضحكاً للكثيرين، فالواحد لا يتصور أن بوسعه كتابة رواية خلال مئة يوم أو أقل كما يشير العنوان. والحقيقة أن الكتاب يحوي مئة وواحد نصيحة صغيرة، تتعلق بجوانب مختلفة من عملية الكتابة السردية وخصوصاً الروائية، بعضها أمثلة تستحق الاحتذاء أو مقولات في صميم العملية الإبداعية أو إرشادات ذات طابع عملي خالص. وقد كتب بعضها – وجمع جمعها الآخر - جون كوين وهو كاتب ُمتخصص في روايات الرعب أو تلك التي تدور حول لعبة الجولف التي يعشقها، وقد بدأ حياته المهنية مساعداً للاعبي الجولف في أحد النوادي وهو ابن العاشرة. وقد ألف أكثر من خمس وعشرين كتاباً بين روائية وغير روائية، بما في ذلك عدد من روايات الرعب ومجموعة قصص قصيرة مختارة. نشرت النصائح مرتبة بترتيب الأيام على أحد المواقع المعنية بهموم الكتابة والتي يشارك جون كوين في تحريرها. وإذا ما استبعدنا ما يثيره عنوان هذه الكتيب وتوجهه من دهشة أو تهكم،
فما أحوجنا في العالم العربي إلى هذه النوعية البسيطة من الكتابات الموجهة للمُبتدئين أو للكتّاب الشباب أو الروائيين بالإمكانية لا بالفعل. فطالما كتبنا وقرأنا عن تاريخ الفنون السردية، نصوصها ونقدها ونظريتها، لكن ما أقل الكتابات المتاحة باللغة العربية حول الكيفية والحرفة والصنعة، ربما نتيجةً لما توارثناه جيلاً بعد جيل من أفكار تكاد تكون غيبية حول دور العبقرية الفردية والموهبة الفطرية، إلي آخر تلك المفاهيم التي تُعوّل على السليقة والفطرة الإبداعية أكثر مما تعوّل على العمل والجهد واكتساب التقنيات والأدوات. لكن ها نحن نشهد يوماً بعد يوم تراجع أغلب تلك الأفكار، ليحل محلها– لدى الشباب خصوصاً – الاعتقاد بضرورة التعلم واكتساب الخبرات بالممارسة والتجريب، ونراهم يبحثون عن مثل تلك النصائح والتوجيهات في الكتب والدراسات القليلة المتاحة، وكذلك بالطبع على مواقع الانترنت التي تكتظ بمثل تلك الصفحات المخصصة لتعليم كل شيء من أول: كيف تصنع قنبلة في منزلك، وليس انتهاءً بكيف تكتب رواية في مئة يوم أو أقل. وجون كوين هنا لا يفعل – أغلب الوقت – إلا أن يجمع النصائح والإرشادات من هنا وهناك، مُستلهما تجارب وأقوال أساتذة الصنعة الكبار. وربما وجد القارئ الخبير بفن الرواية وبكتابتها بعض نصائحه أموراً بديهية من العبث تكرارها أو التأكيد عليها، إلا أن هذه النصائح ذاتها قد تكون مجهولة تماماً لدى آخرين. وأخيراً فإن بعض الأيام – وخصوصاً آخر 15 يوماً – ستبدو أكثر ارتباطاً بنظام النشر في العالم الغربي، حيث يتوجب على كل كاتب أن يجد له وكيلًا أدبياً يمثله أمام دور النشر لكي يستطيع التفرغ للكتابة وترك هموم المال والمساومات لهذا الوكيل. وإن لم ننتفع كثيراً بتلك الإرشادات الأخيرة نظراً لاختلاف آليات النشر لدينا في العالم العربي، فإنها على الأقل قد تساهم في تطوير مواقفنا من آليات صناعة الكتاب وعالم النشر، إلى جانب تعريفنا بما يحدث هناك على الجانب الآخر، على سبيل الفضول لا أكثر ولا أقل.
مقدمة المؤلف:
كم من المرات انتهيتَ من قراءة رواية ثم قلت: “كان بوسعي كتابة مثل هذه.” أتعرف شيئاً؟ أنت على حق. إنني أؤمن أننا جميعاً نحمل رواية واحدة على الأقل في عقولنا أو قلوبنا. وقد عبّرت الروائية توني موريسون عن هذا الأمر قائلة: “إذا كان ثمة كتاب تتوق حقاً لقراءته لكنه لم يُوجد بعد، فعليك أن تكتبه بنفسك.” كتابة كتاب ليستْ بالمهمة اليسيرة. وعلى الرغم من ذلك ففي كل يوم يصدر كتابٌ جديد.
في عام 1996 ووفقًا لموقع Books in Print [الذي يرصد كل ما يُنشر بالإنجليزية تقريباً] فقد صدر في طبعة ورقية 1.3 مليون عنواناً. وفي العام نفسه بلغ عدد الكتب الصادرة في الولايات المتحدة فقط 140 ألف كتاب. وهكذا، فلماذا لا يكون كتابك من بينها؟
ما الذي تحتاج إليه؟
أعتقد أنه إذا كان بوسعك أن تكتب جملة إنجليزية بسيطة (فعلى كل حال هكذا كان يكتب إرنست هيمنجواي)، وإذا كنت مُنتبهاً للعالم المحيط بك، وتريد أن تكتب رواية يمكن بيعها – أي أنك ترغب في هذا رغبة حقيقية، وليس مجرد أنك قد تجرب هذا – فيمكنك عندئذٍ القيام بهذا. لا أظن أن أي شخص يمكنه أن يصير كاتباً بحضور ورشة كتابة، أو بقراءة كتابٍ ما، أو حتى بقراءة النصائح التالية. الكتابة تنبع من شيء جواني وذاتي في كل كاتب. ومع ذلك فمن شأن النصائح التالية أن توفر عليك بعض الوقت، أن توجهك نحو الاتجاه الصحيح، وأن تساعدك على كتابة روايتك في 100 يومٍ أو أقل.
أهذا ممكن؟
إنه يؤتي ثماره. فلقد جربته بنفسي مراتٍ عديدة.
أعلم ماذا يعني أن تنتزع ساعة أو ساعتين من نهارك (أو ليلك) من أجل الكتابة. ليس من السهل أن تكتب رواية، وخصوصاً عندما يكون لديك عمل بدوامٍ كامل، وأسرة ومسئوليات، ولكنها مهمة ممكنة مع ذلك. أغلب الكتاب في حقيقة الأمر عليهم أن يمارسوا حياتين بينما كانوا يكتبون روايتهم. ولكن ما أن تنجح في بيع روايتك الأولى فربما تصير عندها في موقع يتيح لك أن تترك وظيفتك وتكرس بقية حياتك للكتابة بدوامٍ كامل.
لقد فعلها كبار الكتّاب من قبلك
نعم، لديك وظيفة. نعم، لديك أسرة. لكن أياً من الأمرين لم يستطع أن يعيق كبار الكتاب فيما مضى. كان الشاعر والاس ستيفن نائب رئيس شركة تأمين وخبيراً في سوق السندات المالية. كان تي إس إليوت الشاب مصرفياً، وليام كارلوس وليامز كان طبيب أطفال، روبرت فروست كان مربياً للدواجن، هارت كرين كان يحزم علب الحلوى في مستودع أبيه، وكان يكتب له الإعلانات والدعاية، ستيفن كرين كان مراسلاً حربياً، ماريان مور عملت في المكتبة العامة بنيويورك، جيمس ديكي عمل لصالح وكالة دعاية وإعلان، آرشيبالد ماكليش كان مديراً لإدارة الحقائق والأرقام في أثناء الحرب العالمية الثانية.
الاعتماد على العاطفة الخالصة
ما الذي يصنع كاتباً؟ لعله حدثٌ واحد فقط – حدثٌ يقع في وقت مبكر من العمر ويُشكّل إحساس الدهشة لدي الكاتب ووعيه بذاته.
وخذ مثلاً حالة جوزيه ساراماجو، أول كاتب باللغة البرتغالية يفوز بجائزة نوبل في الآداب. وهو ابن لأب مزارع وأم لا تعرف القراءة والكتابة، تربى في بيت لا توجد فيه كتب، وقد احتاج لنحو أربعين عاماً لينتقل من العمل اليدوي كحدّاد [صانع أقفال] إلى العمل كموظف حكومي إلى أن يصير محرراً في إحدى دور النشر ثم في إحدى الصحف. بلغ الستين قبل أن ينال الاعتراف والتقدير في بلاده وخارجها بروايته بالتازار وبيلموندا.
في طفولته كان يقضي أجازاته مع جديه في قرية اسمها ازينهاجا. حين أصيب جده بالسكتة وأخذوه إلى العاصمة لشبونة ليتلقى العلاج، يتذكر ساراماجو: “ذهب إلى باحة منزله، حيث توجد بضع شجرات، تين وزيتون. وتوجه إلى شجراته واحدة بعد أخرى، يعانقها ويبكي، ويودعها لأنه كان يعلم أنه لن يعود إليها.” يقول ساراماجو: “أن ترى هذا، أن تعيش هذا دون أن يترك بصمته عليك لبقية عمرك فأنت إذن بلا مشاعر.”
انطلق من عاطفة خالصة. حولّها إلى نثر.
هيا بنا نبدأ
دُعي [الأديب الأمريكي] سنكلير لويس ليحاضر أمام مجموعة من الطلاب حول حرفة الكاتب. وقف على رأس الصف وسأل: “كم من الموجودين هنا لديه رغبة جادة في أن يكون كاتباً؟” وارتفع أمامه بحرٌ من الأيادي المشهرة. وعندئذٍ تساءل لويس : “حسنٌ، لماذا لا تعودوا جميعاً إلى بيوتكم لتكتبوا؟” قالها ثم خرج من القاعة.
وهكذا فقد حان الوقت لكي تنهض إلى الكتابة.
ما يلي هو سجلك اليومي – كل يوم قد يحتوي كلمات للتشجيع، أو النصح، أو الحكمة، أو مهمة عليك القيام بها من أجل أن تضع كتابك على الورق. إنه ما يتوجب عليك عمله خلال المئة يوم القادمة لتكتب روايتك.
كيف تكتب رواية في 100 يوم أو أقل
اليوم 1
قال إي بي وايت، الكاتب الكبير ومحرر النيويوركر، عند تلقيه الميدالية الوطنية للأدب: “ما أسهل أن تخذل الكاتب شجاعته … إنني أعجب بأي شخص يملك الجرأة على كتابة أي شيء على الإطلاق.”
في يومك الأول هذا لكتابة روايتك، تعهد لنفسك أنك ستنجزها للنهاية. هذا أمرٌ حاسم. فبدون هذا الالتزام، قد يكون من الأفضل أن توفر الأقلام والأوراق. وتذكر أن تكتب كثيراً قدر ما تستطيع. فهذا ما يفعله الكتّاب – إنهم يكتبون.
اليوم 2
خصّص وقتاً مُحدداً لتكتب. هذا أمر هام لأنه على مدار فترة كتابة رواية، قد تشعر بفقدان الحماسة والملل والغضب، أو أنك ببساطة قد سئمت الأمر، وحين تبدأ في الشعور بهذا ستكون بحاجة إلى وتيرة مُحددة بوضوح حتى تواصل الكتابة.
أحياناً سيكون عليك أن تغيّر أوقات الكتابة لتعالج متطلبات أخرى في حياتك، ولكن كافح ليكون وقت الكتابة منتظماً قدر ما أمكنك.
ولكن ماذا نقصد بالوقت المحدد؟
على سبيل المثال ساعتان كل صباح ومثلهما في المساء، وثمانٍ ساعات ليومٍ واحد كل نهاية أسبوع. فلتقرّر كم من الوقت ستقضيه في الكتابة أسبوعياً ثم التزم به. كثيرٌ من الروائيين – باعتبار ما سيكون – يخذلون أنفسهم لمجرد أنهم يضعون جدولاً ثم لا يلتزمون به. كن واقعياً عندما تضع خطتك، ومن ثمّ لا تحد عنها بالمرة.
اليوم 3
في الأسبوع الأول، استقر على القصة التي ستكتبها. لعلك لم تعمل على كل جزئية صغيرة، لكنك اليوم سوف تشرع في معالجة الأمر. لن تسوّف – التسويف عدوٌ لك. كان [الرسّام الكبير] ماتيس ينصح تلاميذه قائلاً “إذا أردت أن تكون رساماً فلتمسك عن الكلام.” وقد حان الوقت لكي تتوقف عن مجرد الكلام بشأن كتابة روايتك. ابدأ في التخطيط لها الآن.
اليوم 4
ما نوعية الروايات التي تعجبك؟ ما الذي يجعل عُصارتك تتدفق؟ هل هي لغز جريمة قتل، أم خيال علمي، أم قصة تشويق وإثارة، أم حكاية عاطفية، أم أنها الكتابة الأدبية العامة؟
يَعتبر الكثيرون أن آليس مونرو هي أفضل كاتبة للقصة القصيرة في اللغة الإنجليزية. تبيع كتبها حوالي ثلاثين ألف نسخة سنوياً، وهي من الكاتبات التي يُعجب الأدباء الآخرون بمهاراتها التقنية وصفاء أسلوبها. كما أنها عُرفت بالتركيب المعقد لقصصها. والقصة النموذجية لدى آليس مونرو قد تبدأ في نقطة يعتبرها أغلب الكتاب نهاية مناسبة، ثم تقفز إلى لحظة ما بعد عشر سنوات، ثم تعود من جديد. لكن أهم ما يميّز آليس مونرو – التي تعيش في بلدة صغيرة بجنوب كندا – هو أن قصصها تدور حول الناس العاديين: أسرارهم، ذكرياتهم حول أحداث عنيفة، أشواقهم الجنسية.
فكّر فيما تكتبه انطلاقاً مما يدور حولك، مما تعرفه وتهتم به.
اليوم 5
بصرف النظر عن نوعية الكتاب الذي قررت كتابته، لا توجد غير قاعدة واحدة مهمة وهو أن تكون قصتك ممتعة للغاية. قد تكون مثيرة، أو مخيفة، أو مرحة، أو حزينة – ولكن يجب ألا تُضجر القاريء.
اليوم 6
حلّل وتعلم. اختر رواية مفضلة لديك من النوع الذي ترغب في كتابته وأعد قراءتها، كما لو كانت كتيب يرشدك كيف تصير مليونيراً. ثم أعد قراءتها مجدداً، وقسّم الكتاب لأقسام صغيرة. أعدّ مخططاً بالحدث وارسمه على صفحة ورق كبيرة، وثبتها بدبوس على جدار غرفة مكتبك.
اليوم 7
رغم عدم وجود قواعد بشأن أفكار القصص، فسوف أقدم لكم تحذيراً صغيراً: تناولوا الأفكار الصغيرة. من أسوأ الأخطاء التي قد يبدأ بها روائي العمل على روايته هو الاستعانة بالأفكار الكبيرة في محاولة للتوصل إلى قصة تختزل العالم كله بداخلها، على اعتقاد أنه كلما كانت الفكرة أكبر كانت أفضل. وهذا ليس صحيحاً. فلتكن فكرة قصتك صغيرة ومركزة. انبش في روحك المبدعة عن قصة صغيرة لها مغزى عميق عندك، فكلنا أبناء في عائلة إنسانية واحدة، وإذا أبدعت قصة ذات مغزى عميق بالنسبة لك فغالباً ما ستكون كذلك بالنسبة للآخرين.
اليوم 8
يمكن للمحاكاة أن تؤدي إلى الأصالة. قم بتمارين [كتابة] قصيرة تحاكي فيها أساليب مختلفة. جرّب عشرة أصوات إلى أن تعثر على الصوت الملائم لك. قلّد اليد الواثقة لمُعلم كبير. ولكن تذكر هذا: فلتكتب اعتماداً على تجربتك أنت. كتب جون براين – مؤلف رواية غرفة على السطح: “إذا كان لصوتك أن يُسمع وسط آلاف الأصوات، وإذا كان لاسمك أن يعني شيئاً بين آلاف الأسماء، فسيكون السبب الوحيد هو أنك قدمتَ تجربتك الخاصة صادقاً.”
اليوم 9
لا تخشَ أن تكتب مشاهد أو أجزاء لا تقود إلى أي مكان، ولا تستبعدها لهذا السبب. اتبع نصيحة الكاتبة جوان ديديون. إنها تثبتها بالدبابيس على لوحة، عازمة على الاستعانة بها فيما بعد. تقول إنها وفي مستهل عملها على رواية كتاب الصلاة المشتركة، كتبتْ مشهداً لشخصية شارلوت دوجلاس تذهب فيه إلى المطار. وقد أحبت المشهد الذي لم يزد عن بضع صفحات من النثر، غير أنها لم تستطع أن تجد له موضعاً ملائماً. تقول: “كلما اخترتُ له موضعاً أجده يعيق تقدم السرد؛ وكان يبدو خطأً في كل موضع، غير أنني صمّمت على الاستعانة به.” وأخيراً وجدت له بقعةً مناسبة في منتصف الكتاب. “أحيانا يمكنك أن تفلت من المأزق في منتصف الكتاب.”
اليوم 10
قبل أن نفرغ من مسألة العثور على قصتك، دعني أفند لك كليشيه آخر بخصوص كتابة الرواية، وهو: اكتب فقط عن شيء تعرفه.
لا بّد وأنك سمعت هذا من قبل، وهو كلام فارغ. فمثلا توم كلانسي لم يكن أبداً ضابطاً على غواصة قبل أن يكتبالبحث عن أكتوبر الأحمر . ومن المضمون أن نراهن على أن ريتشارد باش لم يكن نورساً حتى يكتب النورس جوناثان ليفينجسنون.
وبدلاً من أن تكتب عمّا تعرفه يمكنك أن تكتب عمّا تحبه. لا يهم ما هو هذا الشيء، المهم أن تحبه. على سبيل المثال، كان آرثر جولدن، مؤلف رواية مذكرات فتاة جيشا، قد عاش في اليابان وعمل لحساب مجلة تصدر باللغة الإنجليزية في طوكيو حين أتته فكرة كتابه سنة 1982، وفي عام 1986، وبعد أن نال إجازته في الكتابة الإبداعية من جامعة بوسطن، بدأ بعمل أبحاثه حول حياة فتيات الجيشا واكتشف بداخلها “ثقافة فرعية لها قوانينها الغريبة”. اقتضى منه الأمر عشر سنوات والعديد من المسودات قبل أن يبيع الكتاب إلى دار آلفريد آ. نوبف مقابل 250000 دولاراً أمريكياً.
اليوم 11
ما لم تكن مُلماً بروايتك ذاتها، فلتبدأ بالكتابة عمّا تعرفه منها، شيئاً حول المكان أو شخضيات الكتاب. فمن الأسهل كثيراً أن تبدأ العمل على كتابك إذا كنت تكتب عن أشخاص وأماكن وأشياء أنت مُطلع عليها مُسبقاً.
اليوم 12
اختر شخصياتك أولاً، ذلك أن اختيارها أصعب من اختيار إحدى القصص.
عند الكتابة، قد تتغير الحبكة وقد لا تتغير، ولكن الشخصيات سوف تنمو وتكتسب حياتها الخاصة. وإذ تنمو شخصياتك ستتخذ سمات وطبيعة مميزة لها، وكما تعرف أصدقائك المقربين ستعرف أيضاً ما يمكن أن تفعله إحدى الشخصيات في موقف محدد وما لا يمكن أن تفعله.
يقول كاتب روايات الألغاز أوكلاي هال أن على أي كاتب “أن يُنصت لمتطلبات شخصياته، فحين تنبعث إلى الحياة قد تصر على مصيرٍ ما غير ذلك الذي أُعطي لها.”
اليوم 13
جهز رزمة من بطاقات الورق المقوى، مقاس 5 × 7، واكتب اسم كل شخصية أعلى البطاقات. ثم فكر في الدور الذي ستعلبه كل شخصية في قصتك، وما طبيعة هذا الشخص: السن، التعليم، محل الميلاد، وما إذا كان انفعالياً، مرحاً، بديناً، قبيحاً. ما هي سماته الغريبة؟ هل يغسل يديه 500 مرة يومياً؟ هل يسمع أصواتاً في رأسه؟ هل كان من نوعية الأطفال الذين يحبون تعذيب القطط؟ اكتب هذا كله، اكتب كثيراً حتى تتوصل في نهاية الأمر إلى معرفة تلك الشخصيات معرفة حميمة. كان آلفريد هيتشكوك يكتب مشاهده على بطاقات الورق المقوى، كل مشهد على بطاقة. وكان يقول إنه بهذه الطريقة عندما يحين وقت تصوير الفيلم يكون قد صوّره مسبقاً.
ستكون بعض الشخصيات رئيسية، تدور القصة حولهم؛ وآخرون سيلعبون أدواراً ثانوية، ولكن لا غنى عنهم أيضاً، بما أنه لا بدّ من سبب لوجود كل لاعب في اللعبة. إن كان وجودهم في روايتك بلا سبب فسوف يبطئ من تقدم القصة، والبطء يجلب الملل للقاريء.
اليوم 14
تتم كتابة أغلب الروايات وفقاً لصيغة جاهزة مسبقاً، وخاصةً تلك التي تحقق أفضل المبيعات. على سبيل المثال، جون بالدوين، المؤلف المشارك في رواية الطاعون الحادي عشر: رواية رعب طبي، وضع صيغة بسيطة استعان بها لبناء روايته.
وصيغته المكونة من عشر خطوات هي:
1.البطل خبير [متخصص في مجالٍ ما].
2.الشرير خبير [متخصص في مجالٍ ما].
3.لا بدّ أن نرى كل النذالة والخسة فوف كتف الشرير.
4.البطل يقف وراءه فريق من الخبراء في مجالات متنوعة.
5.شخصان أو أكثر من فريقه لا بد أن يطوّروا علاقة حب.
6.شخصان أو أكثر من فريقه لا بد أن يموتوا.
7.لا بدّ أن يحوّل الشرير اهتمامه من هدفه الأصلي إلى الفريق نفسه.
8.لا بدّ أن يظل البطل الخيّر والشرير على قيد الحياة ليتمكنا من الدخول في معركة في التتمة.
9.لا بدّ من تقديم حالات الموت من وجهة نظر فردية ثم الانطلاق للمجموعة: أي، إياك والقول إن القنبلة انفجرت وصُرع عدد 15 ألف شخص. ابدأ ب “كان جيمي وسوزي يتنزهان في الحديقة العامة مع جدتهما عندما انشقت الأرض.”
10.إذا عجزت عن التقدم في قصتك، ما عليك إلا أن تقتل شخصاً ما.
هناك المزيد حول الصيغة الجاهزة. حين بدأ إرنست هيمنجواي عمله كمراسل صحافي شاب لجريدة كانساس سيتي ستار، تم تسليمه صفحة بتعليمات الأسلوب عليها أربعة قواعد محددة، وهي:
استخدم جملاً قصيرة.
استخدم فقرات قصيرة.
استخدم لغة حيوية.
استخدم صيغ الإثبات، لا النفي أبداً.
وعند سؤال هيمنجواي بعدها بسنوات عن تلك القواعد قال: “كانت تلك هي أفضل قواعد تعلمتها على الإطلاق في مجال الكتابة. ولم أنسها بالمرة. ولا يوجد أحد يمتلك أدنى الموهبة، ويشعر ويكتب بصدق عما يحاول أن يقوله، يمكنه أن يخفق في كتابته إذا ما التزم بتلك القواعد.”
اليوم 15
طوّر شخصياتك وحبكتك جنباً إلى جنب. فلا يمكنك أن تشكل إحداها جيداً بمعزل عن الأخرى. شخصياتك ليسوا مخلوقات خشبية سقطت من السماء مكتملة بفعل السحر. بل هي عناصر لا غنى عنها للدراما التي تخلقها. عليهم أن يفعلوا شيئاً منطقياً أو غير منطقي (وهو ما يعني الحبكة) ليضيفوا إلى القصة وينتقلوا بها نحو ذروتها القصوى. لا تفصل أبداً الشخصيات عن الحبكة.
اليوم 16
على قارئك أن يُصدق أن شخصياتك موجودة أو يمكن أن توجد – ولا بدّ أن تكون جذابة بصورة فريدة. ولا شيء أفضل لتحديد طبيعة شخصياتك من أفعالها، وأهدافها في الحياة. قد يكون الهدف خيراً أو شراً، لا يهم، المهم أن يرى القراء أفعالها وأهدافها، ويؤمن بهم، ويبقى على اهتمامه بهم باستمرار.
لا تكتب قصة تزدحم بآلاف الشخصيات. فلتكن حكايتك عن شخص أو اثنين أو ثلاثة فقط، ولكن لا يمكن نسيانهم، وجميعهم ممتلئون بالأهداف والمقاصد.
اليوم 17
إنك بحاجة إلى بطلٍ قوي. يجد أغلب الكتّاب مشكلة في رسم شخصية بطل أكبر من الحياة، تامة النضج، ومتماسكة.
تذكر أن بطلك هو الشخصية الرئيسية لقصتك. إنه الشخص الذي سيتوحد به قارئك، إنك تريد من القراء أن يولعوا ببطلك. هو – أو هي – صديقك الحميم الجديد.
اليوم 18
اكتشف مَن الذي تحتاج إليهم في قصتك، وماذا يفعلون معاً أو لبعضهم البعض، وما الذي تفعله بهم القصة ذاتها. هل ينجرّون جميعاً في اتجاه واحد؟ أم يمضون في ست اتجاهات مختلفة. اسأل نفسك السؤال الحاسم: أي شيء سيكون أكثر جاذبية للقاريء؟ ذلك هو الاختبار الحاسم لنمو الشخصية وللحبكة. هل سيكون القاريء شغوفاً بهذا؟ هل سيكترث؟
لتحرز نجاحاً في تنمية الشخصية والحبكة، عليك أن تتخذ قرارات صعبة. عليك ألا تأخذك الشفقة بشخصياتك وقصتك. مَن يبقى ومن يُستبعَد؟ ماذا يبقى وماذا يُستبعَد؟
وبصراحة، هذا هو الموضع الذي يتوقف فيه كثيرون ممن يكبتون روايتهم الأولى، فهم لا يستطيعون أن يحسموا اختيارهم. فإن الاحتمالات العديدة تفتن عقولهم، أو تصيبهم بشللٍ تام.
لا تغامر بهذا، كن قاسياً صارماً. جرب خيارات مختلفة بالطبع، ولكن لا بدّ أن تحرّك القصة إلى الأمام حدثاً بعد حدث، جاذباً معك كل شخصية. وكلما تكشّف حدثٌ ما لا بدّ أن يكون لكل شخصية رد فعلها عليه. تماماً كما تجري الأمور في الحياة الواقعية.
إذا صدمت سيارة أحد الأطفال فصرعته في الحال، فإن حياة سائق السيارة تتغير إلى الأبد، وكذلك حياة والدي الطفل، وكذلك حياة أشقائه وشقيقاته وأصدقائه وحتى شرطي المرور وعابري الطريق لحظتها. عليك أن تقرر ما هي تلك التغييرات. عليك أن تقرر. هذه فرصتك لتلعب دور الآلهة – وإذا كنت تنوي أن تكتب سرداً فعليك أن تلعب ذلك الدور. الآلهة تكمن في التفاصيل، الآلهة تقرر مسار الرواية.
اليوم 19
واصل طرح سؤال “لماذا؟” بينما تصل إلى نهاية الأسبوع الثاني من تحديد شخصياتك، سيكون لديك كومة من بطاقات الشخصيات بمقاس 5×7 التي توضح تفاصيل الحياة الخاصة لكل شخصية في قصتك على حدة، نزولاً إلى مقاس خصورهم ولونهم المفضل. كان الروائي فلاديمير نابوكوف [صاحب لوليتا] يؤلّف كل رواياته على بطاقات الورق المقوّى.
اليوم 20
“صوتك” هو صوتك أنت، و”أسلوبك”، هو أسلوبك أنت. لا تحاول أن “تبدو مثل” أحد الكتاب المشاهير. كثيرٌ من الكتاب المبتدئين يشعرون أن عليهم إضافة شيء ما إلى “صوتهم” الخاص على الصفحة المطبوعة. من تكونه على الصفحة هو من تكونه في الحياة، بنفس قدر تمرسك وبنفس قدر خبرتك بالحياة والناس، أو بنفس قدر انعدام التمرس وافتقار الخبرة. لا يهم، واصل الكتابة وواصل استبعاد الأجراء المرتبكة التي تتسلل إلى كتابتك. كن على طبيعتك. فكما كتب الروائي الفرنسي، فرانسوا رينيه دي شاتوبريان: “الكاتب الأصيل ليس هو من يحاكي أي شخص، بل هو من لا يستطيع أي شخص أن يحاكيه.”
اليوم 21
أعدّ مخططاً تقريبياً لأحداث قصتك من الفصل الأول وحتى النهاية.
تقول الروائية كاثرين آن بورتر: “إن لم أعرف نهاية قصتي لما بدأتها.”
اكتب الفقرة الأخيرة من روايتك ثم ضعها في الدرج. وعند نهاية المئة يوم دعنا نر إلى أي حدّ نجحتَ في الاقتراب من مخيلتك.
اليوم 22
لا تقم بأي شيء – أي شيء بالمرة – في روايتك من ناحية الكتابة الفعلية لها إلا بعد أن تكون قد وضعت حبكتك كاملة على الورق (جنباً إلى جنب الشخصيات ودور كل منها في الرواية).
لا تقع ضحية للقول القديم للمؤلفين: “لقد بدأتُ انطلاقاً من فكرة أساسية وشخصيات قليلة. لم أعلم أبداً إلي أين سأتجه. تركتُ الشخصيات تحكي الحكاية بدلاً مني.” قد يكون هذا ناجعاً بالنسبة لروائيين متألقين ومُحنكين، لكن أغلبنا بحاجة إلى خارطة طريق واضحة إذا أردنا ألا نتوه بلا أمل نحن وقراؤنا معنا.
اليوم 23
قم بتعليق البطاقات والمخطط التمهيدي الذي أعددته على جدران مكتبك أو الغرفة التي تكتب فيها حتى يمكنك قراءتها بسهولة.
اليوم 24
ما يريده المحررون والقراء هو كتاب مشوّق ومكتوب جيداً، تُحركه دوافع الشخصيات أكثر من الحبكة وله بداية واضحة.
اليوم 25
إنك الآن قد أنجزت:
1.تعهداً بالمواصلة.
2.جدول عمل.
3.فكرة القصة.
4.مجموعة الشخصيات.
5.حبكة مفصلة للقصة بكاملها.
6.وصف موجز لما تدور عنه الرواية.
اليوم 26
حدّد هدفاً لنفسك أن تكتب على الأقل أربع صفحات يومياً. وذلك يعني من 300 إلى 325 كلمة، بالكتابة على سطر دون الآخر. في بعض الأيام لن تكتب أكثر من صفحة واحدة؛ وفي أيام أخرى سوف تكتب 15 صفحة. حاول أن تعمل بمعدل أربع صفحات يومياً على الأقل.
اليوم 27
إن روايتك هي عمل من صنع الخيال، لكن ذلك لا يعني ألا تكون حقائقك سليمة وصادقة، فلا شيء يُنفر القارئ بقدر ما تنفره حقيقة غير دقيقة، ولا شيء يضفي على قصتك المصداقية مثل الحقائق أو التفاصيل الصحيحة. استعن بالانترنت في بحثك. وانظر كذلك في المجلات والصحف التي صدرت في زمن ومكان روايتك. كان جور فيدال يستعين بالطبعات القديمة من مجلة هاربر بحثاً عن التفاصيل عند كتابة روايات تاريخية.
اليوم 28
مجرد الجديث لا يعتبر حواراً، فالحوار له غرض ومقصد. إنه يدفع القصة للأمام، ويُبقي القارئ منتبهاً وواعياً بالقصة، ويُشعره بأنه في قلب الأحداث. وعلى هذا، فلا تصف الأحداث البعيدة كأنها خبراً على لسان أحدهم، بل ضع القاريء وسط أحداث قصتك مباشرةً وسوف يصبح حوارك عفوياً وطبيعياً. لتكن حوارات قصتك فعالة ونشطة، وتأكد دائماً من أن القاريء يعرف مَن الذي يتحدث.
اليوم 29
تطلع في المرآة واكتب عن الشخص الذي تراه، حاول أن تصف الشخص الذي تراه في المرآة لرجلٍ أو امرأة لم تلتقِ به من قبل أبداً. التزم في فقرة الوصف بعدد كلمات لا يزيد عن 300 كلمة. اجعل هذا “المرء” شخصية في روايتك، سواء كان هو البطل أم الرواي أم أحد الشخصيات الثانوية في الحبكة.
اليوم 30
ذات مرة علق الروائي كيرت فونيجت قائلاً: “إن الموهبة شيء شائع لأقصى حد، أما الأمر النادر فهو الاستعداد لتحمل حياة الكاتب. إنه أقرب إلى رسم ورق حائط باليد لكنيسةٍ عملاقة مثل التشابيلا سيستينا.”
اليوم 31
في وقتٍ مبكر من تخطيطك التزم بوجهة نظر. على هذا النحو يجد القارئ أساساً صلباً للقصة. ما أن تقرر أي شخصياتك ستكون هي الشخصية حاملة وجهة النظر التزم بقرارك هذا. لا تحوّل وجهة النظر. أمّا إذا اخترت تعدد وجهات النظر، فلتعرض قصتك من وجهة نظر شخصية واحدة في كل مرة، لكي تتحاشى إرباك القارئ.
اليوم 32
احمل دفتر أوراق صغير معك. اشرع في الكتابة بينما تنتظر بداية اجتماع ما. اشرع في الكتابة إذا كنت مسافراً على متن طائرة. اشرع في الكتابة كلما وجدتَ لحظة سانحة. فأنت الفائز بما تكتبه في تلك الأوقات السانحة.
اليوم 33
التشويق من المكوّنات الأساسية للعمل السردي. ونتيجةً له يسأل القراء: تُرى ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ وسوف يواصلون القراءة لاكتشاف الإجابة.
اليوم 34
عندما تستعين بشخصيات لتقدم من خلالها معلومات وأدلة لا تنس اللغة الجسدية للشخصيات. فتلك الإشارات غير اللفظية يمكنها أن تنقل ما تعجز الكلمات عن نقله، واسأل أي عاشقيْن.
اليوم 35
جرب أن تكتب أولاً بيدك، ثم على الكمبيوتر. سوف يمنحك هذا مراجعتين لنثرك قبل أن تبدأ مرحلة التحرير.
اليوم 36
ليكن هدفك أن تبتكر صورة واحدة مدهشة في كل صفحة. على سبيل المثال، حاول أن تحاكي هذه الصورة لشروق الشمس عند البحر بقلم فيليب كابوتو في روايته الرحلة the Voyage :
“ظهر وميضٌ ذهبي في الموضع المفترض للأفق، ثم اندلعت شمسٌ حمراء، مثل رأس طفل ناري يبزغ من رحم السماء الرمادي – الماء يلدُ العنصر النقيض له.”
اليوم 37
لا تسهب وتطنب لمجرد أن التكنولوجيا تتيح لك ذلك. إن أجهزة الكمبيوتر والانترنت جعلت كل شيء أكثر سهولة، من البحث عن معلومات إلى الكتابة والمراجعة والتحرير. واصل التفكير بأشياء صغيرة، فجميعنا نشعر أحياناً أن الأفلام ومُباريات الكرة أطول من اللازم. ماذا عن الكتب؟ سيقول لك الناشرون والمحررون: السياق هو ما يُحدد الطول. تذكر فقط أن [رواية فيتزجيرالد] جاتسبي العظيم طولها حوالي 200 صفحة فقط.
اليوم 38
بدون الوصف لن يتكوّن لدي القارئ إحساس بالمكان والزمان والمزاج النفسي – وجمعيها لا غنى عنها لقصتك. لكن مع وصف أكثر من اللازم سوف تعوّق تقدم قصتك وتصير مملة. ادخل، قدّم التفاصيل قوية التأثير، ثم اخرج من جديد. لا تستغرق في وصفك (أو في بحثك). اخلق عالماً يمكن لشخصياتك فيه أن تحيا وتتنفس، لا أن تقيم في بلادة كأنها نباتات.
اليوم 39
الأفكار، جديدها وفريدها – هذا هو ما يفاجئ قُراءك، ويُشبعهم ويسعدهم. فلتبق بعيداً عن المجرّب والواقعي. اكتب مُستعيناً بالخيال.
اليوم 40
يقول ريك باس، واحد من أصحاب أفضل الأساليب، أن كُتاب السرد – شأنهم شأن البنائين – يلزمهم كلٌ من القوة والدقة لبناء قصة محكمة. يقول: “سيكون عليك أن تضع حجراً فوق الآخر بحيث يتلاءمان معاً، ولكن ستكون بحاجة لعافية لكي تجرّ تلك الأحجار من هنا وهناك.”
اليوم 41
حين كانت شيرلي جاكسن ربة منزل وأم لأربعة صغار وأستاذة في الجامعة، نادراً ما كانت تجد وقتاً للكتابة في أثناء النهار. ومع ذلك فحين جلست إلى مكتبها ليلاً، فإن قصة مثل قصة “اليانصيب” تدفقت منها في مُسودة أولى ممتازة. لماذا؟ لأنها كانت تفكر فيها طوال اليوم. اعتمد على لاوعيك ليتولى المسئولية و”يعالج” الأفكار التي ترد إليك خلال نهارك.
اليوم 42
الشخصيات الجيدة تنمو وتتطور اعتماداً على أمرين بشكل أساسي: أفعالها ومعتقداتها. إننا نكتسب فهماً للأشخاص من خلال ما يفعلونه وما يعتقدونه في الأحداث الدرامية الخاصة بالقصة.
اليوم 43
لاحظ الشاعر [الإيطالي القديم] هوراس في القرن الرابع عشر قبل الميلاد تقريباً أن على الكتّاب محاولة “أن يقولوا فوراً ما يتوجب عليهم قوله فوراً”. بتعبير آخر: أمسك بتلابيب قارئك من جملتك الأول.
اليوم 44
لا تيأس أو تفقد حماستك، واصل الكتابة. وتذكر أن رواية آيرونويد ironweed الفائزة بجائزة البوليتزر، لمؤلفها وليام كينيدي رفضها 13 ناشر قبل أن يتدخل الكاتب الكبير سول بيلو ويدعمها. وعندما رفض أحد المحررين رواية لورانس جي بيتر The Peter Principle كتب له “ألا يتوقع أية إمكانيات نجاح تجاري في كتاب كهذا.”
اليوم 45
كانت نصيحة أنطون تشيخوف بسيطة بَساطة لافتة: “إذا كان هناك مسدس معلق على الحائط في المشهد الأول من المسرحية، فلا بدّ أن يتم إطلاق رصاصة منه قبل النهاية.” عليك أن “تفحص” العمل كاملاً وفي ذهنك تلك النصيحة واقتطع أي شيء لا يُساهم في اكتمال القصة.
اليوم 46
أن تكتب جيداً ليس بالأمر الهيّن بل هو باهظ الكلفة عاطفياً. الراقصون، على سبيل المثال، يعرفون أن أقدامهم سوف تدمى، وعازفو البيانو يعرفون أنهم سيتدربون حتى يبكون من الألم في أصابعهم. كتابة رواية ليست مثل كتابة رسالة. كتابة رواية أمر مُنهك عقلياً، وأصعب كثيراً من وظيفة بدوامٍ كامل. حين تكتب رواية تعيش الحياة الخاصة بشخصياتك.
اليوم 47
في عام 1979، وفي عمر الثمانين بدأت جيسي بي براون فوفوكس تكتب قصة حياتها. كتبت حكايات بريئة عن ماضيها، حكايات عن جدتها وعمتها البعيدة كلارا التي كانت تمضغ التبغ ويمكنها أن تُسدّد بصقات بحجم كريات الزجاج.
في كل صباح كانت تتوجه إلى مطبخ شقتها البيضاء المكوّنة من غرفتي نوم في مانهاتان، كانساس، حيث ربّت ثمانية أبناء. تجلس إلى طاولة المطبخ ثم تشرع في الكتابة مستعينة بدفاتر القص واللصق القديمة والرسائل والصور الفوتوغرافية. ويوماً بعد يوم، وأسبوعاً بعد أسبوع، كتبت بخط يدها قصة حياتها، مسجلةً الأحداث المفصلية: المواليد، الوفيات، زيجة واحدة، ثلاثة حروب، فيضان واحد، جنباً إلى جنب الأشياء التي أشعلتْ خيالها، مثل المرة الأولى التي رأت فيها لورانس ويلك. وبعد أن أتمت حكي أحداث حياتها، بدأت تكتب عن العالم الذي لم تتحدث عنه قط: مشاعرها وأفكارها.
كتبت جيسي لي هذا كله على يد مُعلم هو تشارلي كيمبثورن، في برنامجه لسنوات الحصاد، وهو برنامج مخصص لكبار السن. طبعت الكلية المحلية لها كتاباتها بعنوان حياة جيسي لي براون من الميلاد حتى سن الثمانين، في ثلاثين نسخة فقط تم توزيعها على الأسرة والأصدقاء. كان هذا قبل عشرين عاماً، أما الآن فإن الأسرة والأصدقاء والغرباء مازال بمقدورهم قراءة كتابها ذي المئتي وثمانية صفحة، بعنوان Any Given Day أي يوم متاح: حياة وأزمنة جيسي بي براون فوفوكس: ذكريات لأمريكا القرن العشرين [مطبوعات دار بروكس، 1997].
منذ أن كتبتْ كتاب مذكراتها الأول، أنجزت جيسي لي كتابين آخرين، أحدثهما هو ثرثرات جدة حول هذا وذاكGranny’s Ramblings of This and That Two، وتمت طباعته في 1993. في ذلك العام كتبت رسالة إلى المعلم الذي شجّعها على حكي قصتها، كتبت: “شكراً لك كل الشكر لأنك لم تفقد الأمل فيّ. أنا لستُ كاتبة، غير أن مجهودي الضئيل صنع اختلافاً هائلاً في حياتي.”
إن لم تكن جيسي لي براون كاتبة، فمن يكون؟ إن حياة كل شخص هي كتاب. لقد حكت جيسي لي قصتها. واشترتْ وارنر [شركة الإنتاج السينمائي] قصتها مقابل مليون دولاراً.
اليوم 48
المثابرة هي كلمة السر. قال الروائي هارلان إليسون ذات مرة إذا كان بمقدور أي شخص أن يمنعك من أن تكون كاتباً فلن تكون كاتباً.
اليوم 49
ترى الكاتبة الموهوبة جو- آن مابسون، التي صدر لها نصف دستة روايات، أن الكاتب بحاجة إلى هواية جسدية. “شيء يأخذك بعيداً عن الكتب والنقاد، لأن من شأن هذا أن يعلمك وأن يُلهمك الكثير، ويغير من طبيعة كتابتك.”
اليوم 50
حين تحدث الشاعر والروائي جيمس ديكي إلى طلابه قرب نهاية حياته قال: “لا أقصد أن أروّج للشاعر كل هذا الوقت، ولكنني أفعل هذا أساساً لأن العالم لا يقدّر الشاعر كثيراً. إنهم لا يفهمون الموضع الذي أتينا منه. لا يفهمون جدوانا، لا يفهمون إن كانت ثمة جدوى من الأساس. إننا سادة السر الأعظم، وليس هم. ليس هم. فلتتذكروا ذلك حين تكتبون.”
اليوم 51
عاش أغلب الكتّاب طفولة غير سعيدة. كان دين كونتز على سبيل المثال هو الطفل الوحيد لأمٍ واهنة جسدياً وأب عنيف ومدمن خمور والذي حاول الانتحار مرتين وفي نهاية الأمر أودع في إحدى مؤسسات الرعاية. أثارت هذه الطفولة الرهيبة شغفاً بالكُتب في نفس كونتز.
تنبع إحدى أولى ذكرياته من الفترة التي أودعت فيها أمه المستشفى لشهور عديدة. وفي عمر الثالثة أو الرابعة، كان كونتز يقيم لدى إحدى صديقاتها والتي كانت كل ليلة تضع الطفل الصغير في الفراش وتقدم له الآيس كريم وتقرأ له كتاباً. ربط كونتز أحاسيس الأمان والسعادة تلك بحكي الحكايات وقد بقيت هذه الصلة معه.
قرأ كونتز رواية كينيث جراهام الريح في الصفصاف خمسين مرة على الأقل، مستمتعاً بموضوعها حول “الأصدقاء الذين يبقون معاً للتغلب على الأشرار”. اعتمد كونتز على الكتب في سن التاسعة لتُظهر له أنه ليست جميع الأسر كأسرته.
يقول كونتز: “لقد نشأتُ كطفلٍ ناضج لأب مدمن للكحول.” أما اليوم فهو يعمل ستة أيام أسبوعياً، ويصل لمكتبه في السابعة والنصف صباحاً. يكتب حتى وقت العشاء، ولا يخرج للغداء.
ولكن ماذا عساه أن يصنع من لم يعش طفولة بائسة؟ قال إرنست هيمنجواي ذات مرة إنه لا بدّ أن يكون للكتّاب طفولة فظيعة، أو على الأقل أن يعتقدوا أن طفولتهم كانت كذلك.
اليوم 52
قال إف. سكوت فيتزجيرالد: “الشخصية هي الفعل.”
الشخصيات لا تتحرك في الفراغ، فغالباً ما ترتبط أفعالهم بأشخاص آخرين، ومن تلك التفاعلات فيما بينهم تتكوّن المشاهد. إن المشاهد التامة، وأنصاف المشاهد، والفقرات السردية هي أحجار البناء التي نشيد منها خط القصة الموّحَد.
اليوم 53
خلال تصوير فيلم “Friendly Persuasion” – عن رواية للكاتب جيزامين ويست، يتذكر ويست مخرج الفيلم وليام وايلر وهو يقول: ” علينا أن نضيف مزيداً من إثارة التوقعات هنا، هل سيفعل البطل هذا أم ذاك؟ وهل سيفعله أم لا؟”. وويست ككاتب لم يكن يميل لأن يقدم ما فيه الكفاية من ذلك التوتر، وهو الشيء الذي يريده القراء بشدّة.
اليوم 54
اذهب إلى المكتبة العامة وتصفح كتباً تدور حول الطعام وأعمال الحدائق والبستنة. إن مؤلفي تلك الكتب يصفون الروائح والمذاقات والملامس، وحتى الأصوات بأدق تفاصيلها. عند الكتابة اذكر على الدوام إحساسات الروائح والملمس. الوصف الجيد يعتني بكل الحواس.
اليوم 55
اختر تفاصيلك باعتناء، فكما قال مارك توين: “استخدم الكلمة المناسبة، وليس بنت عمها.” تذكر أن الأفعال هي أقوى الأجزاء في أي جملة. وكما عبرّت ريتا مي براون عن الأمر: “الأفعال هي الريح التي تحملك على الطريق السريع.”
اليوم 56
في كتابهما عناصر الأسلوب يشير كلٌ من سترانك ووايت إلى: “إذا كان على هؤلاء الذين درسوا الكتابة أن يتفقوا على نقطة واحدة ستكون هذه: الطريقة الأضمن لإثارة القاريء والإمساك بتلابيبه هي أن تكون كتابتك محددة وواضحة وملموسة.”
اليوم 57
خذ عطلة من العمل في روايتك. خذ إجازة ليوم أو لأسبوع. بعد هذه الفترة سترى عملك بعينٍ جديدة.
اليوم 58
تذكر أن الروايات قد تكون حبكتها خفيفة وقد يكون أسلوبها هشاً، لكن الشيء الوحيد الذي يمكنه إنقاذ أي كتاب واكتساب تعاطف القراء هو شخصيات [واقعية] من لحم ودم، ذات صفات ودوافع يمكن أن تُصدّق.
اليوم 59
هناك قول مأثور قديم عن الكتابة، يقول: “إياك والإخبار، عليك بالإظهار.”، ومعناه لا تخبرنا عن الغضب، بل أظهره لنا. وعندئذٍ سوف نقرأ ونشعر بالغضب. لا تخبر القارئ بما عليه أن يشعر به، بل أظهر له الشخصيات والموقف، وسوف يصحو بداخله شعور الغضب (أو الأسف، أو الحب، أو النزاهة، أو العدالة، إلخ.).
اليوم 60
إذا كتبت خمس صفحات يومياً على مدى الستين يوماً الماضية، فقد كتبت حوالي 90.000 كلمة. آن أوان إعادة الكتابة وتحرير روايتك.
اليوم 61
لقد كتبتَ ما يقرب من 300 صفحة.
ولكن هل تلك الصفحات تعتبر رواية؟
هل لها بداية ووسط ونهاية؟
أعد قراءة روايتك واسأل نفسك: هل طرحتُ سؤالاً أو قدمت لغزاً، ثم حللته؟
إذا كان بوسعك أن تقدم جواباً مُرضياً لهذا السؤال، فلتمض قُدماً إذن.
اليوم 62
صحح كتابك لغوياً وإملائياً.
اليوم 63
اطبع نسخة ورقية من كتابك.
اليوم 64
ضع الكتاب في مكانٍ آمن واتركه جانباً لأسبوعين.
اليوم 65
الآن وقد ابتعدتَ لفترة عن روايتك، فقد حان الوقت لأن تبدأ عملية تحريرها. قبل أن تبدأ تذكر أن جيمس إن. فري يقول في كتابه كيف تكتب رواية جيدة حقاً How to Write a Damn Good Novel: “فلتعتبر الذروة هي مرمى الهدف وبقية قصتك هي رحلة السهم نحو الهدف.” آن الأوان لتراجع “الرحلة” ذاتها.
اليوم 66
عد أدراجك واقرأ الرواية كاملة من البداية للنهاية، انتبه للسطور والعبارات التي تفتقد للرشاقة، ولكن واصل القراءة. لا تنشغل بإعادة الصياغة، ليس الآن.
اليوم 67
حرّر نصك فقرة بعد أخرى. نظف عظام قصتك من الزوائد. انتقل فصلاً بعد آخر وتخلص من “كل أعزاءك” كما اعتاد وليام فوكنر أن يسمّي النثر الفائض عن الحاجة.
اليوم 68
أعد قراءة صفحاتك – صفحة واحدة في كل مرة – بصوت مسموع، لكي “تسمع” أي جملة مُرتبكة أو تفتقد رشاقة التعبير.
اليوم 69
عد للمراجعة واحذف من كل صفحة مجازاً مبالغاً فيه أو تشبيهاً زائداً عن الحاجة. كما عبر إف. سكوت فيتزجيرالد عن ذلك قائلاً: “لن تندم أبداً على أي شيء تحذفه من كتابٍ لك.”
اليوم 70
من كل فقرة احذف صفة واحدة أو ظرفاً واحداً.
اليوم 71
أعد قراءة روايتك مرة أخرى وفتش فقط عن الكليشيهات [العبارات المأثورة المبتذلة]، واحذف ما يشابه: “بين عشيةٍ وضحاها”، “جميلة مثل صورة”، “عين العقل”، “لا يصح إلا الصحيح”.
اليوم 72
تخلص من كل ما تراه غير ضروري من علامات استفهام وعلامات تعجب وأقواس تنصيص.
اليوم 73
تخلص من الاستخدام الزائد عن الحاجة للمفردات والعبارات الأجنبية، وكذلك من الاستخدام غير الملائم للكلمات الزخرفية، أو اللغة والصور السوقية، أو مشاهد العنف والجنس الموصوفة بأدق تفاصيلها.
اليوم 74
تخلص من كل العبارات غير ذات المعنى أو المصطلحات ذات الرطانة الخاصة بفئة قليلة من الناس، من نوع: وعلاوةٌ على هذا، التشبيك والتفعيل، ينبثق عن ذلك، إلخ.
اليوم 75
اقرأ روايتك وسجلها على شريط ثم شغل الشريط بينما تتابع الصوت مع النص المكتوب. فلتبحث عن مشاهد أخفقتْ في دورها، أو لغة تلفت الانتباه إلى ذاتها أكثر من اللازم. احذف ثم احذف ثم احذف إلى أن تصل إلى لُب الرواية، الجوهر المقطّر الذي تنحصر فيه روايتك. وتذكر “الرحلة” الخاصة بروايتك.
اليوم 76
في فترة إعادة الكتابة هذه، فلتجعل مفتتح روايتك قوياً بقدر ما تستطيع. لا بدّ أن تُظهر الصفحات الأولى القليلة مدى موهبتك. أعد كتابة مشهدك الافتتاحي. وسوف ترى أنك الآن، بعد أن كتبت الرواية، صرت كاتباً أفضل كثيراً مما كنت عليه حين بدأت كتابتها.
اليوم 77
التقط نصف دستة من أعظم الروايات واقرأ فقط الجمل الافتتاحية في كلٍ منها.
اليوم 78
توجه إلى متجر كتب جيد واقرأ الجمل الافتتاحية للروايات الصادرة حديثاً.
اليوم 79
أعد قراءة جملتك الافتتاحية. إلى أي مدى ما زلتَ تراها قوية وحيوية؟
اليوم 80
راجع مخطوطك وتأكد من أنك قدمت لقارئك صورة لشخصياتك في وقتٍ مبكر من القصة. لا يحتاج القارئ لمعرفة كل شيء، لكنه بحاجة لأن يعرف ما هو مهم بدنياً وجسمانياً بالنسبة لكل شخصية. استعن بالحواس الخمس لتضع شخصياتك على الورق.
اليوم 81
إنك بحاجة لمشهد ذروة في نهاية كتابك، مشهد من شأنه أن يحل الصراع.
اليوم 82
أعد قراءة نهايات الروايات المفضلة لديك. إلى أي مدى تناظرها نهاية كتابك؟
اليوم 83
قال كاتب القصة القصيرة ريموند كارفر إنه كان يعرف أنه أنهى إحدى القصص حين يجد نفسه يراجعها ويضيف إليها فصلات، بدلاً من أن يراجعها ليحذف منها فصلات. أهكذا هو الحال معك؟
اليوم 84
اكتب فقرة واحدة وصفاً لروايتك.
اليوم 85
اكتب فقرة واحدة عن نفسك.
اليوم 86
لتقديم كتابك، اتبع التعليمات التالية:
قم بطباعة نسخة ورقية منه على ورق أبيض (غير شديد اللمعان) نموذجي الوزن والمقاييس.
لا تستخدم ورقاً من المثقوب على جانبه بثلاثة ثقوب.
لا تضم الأوراق معاً بأية طريقة.
اطبع مستخدماً طابعة ليزر أو إنك-جيت ink-jet – ولا تستخدم طابعة دوت-ماتريكس dot-matrix.
استخدم الفونط 12.
اترك مسافة سطر بين كل سطرين، وهوامش بمقدار بوصة واحدة على جانبي الصفحات.
رقّم الصفحات على التوالي من صفحة العنوان حتى آخر صفحات النص.
فلتبدأ كل فصل جديد من منتصف صفحة جديدة.
لا تذكر شيئاً عن حفظ الحقوق أو “قانون الملكية الفكرية”، فمن شأن هذا أن يظهرك بمظهر الهاوي.
اليوم 87
اطبع نسخة ورقية من روايتك.
اليوم 88
لا ترسل روايتك إلى أي جهة الآن، فقد حان الوقت لتجد الوكيل المناسب ليمثلك.
اليوم 89
لتبدأ عملية البحث عن وكيل أدبي:
راجع صفحات الشكر والتنويه في كتب شبيهة بكتابك بحثاً عن أسماء وكلاء المؤلفين.
اطلب من كتّاب آخرين توصياتهم واقتراحاتهم.
استعن بالانترنت، وابحث منطلقاً من كلمات مثل: “كاتب”، “تمثيل كاتب”، “وكيل أدبي”.
اليوم 90
اختر بعضاً من الوكلاء وأرسل لهم رسالة تبدأ – بعد الديباجة الضرورية:
لقد قرأت مؤخراً ____، وهو كتاب رائع، ورأيتُ أنك كنت الوكيل الأدبي ل ____
أو :
الصديق/الزميل ____، الذي تمثله أدبياً، اقترح عليّ اسمك كوكيل أدبي محتمل لكتابي.
أو:
لقد قرأت مقالك في _____ عن مجال إنتاج الكتب، وكنت آمل أن تفكر فيّ كعميل محتمل لك.
ثم:
أضف الفقرة التي كتبتها عن نفسك، ثم أضف الفقرة التي كتبتها حول روايتك.
اليوم 91
في رحلة البحث عن وكيل تذكر أنك ما زلتَ مجهولاً والوكلاء الذين على القمة مثقلون بالعملاء. توجه إلى هؤلاء الذين يشغلون منتصف سلم الوكلاء. وتأكد من أنهم يمثلون نفس نوع الروايات الذي كتبته.
اليوم 92
اكتب تلخيصاً موجزاً لروايتك – فقرة واحدة، ليس أكثر. ليكن تلخيصاً قوياً وحيوياً. يُعد هذا أداة مهمة من أدوات الترويج.
اليوم 93
احصل على فوتوكوبي – أو اطبع ورقياً – أول خمسين صفحة من روايتك. حاول أن تنهِ هذا الجزء عند نقطة تُشوّق من سيقرأ للاطلّاع على المزيد من القصة.
اليوم 94
اشترِ حافظة ورقية متينة ومبطنة بطانة خفيفة. ابحث في متاجر الأدوات المكتبية الكبرى.
اليوم 95
اكتب رسالة موجزة للغاية إلى الوكيل. ضمّن فيها الفقرة الوصفية لروايتك التي كتبتها فيما سبق. وضمّن فيها كذلك الفقرة المختصرة عنك. حاول أن تضفي طابعاً احترافياً، فلا تقل مثلاُ: “لطالما أردتُ أن أكون كاتباً…” أو “أستطيع أن أكتب أفضل من القمامة التي أراها منشورة…”
إذا أرسلتَ مخطوطك إلى أكثر من ناشر في الوقت نفسه فمن الواجب عليك أن تخبرهم بأن هذا “العرض مقدم إلى آخرين”. وسواءً قرأ أحدُهم النصّ أسرع من الآخر أم لا، فسوف تتلقَ الرد خلال فترة أقصر.
في هذه الحافظة الورقية المتينة والمبطنة ستضع كلاً من: أ) أول خمسين صفحة أو نحو ذلك من روايتك، ب) رسالتك الموجهة إلى الوكيل، وج) مظروف عليه عنوانك وطابع البريد لتلقي الرد من الوكيل. (المظروف يكفي فلن يرد لك تلك الخمسين صفحة من روايتك على كل حال.)
اليوم 96
احصل على حافظة من شركة الطرود حجمها مناسب وضع فيها حافظتك الورقية. لا تسترخص في لحظة الإرسال، حاول أن تكون محترفاً.
اليوم 97
سلّم المخطوط لشركة البريد. احتفظ بالوصل. وسجّل تاريخ الإرسال في أجندتك. لا تتوقع أن تتلقى رداً في غضون شهرين.
اليوم 98
ادعُ نفسك إلى مشروب. وسل نفسك بالتفكير فيمن سيكون بطل فيلم السهرة على قناة الأفلام التي تتابعها.
اليوم 99
تذكر أنه ما زال عليك أن تنتظر شهرين إلا يوماً. إياك والاتصال بالوكيل. إذا مرّ الشهران ولم تتلق رداً، يمكنك عندئذٍ أن ترسل رسالة قصيرة للاستفسار.
اليوم 100
ذكر نفسك أن الجميع – الجميع!- يتم رفضهم أحياناً. والحكايات الخاصة بذلك لا أول لها ولا آخر. مارجريت ميتشل (ذهب مع الريح)، ودافني دو مورير (ريبيكا)، وجوزيف هيللر (كاتش -22)، وستيفن كينج (أول أربع روايات له
حدودي السما- عضو
- عدد المساهمات : 183
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
العمر : 49
رد: كيف تكتب رواية في 100 يومٍ أو أقل؟ ( منقول )
موضوع جميل قرات الفقرات الاولى وأعجبني وحفظت الصفحة لتمامته فيما بعد .
شكرا لك
شكرا لك
صاف- عضو
- عدد المساهمات : 19
تاريخ التسجيل : 14/09/2013
مواضيع مماثلة
» كيف تكتب السيناريو - منقول
» كيف تكتب السيناريو الجزء الأول ( منقول )
» كيف تكتب السيناريو الجزء الثاني ( منقول )
» كيف تكتب السيناريو الجزء الثالث ( منقول )
» كيف تكتب سيناريو الفيلم التسجيلي - منقول
» كيف تكتب السيناريو الجزء الأول ( منقول )
» كيف تكتب السيناريو الجزء الثاني ( منقول )
» كيف تكتب السيناريو الجزء الثالث ( منقول )
» كيف تكتب سيناريو الفيلم التسجيلي - منقول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى