مشاهد من أول سيناريو مسلسل لي للأطفال أعرضه على أستاذنا الكريم سعدي
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مشاهد من أول سيناريو مسلسل لي للأطفال أعرضه على أستاذنا الكريم سعدي
السلام عليكم و رحمة الله و وبركاته
أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع و المفيد جدا
و إن شاء الله في ميزان حسناتكم و أخصّ بالشكر أستاذنا سعدي على مساعدته لنا نحن للمبتدئين
هذه أول محاولة لي في هذا المجال، أظن أنه ممل لأنني أطيل في السرد خاصة المشهد الأول..
و كنت كتبت بصيغة الماضي عوض المضارع أحداثه تدور بالجزائر..هذه 3 مشاهد
المشهد1: نهار داخلي
في قسم من أقسام سنة ثانية متوسط، كانت المعلمة ريم تلقي الدرس بحماس شديد، بينما كان الطفل الصغير حسين لاهيا برّسم حاسوب آليّ في آخر صفحة من كراسه، وقد ذهب فكره بعيدا، لا يعطي أهمية، لا للمعلّمة ولا للدرس. كانت ترتسم على وجهه ابتسامة جميلة وقد شرد ذهنه وذهب أين كان يريد أن يكون، عند حاسوب آلي آخر طراز، يلعب به ألعابا قتالية مشوّقة.
كانت الطفلة التي تجلس إلى جانبه ، ترتسم على ملامح وجهها ملامح التعاسة والكآبة، تتابع الدّرس باهتمام شديد ولكنَ ذلك لم يمنعها من أن تلحظ ما كان يفعله حسين وهي مستغربة وتقول لنفسها:
ناريمان: " لاشيء يهمّ حسين سوى اللّهو واللّعب ! "
مباشرة يجلس وراء حسين صديقه العزيز حسام، الذي كان يستمع إلى المعلّمة ويترّصد الفرصة تلو الأخرى كي يشارك بمعلوماته التي اكتسبها من مطالعته البارحة لكتابٍ عن جمعية العلماء المسلمين، و يريد أن يبرهن للمعلّمة المحبوبة حسن تحضيره للدرس، مثلما طلبت منهم البارحة، فقد أ َلِفَ حسام أن يحضَ بحُبّ وامتنان المعلّمة له، كونه الطفل المجتهد رقم واحد في قسمها، والمتحصِّل الدائم على المرتبة الأولى بجدارة واستحقاق!
المعلمة (وهي تُكمِل إلقاء الدرس قائلة) : " لقد ولد الشيخ عبد الحميد بن باديس يوم 04 ديسمبر 1889، بقسنطينة، و تمتد جذور أسرته إلى قبيلة صنهاجة البربرية التي لعبت دورا كبيرا في تاريخ الجزائر أثناء العصور الإسلامية المزدهرة في المغرب العربي. كان بوسع والده أن يدخله المدرسة الفرنسية مثلما تفعل أغلب العائلات الغنية آنذاك. لكنّه فضّل أن يعلّمه على يد مدّرسين مسلمين وكان يقول له:" يا عبد الحميد ! أنا أكفيك أمر الدنيا، أنفق عليك وأقوم بكلّ أمورك. ما طلبتَ منّي شيئا إلاّ لبيته لك في لمح البصر، فاكفني أمر الآخرة ! كن الولد الصالح العامل الذي ألقى به وجه الله تعالى ".
لقد أراد الوالد الذي عجز عن مواجهة الاستعمال الفرنسي الغاشم مباشرة، أن يعوّض ذلك بتنشئة ابنه للقيام بهذه المهمة، لعلّ ذلك العمل، يشفع له عند لقاء ربّه يوم القيامة إن شاء الله. فهل نجح يا أطفال، الولد في تحقيق مطلب والده الغالي؟ "
رفع معظم تلاميذ القسم أصابعهم من أجل الإجابة على سؤال المعلّمة، التي ما فتئت أن اختارت من بين هؤلاء التلاميذ واحدا، حتى لمحت الطفل حسين وهو يرسم على كراسه، غير متتّبع للدرس، فقالت له والغضب بادي على وجهها.
المعلمة (غاضبة): حسين !!"
حسين (مفاجئ يغلق كراسه بسرعة):"نعم أستاذة ! "
المعلّمة:" ألدَيكَ الإجابة الصَّحيحة على هذا السؤال؟ "
اِحمّر وجهُ حسين و قد أُحرج كثيرا.
المعلّمة: هل حقّق ابن باديس مطلب والده الغالي ؟"
حسين (فرح يعرف الجواب): " أجل معلّمة! فلقد أسّس جمعية العلماء المسلمين."
المعلمة (مبتسمة):"حسنا، إذن قل لي، متى أسسّها ؟"
صمَت حسين وهو يبحث بمعلوماته عن تاريخ تأسيس الجمعية ولكنه لم يجد شيئا، اشتد الأمر عليه، وخاف من توبيخ المعلمة له أمام زملائه، وندم ندما شديدا على عدم مراجعته للدرس البارحة، وهو صامت يتصبّبُ عرقا، سمِعَ صوتا خافتا يُخبره عن الإجابة الصحيحة، إنّها زميلته ناريمان.
ناريمان بصوت خافت: " في 1931 م ".
ظّل الولد ساكتا.
ألتفتت المعلِّمة إلى ناريمان و قالت لها:
المعلمة:"وأنت ناريمان! هل لديك الإجابة الصحيحة ؟"
وقفت ناريمان وقالت وهي متأكدة من الإجابة:
ناريمان:" تأسّست جمعية علماء المسلمين في1931م "
المعلّمة:" شكرا عزيزتي ! لم تخيِّبِ ظنّي بك أبدا! "
ثم نظرت إلى حسين نظرة عتاب وقالت له:
المعلمة: " لم تقم بتحضير الدرس مثلما طلبتُ منكم! إلى متى ستظّل غير مُكترثٍ بالعِلم والدراسة؟ أيّ مستقبل يا ترى تريده لنفسك؟ وعقابا لك على تجاهلك تعليماتي، آمرك بتحضير بحث عام وشامل عن هذا العلاّمة الجليل، ليوم الأربعاء القادم إن شاء الله !"
حسين خجلا: " حاضر معلمة ! ".
المعلمة: والآن يا أطفال من يُحدّثني عن أهداف الجمعية؟ "
حتى يرّن جرس المدرسة مُعلنا عن نهاية دروس فترة الصباح، فتُواصل المعلمة قائلة:
المعلّمة :" نكمل هذا الدرس يوم الأربعاء القادم إن شاء الله تعالى."
المشهد 2 : نهار خارجي
هرع التلاميذ إلى الخروج من القسم وكأنهم مساجين أ ُطلق سراحهم لِتوِّهِم، فخرَجَ حسام و حسين من القسم و هَمَّا بالنزول من سلالم المبنى وسط التلاميذ و ضجيجهم، فابتسم حسام و قال لصديقه رافعا صوته كي يسمعه:
حسام:" ما الذِّي جعل المعلمة تصطادك من بينِنا اصطيادا؟ ماذا فعلتْ ؟ "
حسين:" لم أفعل شيئا. كنتُ مُنشغِلا فقط برسم حاسوبي الذي سوف يشتريه لي إن شاء الله والدي هذا الخميس." و يبتسم.
حسام:" لم تكن تستمع إلى الدّرس إذن ؟" ( يضحك)
حسين:" تظنُ المعلمة أنها عاقبتني، و لكن لا! البحثُ الذي تريدني أن أنجزه في يومين جاهز وينتظر العرض!"
حسام (مستغرب): " جاهز ؟ و كيف ذلك ؟ "
حسين:" لقد قامت أختي فاطمة بإنجازه العام الماضي، فما علّي سوى أن أنقل عنه حرفيا، دون تغيير أو تعديل." ( يضحك )
حسام:" وهل ستدعك أختك ؟ "
حسين(يبتسم): طبعا لن تتركني في حالة ما أخبرتها."
خرج الولدين إلى الساحة حتى سمعا صوت طفلة صغيرة تناديهما من الخلف، التفت الطفلين إليها، فإذا بناريمان تقول لحسين :
ناريمان (تخاطب حسين):" لديّ كتاب رائع عن العلاّمة، يمكنك أن تنجز البحث منه بسهولة كبيرة! "
حسين (غاضب وقد احمّر وجهه):" لا أريد منك شيئا ألم تفهمي بعد ؟!"
ناريمان (تُلِّحُ عليه):" ولكنّ الكتابَ رائع سوف يساعدك كثيرا في ..."
حسين (يقاطعها): رغم أنّك مجتهدة بالقسم، إلاّ أنّك ثقيلة السّمع بطيئة الفهم ! أنا لا أريد منك شيئا ! "
وانصرف و لحق به حسام وهو غير راض عن تصرفه فقال له:
حسام: هي لا تستحقّ كلّ هذه الطيبة منك يا حسين!"
حسين (منزعج): هل أشفقتَ عليها ؟"
حسام (منزعج): أنت تُسيء معاملتها دائما !"
حسين:"هكذا لن تتدخّل بما لا يعنيها مرّة أخرى ! "
المشهد 3 : نهار خارجي
عند البوّابة الرّئيسية للمدرسة، لحق الطفل زكرياء بحسين وحسام، وهو زميلهما بالدراسة وقال لحسين وهو يريد السّخرية منه:
زكرياء:لا أظن أنّ أحدا تمنّى أن يكون في مكانك اليوم يا حسين!"
حسين(منزعج): ومن قال لك أنني قد أُحرجت اليوم ؟ حتى البحث الذي علّي تحضيره جاهز وينتظر التقديم."
زكرياء: والحاسوب؟ ألم تشتري بعد الحاسوب؟ لم يبقى سوى المتسّكعين بالشوارع لم يملكوا واحدا! "
حسين (فرح مسرور): هذا الخميس إن شاء الله. لم يشتريه لي أبي قبل الآن، لخوفه أن يُلهيني عن دراستي، ولكنّه عندما رأى علاماتي الجيّدة تيّقن أنّه لن يُعيقني عن دراستي ومراجعتي! هل أنت جاهز لتذوق طعم الخسارة والهزيمة أمامي ؟ "
زكرياء (بصوت المتحديّ) :" سوف أهزمك في عقر دارك ! ألم تعِدني أن تكون أوّل مبارزة فيما بيننا بمنزلكم ؟ "
حسين: " طبعا وأنا عند وعدي."
زكرياء:"ومثلما اتَّفقنا، الغالبُ يمنح المغلوب مجموعة ألعاب CDs يلعب بها لمدّة شهر كامل."
حسين: وأنا عند كلمتي ! حضِّر نفسك للهزيمة يا زكرياء ! "
توجَّه زكرياء إلى السيارة الفخمة التي كانت تنتظره قرب المدرسة، فهرع السائق لكي يفتح له الباب فانزعج زكرياء وقال له:
زكرياء:" لقد قلتُ لك مرارا أنّني أستطيع فتحها بنفسي."
السائق:" ولكن يا سيدي ! "
قال زكرياء لحسين وحسام:
زكرياء:" أوصلكما في طريقي ؟ "
هَمَّ حسين بالانصراف وهو يشُّدُ ذراع صديقه حسام كي يتبعه، ثم ردَّ عليه متضايقا:
حسين :" لا شكرا ! "
هزّ زكرياء كتفيه إلى الأعلى ووضع سمّاعتي الـ MP3 في أذنيه، ثم صعد بالسّيارة التي انطلقت ببطىء، أمامهما ثمّ اختفت عن الأنظار. قال حسين لحسام وهو منزعج:
حسين: " ولد مغرور. من يحسب نفسه ؟ "
حسام: لو كنتَ مكانه لكنتَ مثله !"
حسين (منزعج): " أتدافع عنه ؟ "
حسام (يضحك):" لا أبدا! ولكنّي زرتُه ببيته لمرات عديدة، فلم يكن منّي إلاّ الانبهار والتعجّب لمستوى عيشه الرفيع ونمط حياته البديع!"
حسين: " أرى أنك انقلبت فجأة إلى شاعر فصيح! "
حسام (يضحك):" قصْرٌ من 3 طوابق بخدم وحشم، عدد غرفه لا تُعَدُّ لا تُحصى، أما غرفته فواسعة جدا بها سرير ضخم، مكتبة و شرفة كبيرة. لديه حاسوب محمول وجهاز الـ Play station، إضافة إلى صالونه الصغير المحتوي على آرائك أنيقة وزرابي بديعة ولوحات لرّسامين مشهورين وتلفزة جدارية من آخر طراز. لو كنتُ مكانه، لعشت في غرفتي تلك، سنين طويلة دون الخروج منها! "
حسين (منزعج): أنا لا أفهم! من المفروض أنّ عالمه الرّائع هذا يُلهيه عن الاستهزاء بي ! "
حسام: أنت لا تعرفه! فبالرّغم من كلّ ذلك النعيم فهو ولد تعيس."
حسين (مستغرب): من، زكرياء؟ نحن التُعساء وليس هو! "
حسام: "يبدو أنّه يحاول أن يُخفي حُزنه الشّديد عمّن حوله، و السّبب والديه. يُقال أن والده مشغول بإدارة شركاته، نهاره بالعمل وليله بمكتبه الخاص، أمّا والدته، فلاهية بكلّ شيء ماعدا ابنها: حفلات و سهرات وفُسح مع صديقاتها! ".
حسين: من المفروض أن يكون سعيدا، فكلّ ما يتمنّاه يحضر عنده في الحال! وبما أنّ والداه يُلبيّان كلّ طلباته فهذا دليل كافي على حبّهما له! ماذا يريد أكثر من ذلك ؟"
حسام: ولكنّ المال وحده لا يكفي يا حسين! الحُبّ والاهتمام الدائم من طرف الوالدين، هما مصدر السّعادة وأغلى من كلّ كنور الدنيا ".
حسين (يضحك):" صرتَ أديبا يا حسام! أظُننّي سوف أقوم إن شاء الله ببحث الأدب العربي معك! هل توافق؟"
حسام (يضحك): " وأنا موافق! ".
حسين (منزعج): أنا أكره التحدّث معه! هو يستفِزُني ويُحبّ الاستهزاء بي. هو يضطّرني إلى الكذب كي لا أُحرَج بسبب أسئلته التي ليست في محلّها. مع أنّ أمّي توصيني دائما بأن لا أكذب مهما كان السبب!
حسام:"أوصتني أمّي، أن لا يضطرّني أحد الى الكذب."
حسين:" حسنا، سوف لن يضطرني إن شاء الله أحد الى الكذب بعد الآن !"
حسام: دعنا منه الآن! قُل لي، ألا يغار أخويك لأن والدك سوف يشتري إن شاء الله الحاسوب لك دونهم! حسين:" لا، أبي يعتمد على الادِّخار من مال راتبه كي يُلبيَّ لنا حاجياتنا ورغباتنا. لقد بدأ أبي بشراء دراجّة لأخي إبراهيم ثم اشترى لفاطمة خاتم من الذهب الخالص."
حسام: ثم جاء دورك الآن. "
حسين: لا، بعد فاطمة اشترى والدي لأمي قلادة رائعة من الذّهب الخالص."
حسام: رائع! وأخيرا جاء دورك! أمر رائع أن تُخبأ المال وتنساه، ثم تجده وقت الاحتياج إليه."
حسين: أجل! (يبتسم) كلّ عامل يدّخر على حسب مقدوره. "
حسام: سوف أجعل والدك قدوة لي إن شاء الله !"
حسين (فرح مسرور): وأنا أيضا! ".
وأكمل الولدين مسيرهما إلى المنزل.
أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع و المفيد جدا
و إن شاء الله في ميزان حسناتكم و أخصّ بالشكر أستاذنا سعدي على مساعدته لنا نحن للمبتدئين
هذه أول محاولة لي في هذا المجال، أظن أنه ممل لأنني أطيل في السرد خاصة المشهد الأول..
و كنت كتبت بصيغة الماضي عوض المضارع أحداثه تدور بالجزائر..هذه 3 مشاهد
المشهد1: نهار داخلي
في قسم من أقسام سنة ثانية متوسط، كانت المعلمة ريم تلقي الدرس بحماس شديد، بينما كان الطفل الصغير حسين لاهيا برّسم حاسوب آليّ في آخر صفحة من كراسه، وقد ذهب فكره بعيدا، لا يعطي أهمية، لا للمعلّمة ولا للدرس. كانت ترتسم على وجهه ابتسامة جميلة وقد شرد ذهنه وذهب أين كان يريد أن يكون، عند حاسوب آلي آخر طراز، يلعب به ألعابا قتالية مشوّقة.
كانت الطفلة التي تجلس إلى جانبه ، ترتسم على ملامح وجهها ملامح التعاسة والكآبة، تتابع الدّرس باهتمام شديد ولكنَ ذلك لم يمنعها من أن تلحظ ما كان يفعله حسين وهي مستغربة وتقول لنفسها:
ناريمان: " لاشيء يهمّ حسين سوى اللّهو واللّعب ! "
مباشرة يجلس وراء حسين صديقه العزيز حسام، الذي كان يستمع إلى المعلّمة ويترّصد الفرصة تلو الأخرى كي يشارك بمعلوماته التي اكتسبها من مطالعته البارحة لكتابٍ عن جمعية العلماء المسلمين، و يريد أن يبرهن للمعلّمة المحبوبة حسن تحضيره للدرس، مثلما طلبت منهم البارحة، فقد أ َلِفَ حسام أن يحضَ بحُبّ وامتنان المعلّمة له، كونه الطفل المجتهد رقم واحد في قسمها، والمتحصِّل الدائم على المرتبة الأولى بجدارة واستحقاق!
المعلمة (وهي تُكمِل إلقاء الدرس قائلة) : " لقد ولد الشيخ عبد الحميد بن باديس يوم 04 ديسمبر 1889، بقسنطينة، و تمتد جذور أسرته إلى قبيلة صنهاجة البربرية التي لعبت دورا كبيرا في تاريخ الجزائر أثناء العصور الإسلامية المزدهرة في المغرب العربي. كان بوسع والده أن يدخله المدرسة الفرنسية مثلما تفعل أغلب العائلات الغنية آنذاك. لكنّه فضّل أن يعلّمه على يد مدّرسين مسلمين وكان يقول له:" يا عبد الحميد ! أنا أكفيك أمر الدنيا، أنفق عليك وأقوم بكلّ أمورك. ما طلبتَ منّي شيئا إلاّ لبيته لك في لمح البصر، فاكفني أمر الآخرة ! كن الولد الصالح العامل الذي ألقى به وجه الله تعالى ".
لقد أراد الوالد الذي عجز عن مواجهة الاستعمال الفرنسي الغاشم مباشرة، أن يعوّض ذلك بتنشئة ابنه للقيام بهذه المهمة، لعلّ ذلك العمل، يشفع له عند لقاء ربّه يوم القيامة إن شاء الله. فهل نجح يا أطفال، الولد في تحقيق مطلب والده الغالي؟ "
رفع معظم تلاميذ القسم أصابعهم من أجل الإجابة على سؤال المعلّمة، التي ما فتئت أن اختارت من بين هؤلاء التلاميذ واحدا، حتى لمحت الطفل حسين وهو يرسم على كراسه، غير متتّبع للدرس، فقالت له والغضب بادي على وجهها.
المعلمة (غاضبة): حسين !!"
حسين (مفاجئ يغلق كراسه بسرعة):"نعم أستاذة ! "
المعلّمة:" ألدَيكَ الإجابة الصَّحيحة على هذا السؤال؟ "
اِحمّر وجهُ حسين و قد أُحرج كثيرا.
المعلّمة: هل حقّق ابن باديس مطلب والده الغالي ؟"
حسين (فرح يعرف الجواب): " أجل معلّمة! فلقد أسّس جمعية العلماء المسلمين."
المعلمة (مبتسمة):"حسنا، إذن قل لي، متى أسسّها ؟"
صمَت حسين وهو يبحث بمعلوماته عن تاريخ تأسيس الجمعية ولكنه لم يجد شيئا، اشتد الأمر عليه، وخاف من توبيخ المعلمة له أمام زملائه، وندم ندما شديدا على عدم مراجعته للدرس البارحة، وهو صامت يتصبّبُ عرقا، سمِعَ صوتا خافتا يُخبره عن الإجابة الصحيحة، إنّها زميلته ناريمان.
ناريمان بصوت خافت: " في 1931 م ".
ظّل الولد ساكتا.
ألتفتت المعلِّمة إلى ناريمان و قالت لها:
المعلمة:"وأنت ناريمان! هل لديك الإجابة الصحيحة ؟"
وقفت ناريمان وقالت وهي متأكدة من الإجابة:
ناريمان:" تأسّست جمعية علماء المسلمين في1931م "
المعلّمة:" شكرا عزيزتي ! لم تخيِّبِ ظنّي بك أبدا! "
ثم نظرت إلى حسين نظرة عتاب وقالت له:
المعلمة: " لم تقم بتحضير الدرس مثلما طلبتُ منكم! إلى متى ستظّل غير مُكترثٍ بالعِلم والدراسة؟ أيّ مستقبل يا ترى تريده لنفسك؟ وعقابا لك على تجاهلك تعليماتي، آمرك بتحضير بحث عام وشامل عن هذا العلاّمة الجليل، ليوم الأربعاء القادم إن شاء الله !"
حسين خجلا: " حاضر معلمة ! ".
المعلمة: والآن يا أطفال من يُحدّثني عن أهداف الجمعية؟ "
حتى يرّن جرس المدرسة مُعلنا عن نهاية دروس فترة الصباح، فتُواصل المعلمة قائلة:
المعلّمة :" نكمل هذا الدرس يوم الأربعاء القادم إن شاء الله تعالى."
المشهد 2 : نهار خارجي
هرع التلاميذ إلى الخروج من القسم وكأنهم مساجين أ ُطلق سراحهم لِتوِّهِم، فخرَجَ حسام و حسين من القسم و هَمَّا بالنزول من سلالم المبنى وسط التلاميذ و ضجيجهم، فابتسم حسام و قال لصديقه رافعا صوته كي يسمعه:
حسام:" ما الذِّي جعل المعلمة تصطادك من بينِنا اصطيادا؟ ماذا فعلتْ ؟ "
حسين:" لم أفعل شيئا. كنتُ مُنشغِلا فقط برسم حاسوبي الذي سوف يشتريه لي إن شاء الله والدي هذا الخميس." و يبتسم.
حسام:" لم تكن تستمع إلى الدّرس إذن ؟" ( يضحك)
حسين:" تظنُ المعلمة أنها عاقبتني، و لكن لا! البحثُ الذي تريدني أن أنجزه في يومين جاهز وينتظر العرض!"
حسام (مستغرب): " جاهز ؟ و كيف ذلك ؟ "
حسين:" لقد قامت أختي فاطمة بإنجازه العام الماضي، فما علّي سوى أن أنقل عنه حرفيا، دون تغيير أو تعديل." ( يضحك )
حسام:" وهل ستدعك أختك ؟ "
حسين(يبتسم): طبعا لن تتركني في حالة ما أخبرتها."
خرج الولدين إلى الساحة حتى سمعا صوت طفلة صغيرة تناديهما من الخلف، التفت الطفلين إليها، فإذا بناريمان تقول لحسين :
ناريمان (تخاطب حسين):" لديّ كتاب رائع عن العلاّمة، يمكنك أن تنجز البحث منه بسهولة كبيرة! "
حسين (غاضب وقد احمّر وجهه):" لا أريد منك شيئا ألم تفهمي بعد ؟!"
ناريمان (تُلِّحُ عليه):" ولكنّ الكتابَ رائع سوف يساعدك كثيرا في ..."
حسين (يقاطعها): رغم أنّك مجتهدة بالقسم، إلاّ أنّك ثقيلة السّمع بطيئة الفهم ! أنا لا أريد منك شيئا ! "
وانصرف و لحق به حسام وهو غير راض عن تصرفه فقال له:
حسام: هي لا تستحقّ كلّ هذه الطيبة منك يا حسين!"
حسين (منزعج): هل أشفقتَ عليها ؟"
حسام (منزعج): أنت تُسيء معاملتها دائما !"
حسين:"هكذا لن تتدخّل بما لا يعنيها مرّة أخرى ! "
المشهد 3 : نهار خارجي
عند البوّابة الرّئيسية للمدرسة، لحق الطفل زكرياء بحسين وحسام، وهو زميلهما بالدراسة وقال لحسين وهو يريد السّخرية منه:
زكرياء:لا أظن أنّ أحدا تمنّى أن يكون في مكانك اليوم يا حسين!"
حسين(منزعج): ومن قال لك أنني قد أُحرجت اليوم ؟ حتى البحث الذي علّي تحضيره جاهز وينتظر التقديم."
زكرياء: والحاسوب؟ ألم تشتري بعد الحاسوب؟ لم يبقى سوى المتسّكعين بالشوارع لم يملكوا واحدا! "
حسين (فرح مسرور): هذا الخميس إن شاء الله. لم يشتريه لي أبي قبل الآن، لخوفه أن يُلهيني عن دراستي، ولكنّه عندما رأى علاماتي الجيّدة تيّقن أنّه لن يُعيقني عن دراستي ومراجعتي! هل أنت جاهز لتذوق طعم الخسارة والهزيمة أمامي ؟ "
زكرياء (بصوت المتحديّ) :" سوف أهزمك في عقر دارك ! ألم تعِدني أن تكون أوّل مبارزة فيما بيننا بمنزلكم ؟ "
حسين: " طبعا وأنا عند وعدي."
زكرياء:"ومثلما اتَّفقنا، الغالبُ يمنح المغلوب مجموعة ألعاب CDs يلعب بها لمدّة شهر كامل."
حسين: وأنا عند كلمتي ! حضِّر نفسك للهزيمة يا زكرياء ! "
توجَّه زكرياء إلى السيارة الفخمة التي كانت تنتظره قرب المدرسة، فهرع السائق لكي يفتح له الباب فانزعج زكرياء وقال له:
زكرياء:" لقد قلتُ لك مرارا أنّني أستطيع فتحها بنفسي."
السائق:" ولكن يا سيدي ! "
قال زكرياء لحسين وحسام:
زكرياء:" أوصلكما في طريقي ؟ "
هَمَّ حسين بالانصراف وهو يشُّدُ ذراع صديقه حسام كي يتبعه، ثم ردَّ عليه متضايقا:
حسين :" لا شكرا ! "
هزّ زكرياء كتفيه إلى الأعلى ووضع سمّاعتي الـ MP3 في أذنيه، ثم صعد بالسّيارة التي انطلقت ببطىء، أمامهما ثمّ اختفت عن الأنظار. قال حسين لحسام وهو منزعج:
حسين: " ولد مغرور. من يحسب نفسه ؟ "
حسام: لو كنتَ مكانه لكنتَ مثله !"
حسين (منزعج): " أتدافع عنه ؟ "
حسام (يضحك):" لا أبدا! ولكنّي زرتُه ببيته لمرات عديدة، فلم يكن منّي إلاّ الانبهار والتعجّب لمستوى عيشه الرفيع ونمط حياته البديع!"
حسين: " أرى أنك انقلبت فجأة إلى شاعر فصيح! "
حسام (يضحك):" قصْرٌ من 3 طوابق بخدم وحشم، عدد غرفه لا تُعَدُّ لا تُحصى، أما غرفته فواسعة جدا بها سرير ضخم، مكتبة و شرفة كبيرة. لديه حاسوب محمول وجهاز الـ Play station، إضافة إلى صالونه الصغير المحتوي على آرائك أنيقة وزرابي بديعة ولوحات لرّسامين مشهورين وتلفزة جدارية من آخر طراز. لو كنتُ مكانه، لعشت في غرفتي تلك، سنين طويلة دون الخروج منها! "
حسين (منزعج): أنا لا أفهم! من المفروض أنّ عالمه الرّائع هذا يُلهيه عن الاستهزاء بي ! "
حسام: أنت لا تعرفه! فبالرّغم من كلّ ذلك النعيم فهو ولد تعيس."
حسين (مستغرب): من، زكرياء؟ نحن التُعساء وليس هو! "
حسام: "يبدو أنّه يحاول أن يُخفي حُزنه الشّديد عمّن حوله، و السّبب والديه. يُقال أن والده مشغول بإدارة شركاته، نهاره بالعمل وليله بمكتبه الخاص، أمّا والدته، فلاهية بكلّ شيء ماعدا ابنها: حفلات و سهرات وفُسح مع صديقاتها! ".
حسين: من المفروض أن يكون سعيدا، فكلّ ما يتمنّاه يحضر عنده في الحال! وبما أنّ والداه يُلبيّان كلّ طلباته فهذا دليل كافي على حبّهما له! ماذا يريد أكثر من ذلك ؟"
حسام: ولكنّ المال وحده لا يكفي يا حسين! الحُبّ والاهتمام الدائم من طرف الوالدين، هما مصدر السّعادة وأغلى من كلّ كنور الدنيا ".
حسين (يضحك):" صرتَ أديبا يا حسام! أظُننّي سوف أقوم إن شاء الله ببحث الأدب العربي معك! هل توافق؟"
حسام (يضحك): " وأنا موافق! ".
حسين (منزعج): أنا أكره التحدّث معه! هو يستفِزُني ويُحبّ الاستهزاء بي. هو يضطّرني إلى الكذب كي لا أُحرَج بسبب أسئلته التي ليست في محلّها. مع أنّ أمّي توصيني دائما بأن لا أكذب مهما كان السبب!
حسام:"أوصتني أمّي، أن لا يضطرّني أحد الى الكذب."
حسين:" حسنا، سوف لن يضطرني إن شاء الله أحد الى الكذب بعد الآن !"
حسام: دعنا منه الآن! قُل لي، ألا يغار أخويك لأن والدك سوف يشتري إن شاء الله الحاسوب لك دونهم! حسين:" لا، أبي يعتمد على الادِّخار من مال راتبه كي يُلبيَّ لنا حاجياتنا ورغباتنا. لقد بدأ أبي بشراء دراجّة لأخي إبراهيم ثم اشترى لفاطمة خاتم من الذهب الخالص."
حسام: ثم جاء دورك الآن. "
حسين: لا، بعد فاطمة اشترى والدي لأمي قلادة رائعة من الذّهب الخالص."
حسام: رائع! وأخيرا جاء دورك! أمر رائع أن تُخبأ المال وتنساه، ثم تجده وقت الاحتياج إليه."
حسين: أجل! (يبتسم) كلّ عامل يدّخر على حسب مقدوره. "
حسام: سوف أجعل والدك قدوة لي إن شاء الله !"
حسين (فرح مسرور): وأنا أيضا! ".
وأكمل الولدين مسيرهما إلى المنزل.
كريمة- عضو
- عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 10/04/2011
رد: مشاهد من أول سيناريو مسلسل لي للأطفال أعرضه على أستاذنا الكريم سعدي
نتمنى لك التوفيق..
عبدالله حديجان- عضو
- عدد المساهمات : 50
تاريخ التسجيل : 23/03/2011
العمر : 42
الموقع : اليمن - حضرموت - المكلا
رد: مشاهد من أول سيناريو مسلسل لي للأطفال أعرضه على أستاذنا الكريم سعدي
مشكور أخي
الله يسعدك
الله يسعدك
كريمة- عضو
- عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 10/04/2011
رد: مشاهد من أول سيناريو مسلسل لي للأطفال أعرضه على أستاذنا الكريم سعدي
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم
رائع و الله ما كتبته و الله و لي التوفيق و السداد.
لدي ملاحظتان لو سمحت:
1 - سكان شمال افريقيا الأوائل ليسوا بربرا و إنما هم أمازيغ.
2 - منطقة شمال افريقيا ليست مغربا عربيا, و الأفضل أن تسمى بأصلها "تمازغا" أو الغرب الإسلامي.
و لك مني كل الاحترام.
رائع و الله ما كتبته و الله و لي التوفيق و السداد.
لدي ملاحظتان لو سمحت:
1 - سكان شمال افريقيا الأوائل ليسوا بربرا و إنما هم أمازيغ.
2 - منطقة شمال افريقيا ليست مغربا عربيا, و الأفضل أن تسمى بأصلها "تمازغا" أو الغرب الإسلامي.
و لك مني كل الاحترام.
hasni- عضو
- عدد المساهمات : 78
تاريخ التسجيل : 30/09/2010
العمر : 43
أفضل الصلاة..
أفضل الصلاة على سيد الكون وعلى آله وصحبه وسلم..
عبدالله غفال- عضو متميز
- عدد المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 23/01/2009
رد: مشاهد من أول سيناريو مسلسل لي للأطفال أعرضه على أستاذنا الكريم سعدي
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته أخي حسني
سعيدة أخي بمرورك و أسعد لسماع رأيك
و صحيح ما قلته، أمازيغ و ليسوا بربر
أمّا المغرب العربي كان حلما لم يتحقق..
جزيل الشكر أخي
سعيدة أخي بمرورك و أسعد لسماع رأيك
و صحيح ما قلته، أمازيغ و ليسوا بربر
أمّا المغرب العربي كان حلما لم يتحقق..
جزيل الشكر أخي
كريمة- عضو
- عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 10/04/2011
رد: مشاهد من أول سيناريو مسلسل لي للأطفال أعرضه على أستاذنا الكريم سعدي
سلام الله عليك أخي عبدالله غفال
على معلّم البشرية افضل الصلاة و أزكى التسليم
شكرا على مرورك العطر
على معلّم البشرية افضل الصلاة و أزكى التسليم
شكرا على مرورك العطر
كريمة- عضو
- عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 10/04/2011
مواضيع مماثلة
» أبحث عن سيناريو مسلسل تليفزيوني للأطفال
» 5 مشاهد أولى من سيناريو كتبته أرجو التقييم من أساتذتنا الكرام
» مشاهد من مسلسل بعنوان ظل المدينة أرجو الرد
» مشاهد من سيناريو بالألوان الطبيعية
» حلقة من سيناريو مسلسل بدوي
» 5 مشاهد أولى من سيناريو كتبته أرجو التقييم من أساتذتنا الكرام
» مشاهد من مسلسل بعنوان ظل المدينة أرجو الرد
» مشاهد من سيناريو بالألوان الطبيعية
» حلقة من سيناريو مسلسل بدوي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى