كيف تكتب السيناريو - منقول
صفحة 1 من اصل 1
كيف تكتب السيناريو - منقول
هذه المقالة تختص بالقصة و بنائها فى كتابة السيناريو و هو موضوع قد جمعته و هو بالطبع ليس من وضعى ولا تأليفى و لكنه بكل الاحوال مفيد جدا لمن يحاولون الغوص فى هذا المجال ...
-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
ما معني بناء القصه ؟؟
طبعا بمجرد اختيار الكاتب ( السيناريست ) للقصه بكدا يبقي حدد تقريبا الخطوط الرئيسيه اللي هيمشي عليها في القصه فيما بعد و هيا اكيد اللي بتحدد اسلوب الحوار و المناقشه و المناظر و كل حاجه ويكون عليه في هذه المرحلة أن يتأكد من سلامة منطق الأفكار الأساسية المطروحة وكذلك من مدي قدرة هذه الأفكار علي اجتذاب الجمهور وإثارته.
ماذا عن بناء السيناريو ؟؟
الواقع أن الفيلم السينمائي ما هو إلا وسيلة بصرية تجسد، دراميا، الخط الأساسي لقصة ما، وكبقية الأعمال القصصية فإن للفيلم بداية ووسطا ونهاية.
والبناء الدرامي هو ترتيب لأحداث وحلقات متصلة بشكل خطي متنامٍ، أو أحداث تدفع باتجاه حل درامي. وهذا الترتيب الخطي يعتمد على النموذج المذكور: البداية والوسط والنهاية.
ومن ثم، فالبناء Structure في السيناريو هو تحديد وضع الأحداث في القصة، وعلاقة كل منها بالأخرى، مرتبة بشكل متنامٍ بحيث تدفع في اتجاه حل درامي. ,وهوالإطار الذي من خلاله يتم ربط الأحداث معا. وتشمل العناصر الأساسية لهذا البناء: نقاط الحبكة، ونقاط التحول الرئيسية ، والفصول.
نقاط الحبكةPlot Points :
حبكة القصة هي الإطار العام للحدث، ويجب أن يتضمن هذا الإطار شخصية أو شخصيات أساسية في موقف ما، وتسير الأحداث باتجاه التعقيد حيث تضطر الشخصيات للقيام بأشياء معينة، مما يؤدي إلى خلق سلسلة من الأزمات والمصاعب التي تزيد الأمور تعقيدا حتى تصل إلى الذروة الدرامية، وهي أكثر هذه الأزمات تعقيدا، وبعدها يبدأ خط الحبكة في الاتجاه نحو الحل.
ونقاط الحبكة هي المواضع التي تسهم في دفع القصة إلى الأمام. وتشمل كل التعقيدات، أو الأزمات والعقبات التي تواجه البطل، وتدفعه لاتخاذ موقف معين. وقد يأخذ موضع الحبكة شكل رد فعل لشخص، أو جزء من حوار، أو حدث، وقد يشمل مشهداً بكامله. وأحياناً يكون موضع الحبكة إيجابيا، خاصة حين يتم تحضير البطل للسقوط.
ويؤثر ترتيب وتوقيت مواضع الحبكة علي دورها في تطور القصة. فالمواضع التي تُطور بإحكام وعناية تؤدي إلى سيناريو محكم، سريع الحركة. ومع تقدم النص، ينبغي أن تكون كل نقطة من نقاط الحبكة أكثر تعقيداً، وتشويقاً من سابقتها. ومن الأخطاء الشائعة في السيناريوهات أنه كلما تقدمت القصة تتباعد المواضع الرئيسية للحبكة. ويؤدي ذلك إلى إبطاء سرعة الفيلم، والذي يشعر به المتفرج علي الفور.
وأفضل طريقة لتجنب مواضع الحبكة الضعيفة أن يقوم كاتب السيناريو بالتفكير في نقاط كثيرة للحبكة، أكثر من احتياجه الفعلي، ثم يقوم بعد ذلك بتقييمها، وحذف ما يراه متكرراً أو ضد تصاعد الحدث. ويبحث معظم كاتبي السيناريو باستمرار عن مواضع حبكة مميزة وفريدة، غير أن معظم مواضع الحبكة قد تم عملها بشكل أو بآخر. إن الذي يكسب المشهد تفرده هو التأثير التراكمي الذي يكونه تجميع جزئيات أصغر بعناية، وفي ترتيب معين يعبر عن رؤيا جديدة.
يجب أيضا أن تتميز مواضع الحبكة بالصدق بالنسبة لعالم النص، وألا تأتي عن طريق الصدفة. فالمتفرج لا يقبل بها مفتعلة وغير حقيقية، وسوف تؤدي إلى فشل القصة. ويمكن التعبير عن مواضع الحبكة "بالتطور"، أو "القوة الدافعة" في القصة.
أنماط الحبكة:
إن محاولة تصنيف الحبكة إلى أنماط معدودة قديمة قدم أفلاطون، ولهذا قال القدماء أنه لم تعد ثمة أفكار جديدة، لأن الأفكار لا تخرج عن عدد معين من الأنماط، وأن الإبداع الحقيقي إنما يتمثل في الشكل الذي يقدم به العمل.
وإذا حاولنا تصنيف أنواع الحبكة، سنجد أنها تشمل ما يلي:
1 - نمط الحب: وتدور حول اثنين متحابين تفصل بينهما عقبات مختلفة.
2 - نمط النجاح: شخص يحاول تحقيق النجاح في أمر ما، وينتهي بالنجاح أو الفشل في مسعاه.
3 - نمط سندريلا: وهو نفس القصة القديمة لتحول القبيح إلى جميل، في أشكال عديدة، وأشهر هذه الأشكال قصص بيجماليون، والجميلة والوحش... الخ.
4 - المثلث: ويتناول الغراميات المتبادلة لثلاثة أشخاص، ورغم أن هذا النمط من أنماط الحبكة كثيرا ما يبتذل في أفلام تافهة، إلا أنه لا يزال من الأنماط الشائعة، كما أن طريقة المعالجة يمكن أن تخلق فيلما رائعا، وقد قامت على هذا النمط أفلام تعتبر الآن من كلاسيكيات السينما، ونذكر منها على سبيل المثال فيلم "صراع في الميناء" بين فاتن حمامة وعمر الشريف وأحمد رمزي.
5 - العودة: وهو أحد الأنماط الدرامية التي تدول حول عودة غائب، ابن ضال، أب غائب، زوج مفقود، وبالطبع من الأمثلة الشهيرة فيلم "لا وقت للدموع"، حيث تصل الأخبار بوفاة الضابط عمر على الجبهة، وبعد أن تمر سنوات تفاجأ البطلة اليائسة بعودة حبيبها، ولكن بعد فوات الأوان. كذلك فيلم "صراع في الميناء" يمكن أن نضمه أيضا إلى هذا النمط حيث يبدأ بعودة الابن الغائب التي تدفع أحداث الفيلم.
6 - نمط الانتقام: وبداية من قصة الكونت دي مونت كريستو التي تم الاقتباس عنها في أكثر من فيلم، بدءا من فيلم أنور وجدي الشهير "أمير الظلام"، إلى فيلم "دائرة الانتقام"، كما لا ننسى الأفلام التي تروي عن الثأر في صعيد مصر، وغيرها.
7 - التوبة: هذا النمط الذي يدور حول تخلي شخص شرير عن شخصيته الشريرة ليعود إلى الخير والفضيلة.
8 - التضحية: وهو عكس الانتقام.
9 - نمط العائلة: ومن أشهر أفلام هذا النمط في السينما العربية فيلم "إمبراطورية ميم"، ولا تندرج تحت هذا النمط القصص التي تدور بين أفراد عائلة واحدة فقط، وإنما يشمل أي جماعة ربطت بينها روابط الألفة بشكل ما.
نقاط التحول : Key Plot Points
نقطة التحول، هي نقطة من النقاط الرئيسية في الحبكة، والتي تؤثر بشدة على مسار القصة. ومن الناحية النظرية، تؤدي نقطة التحول إلى إثراء الإحساس الدرامي بالقصة، وزيادة إغراق المتفرج فيها.
ومن نقاط التحول الرئيسية:
1 - الحدث الملهم: Inciting Incident
يؤدي الحدث الملهم إلى البدء في القصة، والتعرف علي المحرك الخارجي للبطل (الهدف). فهو يعمل عمل "الصنارة" لجذب المتفرج. ويجب أن يكون هذا الحدث ذا طابع مميز، ومخططا له بعناية، وأن يكون حدثا كامل التطور. ويجب أن يكون في بداية السيناريو، عادة في الصفحات العشر الأولى منه.
وفي أحيان نادرة قد يأتي هذا الحدث المقصود في وقت لاحق في السيناريو. ويكون ذلك مطلوباً حين تكون هناك حاجة إلى تطوير خط القصة الثاني (الداخلي) لفهم الحدث المقصود بعد ذلك. وعلى سبيل المثال في فيلم "الطيور" Birds، تم بناء الحبكة لقصة الحب قبل حدوث الهجوم الأول لتأسيس العلاقات المركبة. وفي هذه الحالة، ينبغي أن يكون تأخير خط القصة الرئيسي بما لا يزيد عن الفترة الضرورية لتوصيل معلومات معينة للمتفرج أولاً.
2 - لحظة الكشف: Revelation
أكثر نقاط التحول تأثيرا هي التي يطلق عليها لحظة "الكشف" Revelation. وهي لحظات الاكتشاف التي يصل إليها البطل وهو يعمل علي الوصول لهدفه. ويجب أن تكون كل لحظة كشف جديدة أكثر درامية من السابقة عليها، وتغير اتجاه فعل البطل بطريقة غير متوقعة بالنسبة للمتفرج.
3 - الكشف الذاتي: Self Revelation
إحدى لحظات الكشف الأخيرة في السيناريو تتعلق بدافع البطل الداخلي، ويحدث ذلك عندما يدرك البطل نقطة ضعفه، وكيف تسبب الإيذاء له أو الآخرين المهتمين به. ويؤدي ذلك الإدراك إلى نمو في شخصية البطل، غالبا في اتجاه النضج. ولكن قد يحدث في بعض الأحيان أن يرفض البطل ذلك النضج.
وغالباً ما تحدث عملية الكشف الذاتي Self-Revelation عن الدافع الداخلي للبطل قرب أو عند ذروة القصة فتساهم في حل الدافع الخارجي ووصول البطل لهدفه.
4 - التضاد: Reversal
التضاد هو ازدواج بين موضعين للحبكة، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، مما يثري القصة، ويساهم في إرباك المتفرج ويرفع من توقعاته لما في طريقه للحدوث. ويعتبر التضاد Reversal مفتاحا لمشاهد الحركة الجيدة، خاصة إذا استخدم في تعاقب سريع.
ويشبه كاتب السيناريو المعروف "شون بلاك" التضاد "بنكتة الأخبار السارة/السيئة". فمثلاً الخبر السار هو أن البطل نجح في الهروب من الأشرار، أما الخبر السيئ فهو أنه لا يستطيع الحفاظ علي توازنه، فيكون الخبر السار التالي هو انه استطاع تثبيت أقدامه واستعادة التوازن، ثم تهتز قدمه مرة أخرى بالفعل، وهكذا. وكثير من أفلام الحركة الشهيرة مبنية بهذه الطريقة. والتضاد المتعاقب في المعلومات قد يساهم في زيادة المحتوي الدرامي للقصة، غير أن القصة هنا تكون أكثر بطئاً.
5 - القرار المصيري: Critical Decision
ومن مواضع الحبكة القوية الوقت الذي يُجبر فيه البطل علي اتخاذ قرار مصيري. ويجب أن يشعر المتفرج بأهمية هذا القرار وضرورته، ولابد أن يوحي بأن اتخاذه هو أمر ملح وعاجل. وعادة ما تكون لحظة الكشف الذاتي للدافع الداخلي للبطل مرتبطة بقرار مصيري، للتدليل على نضج الشخصية وتطورها.
6 - اللحظة الانتقالية : Transcendental Moment
هي لحظة تكثيف للمشاعر لكل من الشخصيات والمتفرجين. وعادة ترتبط بفعل بطولي يقرب بين شخصيات متضادة. وتحدث هذه اللحظة في قلب مشهد مثير للانفعالات حتى يستدر مشاعر ودموع المتفرجين. وأغلب الكلاسيكيات الميلودرامية المصرية لا تخلو من مثل هذا المشهد، وأحيانا أكثر من مرة في الفيلم الواحد.
7 - الذروة : Climax
الذروة Climax هي آخر نقطة تحول في الفيلم، وعادة ما تكون على شكل تضاد، ولكن يمكن أن تتخذ أشكالا أخرى. ويجب أن تلائم الذروة الإطار والمنطق العام للقصة، ولكن تظل في نفس الوقت علي عكس المتوقع. والهدف هنا هو إرضاء عاطفة المتفرج.
والمفترض من الناحية النظرية أن يصل الخط الرئيسي للقصة مع الثانوي إلى لحظة الذروة معا، وفي مشهد واحد. فإذا لم يكن ممكناً الجمع بينهما في مشهد واحد، يمكن ترتيبهما في تتابع من الأقل أهمية إلى الأكثر أهمية، حيث تصل الخطوط الثانوية للذروة أولاً، ثم الخط الرئيسي.
الفصول : Acts
الفصول هي الأقسام الرئيسية للقصة. والتقسيم النموذجي للسيناريو هو بناءه فى ثلاثة فصول. في الفصل الأول يتم تأسيس كل عناصر القصة الرئيسية، وهي تضم الشخصيات، والدافع الخارجي، والدافع الداخلي، والصراعات الرئيسية. وفي الفصل الثاني يقوم كاتب السيناريو بتطوير المواجهات الأولى بتقديم العقبات والتعقيدات التي تقف في طريق البطل، الذي يجد نفسه مضطرا لاتخاذ موقف . أما الفصل الثالث فالأحداث تتحرك صاعدة إلى الذروة فالحل. ولابد أن ينتهي كل فصل بذروة مع موضع حبكة رئيسي يدل على نقطة تحول في القصة.
وتعتبر بنية الفصول الثلاثة أداة تخطيط وتحكم تمدنا بثلاثة فوائد هامة: أولا، أنها تضمن تقدم الأحداث في سرعة مناسبة وبشكل منطقي وملائم. وثانيا، تساعد على منح المتفرج إحساسا بالدفع في الأحداث لأن مواضع الحبكة الرئيسية موضوعة بشكل استراتيجي . وأخيرا، إنها تقدم للكاتب خطة لكتابة السيناريو، فحبكة الثلاثة فصول تساعد على بقاء الكاتب والقصة كليهما على الطريق وعلى التقدم الى الأمام.
بنية الفصول الثلاثة:
كما ذكرنا، تتضمن البنية الشائع استخدامها في كتابة السيناريو ثلاث وحدات منفصلة أو ثلاثة فصول.
وبالنظر للرسم البياني يمكن رؤية خط منحنى علي شكل قوس متصل. وهذا المنحنى يبلغ ذروة ثم ينخفض منحدراً مرة أخري. وهو تمثيل أمين لما يجب أن يكون عليه السيناريو حيث يجب أن تتدفق أحداث القصة بشكل متصاعد تدريجياً إلى أن تصل إلى نقطة ذروة أو عقدة وبعدها يأتي الحل والنهاية.
ويمكن تقسيم المنحنى علي النحو التالي :
نري في منتصف المنحنى, خطين قصيرين يتقاطعان مع المنحنى، وتوجد دائرتان، كل واحدة تقع على نقطة التقاء الخط بالمنحنى. وكل خط يقوم بتحديد نهاية فصل وبداية آخر. ونجد في هذا النموذج ثلاثة فصول.
يقدم الفصل الأول البطل, والعالم، والرحلة التي يقوم بها البطل. وفي الفصل الثاني، يواجه البطل العراقيل، والتحديات، ويكون عليه تجاوزها وتحقيق هدفه النهائي. ويمثل الفصل الثالث حل الصراعات أو نهاية القصة أو الاثنين معاً.
أما الدوائر فهي تعبر عن محطات معينة في الحبكة. وهذه المحطات الرئيسية، أو نقاط التحول، هي تلك اللحظات التي تتغير فيها القصة بشكل حاسم، لا رجوع فيه، بحيث يستحيل علي البطل، أن يعيش بعد هذه اللحظة كما كان يعيش من قبل. وتتمثل تلك المحطات الرئيسية, في حدث هام أو لحظة كشف هامة، تحدد مصير البطل. ويمكن للسيناريو أن يتضمن اثنين، أو أكثر من نقاط التحول، ولكن غالباً ما يتم اختيار أكثر هذه النقاط أهمية، لتصبح أداة للربط بين بداية النص، ووسطه، ونهايته.
ورغم اختلاف الآراء حول الطول المناسب لكل فصل فإن معظم كتاب السيناريو، يسعون لكتابة فصل أول، قصير بقدر الإمكان، على أن يحتوي كل المعلومات الضرورية التي تدفع إلى بدء القصة، ثم فصل ثان طويل يحتوي كل الفيلم وما يدور فيه من صراعات، ثم فصل ثالث قصير يحتوي الحل ويساوي في طوله طول الفصل الأول وربما أقل.
وبالطبع يختلف كل سيناريو عن غيره من السيناريوهات. ولكن هذه مجرد إرشادات جيدة يجب أخذها في الاعتبار أثناء الكتابة. فطول الفيلم الروائي عادة هو من 100 إلى 110 صفحة، أي ساعتين إلا عشر دقائق، وهو ما يعني أن أول نقطة تحول في الحبكة، تقع بعد 30 دقيقة تقريبا، والثانية بعد 85 دقيقة.
الفصل الأول – التمهيد أو التأسيس Setup
يقوم الفصل الأول بتقديم البطل، والعالم، والرحلة. كما يصف لنا العقبات المتوقع أن تواجه البطل, الساعي إلى مصيره. ويجب أن يحتوي الفصل الأول على ملخص موجز للموقف الأساسي في القصة.
ولذلك تعتبر الصفحات العشر الأوائل في النص عادة أهم صفحات في السيناريو بأكمله، ولذلك تسمى "التأسيس"، أي وضع الأساس للفيلم والقصة والأبطال. فكل ما يشد المتفرج يكون في هذا الجزء. وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان, أن يبدأ الكاتب في شرح عالم السيناريو بشكل جذاب بصريا. وإذا ما نجح في وصف هذا العالم, فإن يكون قد خطا خطواتٍ واسعة علي طريق وصف البطل وما يحركه. ويختتم الفصل الأول بأول نقطة تحول في الحبكة، حيث يتجه البطل إلى فهم جديد لرحلته أو إلى مكان جديد. ومن هنا يجب أن يبدأ الفصل الثاني من نقطة الانطلاق هذه في تطور متدرج للقصة.
الفصل الثاني- التحديات والعقبات
يمثل الفصل الثاني الجزء الأوسط من السيناريو. وهو أطول الفصول الثلاثة وأصعبها في مرحلة الكتابة، ففيه تتطور القصة، ويقابل البطل عقبات وتحديات جادة تقف في سبيل سعادته. ويصور هذا الفصل رحلة البطل أكثر من أي فصل آخر، وهو الجزء الذي يعطي الفيلم وزنه ومعناه. وحتى يتمكن كاتب السيناريو من الحفاظ علي الإيقاع السليم لهذا الجزء، فإن عليه أن يضع نصب عينيه الهدف الأساسي دائماً. كما أن عليه مراعاة ألا تكون الرحلة سهلة، لدرجة أن يمل المتفرج من إحساسه بأنه يعرف مسبقاً كل ما سيحدث. ولا أن تتضمن كافة أشكال العقبات الممكنة بحيث ترهق المتفرج بوطأتها، ومن هنا أهمية الحساب الدقيق للأحداث والتطورات. كما يجب مراعاة أن تكون الأحداث كلها نابعة من مواقف البطل في علاقته بالعالم. وكثير من كتاب السيناريو يقسمون هذا الفصل إلى جزأين لتسهيل التحكم في العمل.
ومن الضروري لضبط بناء الفصل الأوسط فهم الفرق بين العقبات التي تنجم عن نقطة ضعف البطل، وتلك التي لا يد له فيها، ولا يستطيع التحكم بها. فالكوارث الطبيعية مثلا وغيرها من الأحداث القدرية، لا يعلم بها غير الله، ولا يمكن للبطل توقعها قبل حدوثها. أما المحنة، فالمقصود بها سلسلة طويلة من المصاعب والمتاعب التي يتعرض لها البطل. ومواقف البطل وقراراته كما يوحي اسمها، هي اختيار يحدد اتجاه القصة. ولكل من هذه الأدوات مكانها في بناء السيناريو الذي تكتبه.
أما التحديات والعقبات فهي كل شيء يهدد تقدم البطل. وربما تكون صغيرة أو كبيرة، وقد يكون البطل نفسه المتسبب فيها, أو تكون السماء هي السبب. وفي الحكايات التي تتبع ترتيباً زمنياً, تتوالى نجاحات البطل في اجتياز تحدٍ يقوده إلى آخر. ويكون التحدي الأكبر هو مقياس لنجاح أو إخفاق البطل في رحلته النفسية. وهذه هي اللحظة التي نسميها عادة بالمحطة الثانية في الحبكة، أو نقطة التحول الثانية، وبداية الفصل الثالث.
الفصل الثالث- الحل
يقدم الفصل الثالث الحل لما يطرحه السيناريو من مشكلات وتحديات للبطل. فبحلول الفصل الثالث يكون البطل قد وصل إلى مراده من الرحلة، وهو ما لا يعني بالضرورة أن كل شيء أصبح علي ما يرام. ففي هذا الجزء من السيناريو يظهر لنا البطل في صورته النهائية، وقد اكتسب فهماً ما أو أعاد توازناً ما، أو أدرك استحالة استعادة التوازن مرة أخري.
ويحتوي الفصل الثالث على لحظة التنوير، وهي الكشف النهائي الذي يوضح نتيجة القصة، ويقدم حلا للموقف. ويجب أن نعرف أن مشهد النهاية في الفيلم ليس مجرد حل للمشاكل أو الأزمة التي يعبر عنها الفيلم، وإنما هو تعبير عن موقف من شيء ما، قد يكون موقفا من الحياة نفسها، وهو تعبير عن رأي ومواقف الكاتب، وصناع الفيلم كلهم.
توزيع مواضع الحبكة : Punctuating Plot Points
ينبغي أن ينتهي كل فصل (حتى الجزء الأول من الفصل الثاني) بنقطة تحول رئيسية تدفع القصة في اتجاه غير متوقع. ويمكن تحقيق ذلك بتعريض الدافع الخارجي للبطل للخطر حتى يجد نفسه مرغما على فعل مختلف تماما. ونحصل على هذا الفعل في الغالب باستخدام كشف أو تضاد. ومواضع الحبكة ذات التأثير تدفع القصة وترفع من متعة المتفرج وانتباهه.
البداية والنهاية : Beginning & Ending
يقال أنه "لكي تصنع فيلما أفضل، احرق أول بكرة". هذا القول يصور أهمية الوصول إلى الحادث الملهم بأسرع ما يمكن. والغالب أن يضمن الكتاب الجدد الكثير من المادة الاستهلالية في المشاهد القليلة الأولى، ولكن الواقع أن ما نحتاج إليه فعليا هو الخطوط العريضة للشخصيات الرئيسية. والهدف هو جذب المتفرجين وتوريطهم منذ البداية، وأفضل طريقة لذلك هو عمل حدث ملهم (ينطوي على صراع مثلا) يبدأ القصة ويحركها.
أما النهاية فيجب أن تكون متسقة مع القصة والشخصيات كما تم تطويرها، وينبغي أن يستطيع المتفرجون إدراكها بسرعة. وأفضل طريقة هو تمهيد الأرضية للذروة طوال الطريق أثناء رواية القصة. وهذا التأسيس سوف يساعد ويضمن أن تكون الذروة منطقية وليست مصطنعة.
ولابد أن تكون النهاية مشبعة للمتفرجين. وبشكل عام تكون النهايات التي تنتهي نهاية سعيدة ومؤثرة أفضل. وفيما بعد، تكون أفضل في بيع الفيلم. والمفترض أن تحتوي النهاية على صدى فكري.
ما هي اساليب بناء السيناريو ؟
يعتبر البناء في السيناريو هو العنصر الذي يقوده للنجاح، وقد كثرت الكتابة في هذا الموضوع في السنوات الماضية. فهناك العديد من المدارس المختلفة، والنقاشات الساخنة التي دارت حول أساليب البناء في السيناريو.
فهناك مدرسة تؤكد علي أهمية البناء الثلاثي الفصول لنص السيناريو، مع وضع توقيت لمواضع الحبكة. وهناك مدرسة أخري تتخطي الأهمية الكبيرة التي تُعطي لهذا البناء الثلاثي، وتعطي الاهتمام الأكبر لمواضع وطبيعة الحبكة في السيناريو. ولكل مدرسة طابعها الجاذب المميز برغم الاختلافات.
والاختلاف بين هاتين المدرستين يشبه إلى حد كبير المقابلة بين ما يسمي بالطبيعة والتطبع في علم النفس، حيث يري بعض علماء النفس أن الطبيعة (الجينات) هي المسئولة عن تصرفات الإنسان، في حين يري البعض الآخر أن التطبع (البيئة) هو المسئول عن تلك التصرفات. وفي النهاية جرى الاتفاق علي أن كلا العاملين يلعبان دورا حيويا في تكوين الإنسان.
الاختلاف بين المدرستين في السيناريو يشبه إلى حد كبير تلك المقابلة في علم النفس. فعلي الرغم من أن لكل مدرسة لغتها الخاصة، إلا أن هناك الكثير من العناصر المشتركة فيما بينهما. بل يعمل كل منهما علي تكملة الآخر. ويجب علي كاتب السيناريو أن يحاول استخدام ما يحتاجه من وسائل وأفكار دون النظر لانتمائها إلى هذه المدرسة أو تلك ليتمكن من إخراج عمل متكامل.
وعموما يمكن أن يتنوع بناء السيناريو من خلال عدة طرق :
1 - البناء المحكم والبناء المفتوح : Formulas vs. Open Structures
يمتاز البناء المحكم بالعناية المبالغ فيها لشكل بناء السيناريو، وفيه يصب كاتب السيناريو اهتمامه الرئيسي حول هدف القصة وترتيب المشاهد. وترتبط مواضع الحبكة مباشرة بالدافع الخارجي، وتستغله لأقصى درجة للوصول لأقوى تأثير لها. وتحتوى على قليل من المشاهد التي تعنى بتطور الشخصية، ولذا تميل الشخصيات للتسطيح، ويعتبر ذلك هو الضعف الأساسي في هذا البناء.
أما البناء المفتوح للسيناريو فهو على عكس البناء المحكم، حيث أنه أقل اهتماماً بالهدف والأحداث، وتكون مواضع الحبكة فيه أكثر ارتباطاً بالدافع الداخلي، وربما لا توضع إلا لاستكشاف الشخصية والفكرة والمزاج النفسـى للقصة. لذا يسير البناء المفتوح ببطء، مما قد يؤدى إلى إحباط بعض المتفرجين.
2 - القصة المتعددة الخطوط: Multiple story lines
يجب أولا أن نعرف أن الخيط الواحد Thread هو "قصة" صغيرة للغاية، ليس لها بناء خاص بها، ولا تطوير لخط قصصي حقيقي, وهي أكثر قليلا من الموتيفة. وأن القصة المتعددة الخيوط هي القصة التى بها عدة قصص صغيرة تتصل ببعضها البعض بشكل ما، تتداخل عن طريق علاقات الأبطال ببعضهم البعض وعن طريق ارتباط الخيوط ببعضها بشكل متراكب ومعقد. وكلما كانت الخيوط في القصة أكثر تداخلا، كلما كان البناء أقوى.
ويتعامل الخط الأساسي للقصة مع الشخصية الرئيسية (البطل) ، لذا فهو يسيطر عليها . أما في بناء القصة المركبة، فيمكن إدخال أكثر من خط ثانوي للأحداث secondary story lines لتطوير شخصيات ثانوية بجانب الشخصيات الرئيسية. وفى أحوال نادرة يمكن أن يكون هناك عدة خطوط رئيسية للقصة بنفس الأهمية، وبدون أن يسيطر خط رئيسي على الآخر.
والواقع أن نصوص السيناريو المميزة يتم تطويرها من خلال الخط الثاني للقصة. فهي التي تضفى على القصة عمقها ورؤيتها الخاصة، وتجعل النص عموماً أقل تمحوراً حول الهدف. ويهتم خط القصة الثانوي بالعلاقات الشخصية، لذا فهو يعتبر طريقة قوية للتعرف على الفكرة الرئيسية في القصة. وعادة ما تدور تلك القصص حول الصداقة أو الحب.
والخطوط الثانوية للقصة يتم بناؤها بنية نموذجية من ثلاثة فصول مثل الخط الرئيسي، وليس ضروريا أن تتزامن فصولها مع فصول الخط الرئيسي. وبتعبير آخر، يمكن لهذا الخط أن يتطور ويصل إلى الذروة والحل بشكل منفصل عن الخط الرئيسي للقصة. أما إذا كان خط القصة الثانوي صغيراً، فمن غير الضروري أن يكون بناؤه ثلاثي الفصول، ولكن يجب أن يكون له عدد من مواضع الحبكة الواضحة والمحددة بما يكفي لعرض القصة.
وفى الأحوال التي يوجد بها عدة شخصيات رئيسية، يجب أن تطور كل شخصية بصورة مستقلة ومتكاملة، وأن يحتوى كل منها على دافع خارجي وداخلي. ومن الطرق المشوقة للتعامل مع نوع القصص الذي يحتوى على أكثر من شخصية رئيسية أن تبنى القصة في بدايتها على فكرة التبادل بين الشخصيات، بمعنى أن تحصل كل شخصية على عدد معين من المشاهد يُبدل فيما بينهم.
لذا يجب، في القصص التي تحتوى على خطوط متعددة، أن يبنى كل خط بصورة مستقلة للتأكيد على وضوحه، ولكن في ذات الوقت يجب أن يتم التبادل بين تلك الخطوط للحصول على قصة مترابطة واحدة.
المشهد :
المشهد Scene هو وحدة درامية تغطى مساحة زمنية معينة، ومكانا معينا. ويمكن أن يتكون من لقطة واحدة أو عدة لقطات. ويقسم كُتاب السيناريو نص السيناريو إلى مشاهد، كما يقسم الروائيون أعمالهم إلى فصول. فالمشاهد هي الوحدات البنائية للنص. ولا تستغرق معظم المشاهد أكثر من دقيقتين إلى ثلاث، وإلا أصبحت الصورة مكررة، ومملة للمتفرج. وعموماً تصل نصوص السيناريو إلى 120 صفحة، مما يعنى أنها تحتوى من 40 إلى 60 مشهدا.
وفي اختيار الكاتب للمكان يجب أن يراعي معالمه ومدى ارتباطه بالمشهد وبالفيلم ككل، ثم محاولة استغلال المؤثرات الموجودة في المكان بشكل فعال في المشهد. وكذلك يجب عليه أن يحاول أن يكون زمن المشهد مناسبا، وألا يطول بشكل يثير الملل، أو يقصر بشكل يجعل الأحداث مبهمة.
ويجب أن يؤخذ في الاعتبار عند كتابة مشهد فى السيناريو أن يسمح لخيال المتفرج بأن يشارك في أحداثه بقدر الإمكان , وهو ما يحدث حين تترك بعض الأمور غامضة، وغير مجاب عليها داخله . بالأضافة الى أنه على الكاتب أن يزرع في المشهد الدائر بذور المشهد التالي، حتى يتم طواله الاحتفاظ بمتابعة واهتمام المتفرج.
أهداف المشهد :
الهدف الأول للمشهد هو دفع القصة إلى الأمام بطريقة ما. وعموماً يلعب المشهد دوراً مزدوجاً، من حيث دفع القصة للأمام، وتحقيق أهداف ثانوية في نفس الوقت، كتطوير الشخصية، أو لغرض الفكاهة، أو نقل الحالة المزاجية. ويجب أن يحقق المشهد أكبر قدر ممكن من الأهداف لتعميق اندماج المتفرج فيه.
وخلال تحقيق المشهد لأهدافه، يجب أن يكون الفعل الدرامي صادقاً وحقيقياً، دون أي افتعال. وبتعبير آخر، يجب أن يتسق الفعل مع الشخصيات والعلاقات في القصة. ويمكن أن نعرف الفعل المفتعل بأنه يحدث صدفة، أو يصعب تصديقه. وكثيراً ما تقع في هذا الخطأ المشاهد التي تحضر لحدث سيأتي متأخراً في القصة.
بناء المشهد :
يمكن أن نعتبر المشهد كقصة صغيرة، لذا يمكن استخدام معظم القواعد التي تستخدم لتصميم نص السيناريو ككل لتصميم المشهد أيضا، ويتضمن ذلك: البناء ثلاثي الفصول، ووجهة النظر، ونقطة الهجوم.
فالمشهد يُصمم كقصة صغيرة لها بداية، ووسط، ونهاية. وللحصول على قوة الدفع المطلوبة لتسير القصة للأمام، ينبغي أن تكون هناك نقلات محددة في المشهد، وتلك هي مهمة البناء الثلاثي الفصول.
ويجب عند تصميم المشهد أن يؤخذ في الاعتبار أهداف المشهد من خلال الهدف العام للقصة ككل، وأهداف الشخصيات في المشهد، والإيقاع الذي ينتج عن تغير المعطيات من مشهد لآخر.
وجهة نظر المشهد :
وجهة النظر هي تلك التي يوجه إليها المتفرج خلال سرد القصة أمامه. فالمتفرج يرى القصة مكانيا spatial من وجهتين:
وجهة نظر البطل (وجهة نظر ذاتية)،
أو بطريقة مستقلة عن البطل (وجهة نظر موضوعية(.
وعند كتابة المشاهد منفردة، يمكن أن نوسع من هذا التعريف ليتضمن وجهات النظر الزمانية والنفسية أيضا.
وهذا يمنحنا اختيارات مثيرة يمكن أن نضعها في اعتبارنا أثناء الكتابة: ومثلا لدينا اختيارات الإيقاع الزمني )ماضي/حاضر/مستقبل)، أو الوجهة النفسية لمشهد (واقعي أو فانتازيا أو من الذاكرة(
بداية المشهد :
تتحدد بداية المشهد ونهايته بتغير المكان أو الزمان، فمهما جرت فيه من أحداث أو دخول أو خروج للشخصيات لا يعتبر أيا من ذلك علامة على بداية أو نهاية المشهد. ولكن بمجرد أن يتغير المكان إلى مكان آخر حتى لو في نفس الوقت، أو إذا تغير الوقت من المساء إلى الصباح أو بعد يوم أو أسبوع أو أي فاصل زمني، حتى لو في نفس المكان، فإن ذلك يعتبر بداية لمشهد جديد.
ويجب أن تأتى نقطة الهجوم في المشهد، التي يأخذ الحدث مساره عندها، متأخرة بقدر الإمكان، وذلك للمحافظة على تطور القصة للأمام. وقد يكون على المتفرج أن يستنتج بعض الاستنتاجات السريعة نتيجة لذلك التأخر، مما قد يكون مفيداً أيضاً على مستوى مشاركة المتفرج في المشهد وارتباطه به.
نهاية المشهد :
يجب أن ينتهي المشهد فور تحقيقه لأهدافه المحددة له. وأي تأخير هنا قد يؤدى إلى فقد انتباه المتفرج. وكيفية إنهاء المشهد في غاية الأهمية، حيث أنها تحضر المتفرج للمشهد التالي. ويجب أن ينتهي المشهد وقد حُلت بعض القضايا، ولكن بقيت قضايا أخرى دون حل، وتلك الأخيرة هي التي تحافظ على انتباه المتفرج وتطلعه إلى الحل.
التحول في ميزان القوة :
يحدث في المشاهد المؤثرة تحول في موازين القوى بين البطل وإحدى الشخصيات الهامة، وهي الخصم في الغالب. وقد يكون هذا التحول إيجابياً أو سلبياً، أي إما في صالح البطل أو في صالح الشرير. وأحياناً ما يكون ذلك طريقة جيدة لخلق مشهد ديناميكي.
التبادل بين المشاهد :
عادة ما يحب المتفرج المشاهد التي بها حركة عالية، ولكن لا يمكن أن تحتوى كل المشاهد على ذلك المستوى من الطاقة. فكثير من المشاهد لها مستوى مستقر من الفعل الحركي والدرامي. ومن المفترض أن تكون لتلك المشاهد المستقرة قدرة كافية على جذب اهتمام المتفرج. ولكن إذا ما تتابعت مشاهد كثيرة منخفضة الحركة، فيمكن أن تسير سرعة القصة ببطء بالغ.
ويفضل في هذه الحالة، أن يحدث تبادل ما بين المشاهد ذات الطاقة العالية، وتلك الأقل طاقة. ويجب أن يتم التأكد أولاً من أن المشاهد ذات الطاقة المنخفضة بها حركة قليلة بالفعل، وليست مجرد مشاهد مملة، يمكن الاستغناء عنها. أما المشاهد المملة التي لا تقدم جديدا إلى القصة فيجب الاستغناء عنها بدون تردد.
الفصول والمشاهد الثانوية :
يعتبر استخدام الفصول والمشاهد الثانوية من الطرق الجيدة لتطوير حركة طويلة للمشهد. والمقصود بالفصول مجموعة من المشاهد التي تربط فيما بينها علاقة. وعلى سبيل المثال في فيلم "صائد الغزلان" The Deer Hunter، يتكون حفل الزفاف الطويل من عدة مشاهد تغطي شخصيات مختلفة وأجزاء مختلفة من الحركة، منها مشهد البار، ومشهد الرقص، ومشهد تبادل الأنخاب، وسباق السكارى.
أما المشهد الثانوي فهو جزء من مشهد طويل. وترجع جذور ذلك الأسلوب إلى شكسبير، حيث يبدأ المشهد بمجموعة من الشخصيات، ثم تبدأ كل شخصية في المغادرة، ويبدأ المشهد الثانوي بالشخصيات الباقية. ويمكن أن يستخدم ذلك التكنيك أيضاً بالعكس.
ولا يقوم الكاتب بتحديد الفصول أو المشاهد الثانوية في نص السيناريو، ولكن المتفرج يشعر بها خلال سرد القصة. وتكمن قيمتها الحقيقية في المساعدة على استيعاب وتطوير تدفق الحركة لمدة طويلة في المشهد.
رسم الشخصية
ليس هناك وجود للحدث بدون فاعل لهذا الحدث، ومن ثم فالحدث والشخصية عنصران أساسيان في القصة، ويجب أن نتعرف على الإنسان لكي نتتبع ونتفهم الحدث.
وتتمتع الرواية بحرية كبيرة في المساحة ووصف أفكار الشخصيات، ونقل آراء المؤلف، وإمكانية وصف الشخصيات وشرح دوافعهم وأفعالهم. ولا يهم كيف يصمم الروائي الشخصيات، فسوف يكوِّن كل قارئ فكرته الخاصة عن ملامح وسلوك هؤلاء الأشخاص.
أما في السينما فإن رسم الشخصيات مهمة صعبة للغاية، فالشخصية يؤديها ممثل يعرف المتفرجون صورته بالفعل ورأوه في شخصيات أخرى، فليست هناك حرية في إطلاق العنان للخيال. وبالتالي يتم اختيار الممثل لمظهره الذي يجب أن يكشف عن نفس الشخصية التي يعرضها. ويظن الكثيرون أنه نتيجة لذلك لا يطمح الفيلم العادي لإضافة لمسات بارعة في رسم الشخصيات. وتكون النتيجة رسما نمطيا لهذه الشخصيات في كتابة معظم السيناريوهات. ورغم ذلك، فليس من العسير أن نرسم الشخصية في السينما. ويثبت هذا حقيقة أن الأفلام الجيدة تحتوي على شخصيات مرسومة ببراعة.
ولكي نحاول رسم شخصية جيدة، علينا أن نعرف ما يجب أن تتميز به كل شخصية من صفات ظاهرية وجوانب داخلية.
الصفات الظاهرية:
يمكن وضع الصفات الظاهرية لكل شخصية تحت ثلاثة عناوين: الجنس، والعمر، والانطباع السائد. وعلى سبيل المثال: رجل، منتصف السبعينات، ضعيف وهزيل، امرأة صعيدية بمعنى الكلمة، 32 سنة. لا داعي للإطالة في الوصف، فالواقع أن الوصف الدقيق سوف يؤدي إلى صعوبة إيجاد ممثل يقوم بالدور. المهم هو وضع الصفات الأساسية والضرورية للدور. ويجب أن تجعل لكل شخصية انطباعا، وعلى سبيل المثال أن يكون الشخص ذكيا أو غبيا أو معتمدا على نفسه أو جامد الوجه، أو مصطنعا في حركاته، أو ودودا .. الخ.
وينبغي أن يكون لكل شخصية تعبير مميز، بشرط أن تكون هذه التعبيرات المميزة مرتبطة بالقصة ارتباطا مباشرا، وتنقسم التعبيرات المميزة إلى:
أ.تعبيرات مميزة في المظهر:
مثل الزي المناسب للشخصية، فمثلا يمكن أن تكون الشخصية تتصف بالأناقة، أو الإهمال في الملبس، بالإضافة إلى ما يظهر مكانتها الاجتماعية. وبالطبع لكل ممثل مظهره، لكن بعض اللمسات تضفي تميزا خاصا بالدور الذي يقوم به في فيلم معين. وعلى سبيل المثال استطاع محمود عبد العزيز في أدائه لدور الشيخ حسني (فيلم الكيت كات، إخراج داوود عبد السيد) أن يقدم نموذجا لشخصية متميزة المظهر بكل معاني الكلمة. وفي نفس الوقت، كانت سناء جميل بارعة في أداء دور زوجة العمدة في فيلم "الزوجة الثانية"، والواقع أن هذا الفيلم الذي يعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية قدم لنا شخصيات متميزة بكل معنى الكلمة.
ب. تعبيرات مميزة في الكلام:
وبالطبع لكل منا تعبيراته المميزة في الكلام، وقد تتميز الشخصية بلازمة معينة، كما في الطريقة التي كان يستخدمها عبد الفتاح القصري، وعلى سبيل المثال في ابن حميدو "أنا كلمتي ما تنزلش الأرض أبدا". أو من الممكن أن تكون الشخصية تتميز بسرعة الكلام، أو بطئه، أو ببعض الثأثأة، أو اللدغة، أو الجدية، أو الطرافة، أو غير ذلك. وفي فيلم "الزوجة الثانية" برع حسن البارودي في أداء دور الحلاق والعطار القديم في القرية، ولا يمكننا أن ننسى صوته وهو يقول: "الشاي يا هنية".
جـ. تعبيرات مميزة في السلوكيات:
يمكن إضافة بعض التعبيرات المميزة في السلوكيات، في المشية، في اللفتات، حركة مميزة يقوم بها الممثل كلازمة ولكن حركية، مثل أن يلف سلسلة المفاتيح حول إصبعه، أو يداعب شاربه.. أو يجلس بطريقة معينة.. إلخ، ولكن يجب الحذر في هذه التعبيرات المميزة لكي لا تتحول إلى شيء زائد عن الحد.
المظاهر الداخلية:
أما الجوانب الداخلية فلها أيضا ثلاثة عناصر رئيسية: وجهة النظر، والموقف العام، والاهتمامات.
أ - وجهة النظر: لكل شخصية وجهة نظر بناء على وضعها الاجتماعي والعمري، مثلا لابد أن يكون هناك اختلاف في وجهات نظر كل من: الأبوين والأبناء، المدير والموظفين، الزوج والزوجة، الخ. ولكن بالإضافة إلى ذلك تتميز وجهات النظر لكل شخصية، بناء على نوع الشخصية ومواقفها في الحياة، واهتماماتها الشخصية، وهذا هو ما يعطي للشخصية تميزها.
وإظهار وجهة نظر حادة الوضوح لكل شخصية من الشخصيات تنبع أساسا من دورها في القصة أو الفيلم، وفي فيلم الكيت كات كان ابن الشيخ حسني يختلف مع أبيه بسبب بيعه البيت وتدخينه الحشيش، ولكنه كان يحترمه في نفس الوقت، وكانت أم الشيخ حسني ترى الأشياء دائما من وجهة نظر حسنة النوايا، بينما كان الشيخ حسني يرغب دائما في أن يكون "مفتحا" في تصرفاته. وكانت نظرة المعلم هرم إلى تداول الحشيش والتجارة فيه تختلف طبعا عن نظرة ضابط الشرطة الذي لا يهمه إلا أن تتم ترقيته بصرف النظر عما قام به من نشاط حقيقي.ووجهة النظر قد تختلف بين حليفين مثل البطل والسنيد، كما بين عدوين، وهذا يؤدي إلى مزيد من العمق للشخصيات وإظهار أوضح لمواقفها.
ب - الموقف العام للشخصية: السمات الشخصية هي إلى حد كبير عبارة عن موقف attitude. لأن الموقف هو رد الفعل العادي للشخصية من الحياة بشكل عام، وقد يكون هو التفاؤل أو التشاؤم أو حب القتال، أو التعقل .. أو غير ذلك، إنه فلسفة الحياة وقد صيغت في عبارة واحدة. ومعرفة الموقف السائد لإحدى الشخصيات تمنح الكاتب فرصة كبيرة، فهي توفر له مقدما رؤية كيف ستتصرف هذه الشخصية في أي وضع معين. أي أن مواقف الشخصيات تجعل من السهل التنبؤ مقدما بتصرفاتهم. ففى فيلم الكيت كات كان رد فعل إعلان الشيخ حسني لفضائح الحارة في الميكروفون مختلفا على كل شخصية، فالمعلم هرم يريد أن يهرب وعشيقته تريده أن يحمل معه الحشيش الذي يخفيه عندها، وزوج روايح يبكي بصمت، بينما أمها تكاد تلطم خشية الفضيحة، أما ابن الشيخ حسني فهو يضحك بسخرية واعتزاز بأبيه، وبائع الدجاج يشتم في غيظ، وهكذا نجد لدينا مجموعة من ردود الأفعال المختلفة ترتكز على فكرة بسيطة: "ماذا يحدث لو أن أحدا فضح أسرار الجميع علنا؟"، وقد جاءت ردود الأفعال متسقة مع الشخصيات ومواقفها ودورها في القصة.
جـ - الاهتمامات: يجب أن يكون لكل شخصية اهتمام خاص، وهو أمر يضيف بعدا وعمقا للشخصيات، ويجعل لكل منها صفاتها الفردية، كما يوفر موضوعا للحديث يضيف إلى تجسيد الأحداث عند الحاجة. فمثلا أجعل للشخصية هواية محببة، ملاحظة التليفزيون، قراءة الجرائد، رياضة معينة، أو تربية أسماك الزينة أو جمع الطوابع .. الخ.
اتجاه الشخصية:
أ. الأهداف: يجب أن يكون لكل شخصية، وخاصة الرئيسية منها، أهداف واضحة، والأهداف نوعان: أهداف فورية، وأهداف بعيدة المدى. والأهداف الفورية هي نتاج للموقف في القصة. فالهدف الفوري لابن الشيخ حسني هو السفر لبناء مستقبله كشاب، والهدف الفوري لروايح هو التخلص من حياة زوجية بائسة. وتختلف الأهداف من شخصية لأخرى، والأهداف الخاصة بالشخصيات الشريرة عادة تكون قوية وتقودها الرغبة الجامحة في تحقيقها.
كان الهدف الفوري لعلي عبد الظاهر(عادل إمام) في فيلم الإرهابي هو تنفيذ أوامر أمير الجماعة باعتبارها واجب مقدس، فنفذ هجوما على وفد سياحي قتل فيه عددا من السائحين، ثم ها هو بسبيله لتنفيذ قتل مفكر معروف رأى الأمير أنه كافر.
أما الهدف بعيد المدى فهو أمر آخر، إنه أقرب لمفهوم الحياة عند كل شخصية، ونظرتها إلى المستقبل، لكن الواقع أننا نوازن بين هذا الهدف بعيد المدى وبين الإنجازات المقبولة اجتماعيا، وهو ما ينتج عن الاتجاهات السلبية لدوافع كل شخصية. والواقع أن علي عبد الظاهر ينظر إلى الحياة في يأس بسبب جهله وإحباطه، وهذا هو ما يجعل من السهل انضمامه إلى الجماعة وتقديسه لأميرها لدرجة أنه يعتبر أن كل مهمة يطلبها منه الأمير، حتى ولو كانت قتل الأنفس، واجبا دينيا مقدسا.
ب. التبرير المعقول: يلزم أن يعرف الكاتب عن شخصياته ما يكفي لأن يكون سلوكهم مبررا دائما. فيجب أن تكون هناك الأسباب الملائمة لكل شخصية في ضوء ظروفها وتجاربها السابقة لكي يكون سلوكها منطقيا سهل التصديق. ويبدأ الأمر من ميلاد الشخصية ثم تطورها، إلى الحد الذي يمكنك من إنجاز مهمتها في القصة، لا أكثر. ولكل شخصية تجاربها التي تؤكد سماتها الشخصية والتي هي نتاج سلوكيات مكتسبة، عن وعي وعن غير وعي، لكي تلائم مشاكلها وعالمها، ولكي تنتصر على الوراثة والبيئة معا، بصرف النظر عن أية ظروف أخرى، وهذه التجارب تأخذ ضريبتها أيضا من كل منا، فكل منا يعاني بشكل أو بآخر من نتائجها، وليس أمامنا سوى الاستمرار في الصراع، كل حسب طريقته.
تعديلات الشخصية :
سوف تضيف إلى الشخصية الكثير إذا كتبت أحداثا تساعدها على التحرر من التصور الأساسي القاطع لها.
وعلى سبيل المثال، تتطور الأحداث في فيلم "الإرهابي" بطريقة تغير تماما من شخصية البطل، حتى أنه يموت في سبيل تحسين صورته أمام الناس الذين أحبهم وآمن ببراءتهم من كل أفكاره السابقة، لقد تغير من شخص ينفذ توجيهات أمير الجماعة بلا تفكير إلى إنسان طبيعي يحب، ويفهم، ويريد منهم أن يتعرفوا عليه في هذه الشخصية الجديدة. والبنت الغلبانة فاطمة في فيلم "الزوجة الثانية" ، التي تبدو في أول الفيلم "منكسرة" لا تريد من الحياة سوى رضا زوجها وخدمة العمدة وزوجته لتحصل على ما يتفضل منهما لأطفالها، إذا بها شخصية قوية عندما توضع "على المحك"، قادرة على هزيمة العمدة وزوجته وكل ما يحملانه من شر تجاهها.
ومن المفضل أن تكون الانطباعات السائدة صحيحة طبعا، ولكن من الممتع أن يكتشف المتفرجون جانبا مخادعا في الشخصية، أو نقطة ضعف، فالمدير الجاد الصارم يغلق باب غرفته بعد توجيهاته الصارمة للموظفين، ثم يطلب عشيقته في التليفون الخاص بالعمل ويمازحها بشكل يتعارض تماما مع الشخصية التي رأيناها من قبل. والشيخ الذي هو مثل أعلى في التدين يمكن أن يظهر أنه أبعد ما يكون عن التدين والأمر لا يزيد عن التظاهر الكاذب. إنها أسرار الشخصية التي عندما تتعارض مع الموقف المعلن أو الانطباع السائد تضاعف من اهتمام المتفرج ومتابعته لكل موقف ليعرف إذا كان السر سينكشف أو يثير المشاكل للشخصية.
ولكن احذر من المبالغة في هذا الإجراء، بل يجب أن يظل الانطباع السائد سائدا فيما عدا تلك اللحظات التي قد تقود فيها طبيعة الموقف شخصا من هذا النوع المحدد لأن يكشف سره. (ولنتذكر الشخصية المركبة للسيد احمد عبد الجواد فى فيلم "بين القصريين" والتي ظلت متسقة أمام زوجته رغم انكشاف سره أمام ابنه الأكبر، والذي لم يجرؤ على كشف السر ولا حتى مواجهة ابيه بأنه يعرف، إلا بعد وقت طويل وبشكل جزئي فقط لأخيه الأصغر، وقد استطاع أن يقنعنا بأن جانبي شخصيته يسيران في خطين متباعدين لا صلة بين أحدهما والآخر طوال حياته تقريبا بسبب القصة الجيدة، والرسم المتميز للشخصية وانفعالاتها وتطورها.)
ينبغي أيضا أن تكون مكونات السر موجودة ولكن غير مكشوفة، ولا تقدم كل مظاهر هذا "السر" مرة واحدة، واحتفظ بأجود ما عندك للشخصيات الرئيسية وفي المواقف الحساسة.
جمع المعلومات :
يجب أن نعرف حقائق كافية عن الشخصية. بداية من السن التقريبية للفرد، ووظيفته، والبلد التي يعيش فيها، والأصل الذي ينتمي إليه، وحالته الاجتماعية، وملخص سريع لتسلسل حياته والنقاط الهامة ذات التأثير فيها.
والوظيفة عامل مؤثر للغاية في رسم الشخصية. فيمكن أن يكون الإنسان عاملا أو أستاذا أو فنانا، أو ممثلا، أو عالما، ويمكن أن تكون المرأة ربة بيت، أو راقصة، أو بائعة ... الخ. فنوع الوظيفة يرسم شخصية الإنسان إلى حد كبير، ويكشف بالتالي عن قدر كبير من المعلومات الخاصة بالشخصية.
ويجب أن تكون كل شخصية مختلفة عن زملائها. مختلفة جسديا، وفي وجهة النظر, وفي الانطباع الذي تتركه، مواقفها وأرائها، اهتماماتها، أهدافها، تعبيراتها المميزة، إمكاناتها وخلفيتها.
ومن الضروري أن تصل كل المعلومات إلى المتفرج ليكون رسم الشخصية حيويا. ومع ذلك، من الممكن أن يجمع الكاتب معلومات كثيرة عن الشخصية ولا يستخدم فعليا إلا بعضها، والمعلومات غير المستخدمة مفيدة للكاتب وحده، وعليه مسئولية اختيار المعلومات الجوهرية التي تفيد القصة وتطورها. وهي المعلومات التي سوف يتم تطويرها بتقدم القصة.
وقد تعتبر المعلومات الأخرى جوهرية بالنسبة إلى قصة معينة، فقد يكون من الجوهري معرفة ماضي أو خلفية مجرم أو تدهور متشرد، أو الخطط المستقبلية للشخصية. لقد كانت المعلومات الخاصة بتاريخ العلاقة بين سعيد مهران ورءوف علوان، في فيلم "اللص والكلاب"، على درجة كبيرة من الأهمية لكشف شخصية كل منهما وتطورها وتطور أحداث الفيلم أيضا.
وربما يكون هناك بعض التناقض في المعلومات العامة ينتج عنه شخصية متميزة، وعلى سبيل المثال قد نرى شابا مستهترا، ونظن أنه لا يعمل لأنه شخص مستهتر، ولكننا نفاجأ بأنه يعمل في أحد المصانع، هنا أصبح هذا الشاب ليس مجرد شاب مستهتر، وإنما شاب عامل مستهتر، وهذه المعلومة قد تمسك بخيط ما في القصة
العلاقات :
من العناصر المهمة علاقة الشخصية بالشخصيات الأخرى. ولأن كل هذه الشخصيات مختلفة، فستكون علاقاتها فيما بينها مختلفة. فالشخصية ( أ ) تكره الشخصية ( ب )، وتحب الشخصية ( ج )، وترتاح إلى الشخصية ( د )، ولا تثق في الشخصية ( هـ ). وتعتقد أن الشخصية ( و ) غبية، الخ. ومن خلال علاقة الشخصية بأفراد الأسرة أو الجيران أو الزملاء أو البائع أو الزبون، نستطيع رسم الشخصية بشكل أفضل وأوضح.
وتكمن أهمية العلاقات في أنها تكشف عن معلومات، فالرجل المتزوج يتصرف بشكل مختلف عن الأعزب، كما أن علاقة الأبوة تجعل الأبوين يتصرفان مع أطفالهما بشكل مختلف. وبالإضافة إلى ذلك فإن العلاقة تجعل شخصيتين تتواصلان، ومن ثم فهما قادران على الكشف عن معلومات عن كل منهما. فإذا كان رجل يحتفظ بصداقة شخص سكير أو مدمن، فهذا لا يعني أن الرجل سكير أو مدمن أيضا، ولكن قد يعني أنه على علاقة بهذا الصديق منذ فترة قبل أن يصبح سكيرا أو مدمنا، وأن الوفاء للصديق في شخصية الرجل أقوى من المحاذير، بل ربما هي دافع له ليحاول إنقاذه ومساعدته.
ويمكننا أيضا أن نوصل المعلومات عن شخصية معينة عن طريق الشخصيات الأخرى وردود أفعالها تجاه تلك الشخصية سواء موجودة في المشهد أم لا. ويمكن خلق التناقضات وجعل الشخصيات مثار خلاف من خلال آراء الآخرين مما يجعل للشخصية أبعادا أكثر عمقا وأكثر أهمية. فعلى سبيل المثال يمكن أن يتحدث شخص عن شخصية ما بشكل سيئ، ولكن يظهر لنا أن المتحدث هو الشخص السيء، ويعطي ذلك للمتفرج انطباعا بأن الشخصية المتحدث عنها شخصية طيبة، لأن الأشرار لا يحبون الطيبين.
الجانب الإنساني :
من أهم عوامل رسم الشخصية هو أن تكون شخصية إنسانية، تتسم بصفات تميزها عن غيرها من آلاف الناس الذين في مثل ظروفها. لكن من المهم أن نعرف أن ذلك لن يتم بمجرد الوصف كما تفعل الرواية، وإنما لابد أن يتم ذلك من خلال أفعال وأحداث. فهذا بخيل، لا يريد إنفاق ماله ويمكن
-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
ما معني بناء القصه ؟؟
طبعا بمجرد اختيار الكاتب ( السيناريست ) للقصه بكدا يبقي حدد تقريبا الخطوط الرئيسيه اللي هيمشي عليها في القصه فيما بعد و هيا اكيد اللي بتحدد اسلوب الحوار و المناقشه و المناظر و كل حاجه ويكون عليه في هذه المرحلة أن يتأكد من سلامة منطق الأفكار الأساسية المطروحة وكذلك من مدي قدرة هذه الأفكار علي اجتذاب الجمهور وإثارته.
ماذا عن بناء السيناريو ؟؟
الواقع أن الفيلم السينمائي ما هو إلا وسيلة بصرية تجسد، دراميا، الخط الأساسي لقصة ما، وكبقية الأعمال القصصية فإن للفيلم بداية ووسطا ونهاية.
والبناء الدرامي هو ترتيب لأحداث وحلقات متصلة بشكل خطي متنامٍ، أو أحداث تدفع باتجاه حل درامي. وهذا الترتيب الخطي يعتمد على النموذج المذكور: البداية والوسط والنهاية.
ومن ثم، فالبناء Structure في السيناريو هو تحديد وضع الأحداث في القصة، وعلاقة كل منها بالأخرى، مرتبة بشكل متنامٍ بحيث تدفع في اتجاه حل درامي. ,وهوالإطار الذي من خلاله يتم ربط الأحداث معا. وتشمل العناصر الأساسية لهذا البناء: نقاط الحبكة، ونقاط التحول الرئيسية ، والفصول.
نقاط الحبكةPlot Points :
حبكة القصة هي الإطار العام للحدث، ويجب أن يتضمن هذا الإطار شخصية أو شخصيات أساسية في موقف ما، وتسير الأحداث باتجاه التعقيد حيث تضطر الشخصيات للقيام بأشياء معينة، مما يؤدي إلى خلق سلسلة من الأزمات والمصاعب التي تزيد الأمور تعقيدا حتى تصل إلى الذروة الدرامية، وهي أكثر هذه الأزمات تعقيدا، وبعدها يبدأ خط الحبكة في الاتجاه نحو الحل.
ونقاط الحبكة هي المواضع التي تسهم في دفع القصة إلى الأمام. وتشمل كل التعقيدات، أو الأزمات والعقبات التي تواجه البطل، وتدفعه لاتخاذ موقف معين. وقد يأخذ موضع الحبكة شكل رد فعل لشخص، أو جزء من حوار، أو حدث، وقد يشمل مشهداً بكامله. وأحياناً يكون موضع الحبكة إيجابيا، خاصة حين يتم تحضير البطل للسقوط.
ويؤثر ترتيب وتوقيت مواضع الحبكة علي دورها في تطور القصة. فالمواضع التي تُطور بإحكام وعناية تؤدي إلى سيناريو محكم، سريع الحركة. ومع تقدم النص، ينبغي أن تكون كل نقطة من نقاط الحبكة أكثر تعقيداً، وتشويقاً من سابقتها. ومن الأخطاء الشائعة في السيناريوهات أنه كلما تقدمت القصة تتباعد المواضع الرئيسية للحبكة. ويؤدي ذلك إلى إبطاء سرعة الفيلم، والذي يشعر به المتفرج علي الفور.
وأفضل طريقة لتجنب مواضع الحبكة الضعيفة أن يقوم كاتب السيناريو بالتفكير في نقاط كثيرة للحبكة، أكثر من احتياجه الفعلي، ثم يقوم بعد ذلك بتقييمها، وحذف ما يراه متكرراً أو ضد تصاعد الحدث. ويبحث معظم كاتبي السيناريو باستمرار عن مواضع حبكة مميزة وفريدة، غير أن معظم مواضع الحبكة قد تم عملها بشكل أو بآخر. إن الذي يكسب المشهد تفرده هو التأثير التراكمي الذي يكونه تجميع جزئيات أصغر بعناية، وفي ترتيب معين يعبر عن رؤيا جديدة.
يجب أيضا أن تتميز مواضع الحبكة بالصدق بالنسبة لعالم النص، وألا تأتي عن طريق الصدفة. فالمتفرج لا يقبل بها مفتعلة وغير حقيقية، وسوف تؤدي إلى فشل القصة. ويمكن التعبير عن مواضع الحبكة "بالتطور"، أو "القوة الدافعة" في القصة.
أنماط الحبكة:
إن محاولة تصنيف الحبكة إلى أنماط معدودة قديمة قدم أفلاطون، ولهذا قال القدماء أنه لم تعد ثمة أفكار جديدة، لأن الأفكار لا تخرج عن عدد معين من الأنماط، وأن الإبداع الحقيقي إنما يتمثل في الشكل الذي يقدم به العمل.
وإذا حاولنا تصنيف أنواع الحبكة، سنجد أنها تشمل ما يلي:
1 - نمط الحب: وتدور حول اثنين متحابين تفصل بينهما عقبات مختلفة.
2 - نمط النجاح: شخص يحاول تحقيق النجاح في أمر ما، وينتهي بالنجاح أو الفشل في مسعاه.
3 - نمط سندريلا: وهو نفس القصة القديمة لتحول القبيح إلى جميل، في أشكال عديدة، وأشهر هذه الأشكال قصص بيجماليون، والجميلة والوحش... الخ.
4 - المثلث: ويتناول الغراميات المتبادلة لثلاثة أشخاص، ورغم أن هذا النمط من أنماط الحبكة كثيرا ما يبتذل في أفلام تافهة، إلا أنه لا يزال من الأنماط الشائعة، كما أن طريقة المعالجة يمكن أن تخلق فيلما رائعا، وقد قامت على هذا النمط أفلام تعتبر الآن من كلاسيكيات السينما، ونذكر منها على سبيل المثال فيلم "صراع في الميناء" بين فاتن حمامة وعمر الشريف وأحمد رمزي.
5 - العودة: وهو أحد الأنماط الدرامية التي تدول حول عودة غائب، ابن ضال، أب غائب، زوج مفقود، وبالطبع من الأمثلة الشهيرة فيلم "لا وقت للدموع"، حيث تصل الأخبار بوفاة الضابط عمر على الجبهة، وبعد أن تمر سنوات تفاجأ البطلة اليائسة بعودة حبيبها، ولكن بعد فوات الأوان. كذلك فيلم "صراع في الميناء" يمكن أن نضمه أيضا إلى هذا النمط حيث يبدأ بعودة الابن الغائب التي تدفع أحداث الفيلم.
6 - نمط الانتقام: وبداية من قصة الكونت دي مونت كريستو التي تم الاقتباس عنها في أكثر من فيلم، بدءا من فيلم أنور وجدي الشهير "أمير الظلام"، إلى فيلم "دائرة الانتقام"، كما لا ننسى الأفلام التي تروي عن الثأر في صعيد مصر، وغيرها.
7 - التوبة: هذا النمط الذي يدور حول تخلي شخص شرير عن شخصيته الشريرة ليعود إلى الخير والفضيلة.
8 - التضحية: وهو عكس الانتقام.
9 - نمط العائلة: ومن أشهر أفلام هذا النمط في السينما العربية فيلم "إمبراطورية ميم"، ولا تندرج تحت هذا النمط القصص التي تدور بين أفراد عائلة واحدة فقط، وإنما يشمل أي جماعة ربطت بينها روابط الألفة بشكل ما.
نقاط التحول : Key Plot Points
نقطة التحول، هي نقطة من النقاط الرئيسية في الحبكة، والتي تؤثر بشدة على مسار القصة. ومن الناحية النظرية، تؤدي نقطة التحول إلى إثراء الإحساس الدرامي بالقصة، وزيادة إغراق المتفرج فيها.
ومن نقاط التحول الرئيسية:
1 - الحدث الملهم: Inciting Incident
يؤدي الحدث الملهم إلى البدء في القصة، والتعرف علي المحرك الخارجي للبطل (الهدف). فهو يعمل عمل "الصنارة" لجذب المتفرج. ويجب أن يكون هذا الحدث ذا طابع مميز، ومخططا له بعناية، وأن يكون حدثا كامل التطور. ويجب أن يكون في بداية السيناريو، عادة في الصفحات العشر الأولى منه.
وفي أحيان نادرة قد يأتي هذا الحدث المقصود في وقت لاحق في السيناريو. ويكون ذلك مطلوباً حين تكون هناك حاجة إلى تطوير خط القصة الثاني (الداخلي) لفهم الحدث المقصود بعد ذلك. وعلى سبيل المثال في فيلم "الطيور" Birds، تم بناء الحبكة لقصة الحب قبل حدوث الهجوم الأول لتأسيس العلاقات المركبة. وفي هذه الحالة، ينبغي أن يكون تأخير خط القصة الرئيسي بما لا يزيد عن الفترة الضرورية لتوصيل معلومات معينة للمتفرج أولاً.
2 - لحظة الكشف: Revelation
أكثر نقاط التحول تأثيرا هي التي يطلق عليها لحظة "الكشف" Revelation. وهي لحظات الاكتشاف التي يصل إليها البطل وهو يعمل علي الوصول لهدفه. ويجب أن تكون كل لحظة كشف جديدة أكثر درامية من السابقة عليها، وتغير اتجاه فعل البطل بطريقة غير متوقعة بالنسبة للمتفرج.
3 - الكشف الذاتي: Self Revelation
إحدى لحظات الكشف الأخيرة في السيناريو تتعلق بدافع البطل الداخلي، ويحدث ذلك عندما يدرك البطل نقطة ضعفه، وكيف تسبب الإيذاء له أو الآخرين المهتمين به. ويؤدي ذلك الإدراك إلى نمو في شخصية البطل، غالبا في اتجاه النضج. ولكن قد يحدث في بعض الأحيان أن يرفض البطل ذلك النضج.
وغالباً ما تحدث عملية الكشف الذاتي Self-Revelation عن الدافع الداخلي للبطل قرب أو عند ذروة القصة فتساهم في حل الدافع الخارجي ووصول البطل لهدفه.
4 - التضاد: Reversal
التضاد هو ازدواج بين موضعين للحبكة، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، مما يثري القصة، ويساهم في إرباك المتفرج ويرفع من توقعاته لما في طريقه للحدوث. ويعتبر التضاد Reversal مفتاحا لمشاهد الحركة الجيدة، خاصة إذا استخدم في تعاقب سريع.
ويشبه كاتب السيناريو المعروف "شون بلاك" التضاد "بنكتة الأخبار السارة/السيئة". فمثلاً الخبر السار هو أن البطل نجح في الهروب من الأشرار، أما الخبر السيئ فهو أنه لا يستطيع الحفاظ علي توازنه، فيكون الخبر السار التالي هو انه استطاع تثبيت أقدامه واستعادة التوازن، ثم تهتز قدمه مرة أخرى بالفعل، وهكذا. وكثير من أفلام الحركة الشهيرة مبنية بهذه الطريقة. والتضاد المتعاقب في المعلومات قد يساهم في زيادة المحتوي الدرامي للقصة، غير أن القصة هنا تكون أكثر بطئاً.
5 - القرار المصيري: Critical Decision
ومن مواضع الحبكة القوية الوقت الذي يُجبر فيه البطل علي اتخاذ قرار مصيري. ويجب أن يشعر المتفرج بأهمية هذا القرار وضرورته، ولابد أن يوحي بأن اتخاذه هو أمر ملح وعاجل. وعادة ما تكون لحظة الكشف الذاتي للدافع الداخلي للبطل مرتبطة بقرار مصيري، للتدليل على نضج الشخصية وتطورها.
6 - اللحظة الانتقالية : Transcendental Moment
هي لحظة تكثيف للمشاعر لكل من الشخصيات والمتفرجين. وعادة ترتبط بفعل بطولي يقرب بين شخصيات متضادة. وتحدث هذه اللحظة في قلب مشهد مثير للانفعالات حتى يستدر مشاعر ودموع المتفرجين. وأغلب الكلاسيكيات الميلودرامية المصرية لا تخلو من مثل هذا المشهد، وأحيانا أكثر من مرة في الفيلم الواحد.
7 - الذروة : Climax
الذروة Climax هي آخر نقطة تحول في الفيلم، وعادة ما تكون على شكل تضاد، ولكن يمكن أن تتخذ أشكالا أخرى. ويجب أن تلائم الذروة الإطار والمنطق العام للقصة، ولكن تظل في نفس الوقت علي عكس المتوقع. والهدف هنا هو إرضاء عاطفة المتفرج.
والمفترض من الناحية النظرية أن يصل الخط الرئيسي للقصة مع الثانوي إلى لحظة الذروة معا، وفي مشهد واحد. فإذا لم يكن ممكناً الجمع بينهما في مشهد واحد، يمكن ترتيبهما في تتابع من الأقل أهمية إلى الأكثر أهمية، حيث تصل الخطوط الثانوية للذروة أولاً، ثم الخط الرئيسي.
الفصول : Acts
الفصول هي الأقسام الرئيسية للقصة. والتقسيم النموذجي للسيناريو هو بناءه فى ثلاثة فصول. في الفصل الأول يتم تأسيس كل عناصر القصة الرئيسية، وهي تضم الشخصيات، والدافع الخارجي، والدافع الداخلي، والصراعات الرئيسية. وفي الفصل الثاني يقوم كاتب السيناريو بتطوير المواجهات الأولى بتقديم العقبات والتعقيدات التي تقف في طريق البطل، الذي يجد نفسه مضطرا لاتخاذ موقف . أما الفصل الثالث فالأحداث تتحرك صاعدة إلى الذروة فالحل. ولابد أن ينتهي كل فصل بذروة مع موضع حبكة رئيسي يدل على نقطة تحول في القصة.
وتعتبر بنية الفصول الثلاثة أداة تخطيط وتحكم تمدنا بثلاثة فوائد هامة: أولا، أنها تضمن تقدم الأحداث في سرعة مناسبة وبشكل منطقي وملائم. وثانيا، تساعد على منح المتفرج إحساسا بالدفع في الأحداث لأن مواضع الحبكة الرئيسية موضوعة بشكل استراتيجي . وأخيرا، إنها تقدم للكاتب خطة لكتابة السيناريو، فحبكة الثلاثة فصول تساعد على بقاء الكاتب والقصة كليهما على الطريق وعلى التقدم الى الأمام.
بنية الفصول الثلاثة:
كما ذكرنا، تتضمن البنية الشائع استخدامها في كتابة السيناريو ثلاث وحدات منفصلة أو ثلاثة فصول.
وبالنظر للرسم البياني يمكن رؤية خط منحنى علي شكل قوس متصل. وهذا المنحنى يبلغ ذروة ثم ينخفض منحدراً مرة أخري. وهو تمثيل أمين لما يجب أن يكون عليه السيناريو حيث يجب أن تتدفق أحداث القصة بشكل متصاعد تدريجياً إلى أن تصل إلى نقطة ذروة أو عقدة وبعدها يأتي الحل والنهاية.
ويمكن تقسيم المنحنى علي النحو التالي :
نري في منتصف المنحنى, خطين قصيرين يتقاطعان مع المنحنى، وتوجد دائرتان، كل واحدة تقع على نقطة التقاء الخط بالمنحنى. وكل خط يقوم بتحديد نهاية فصل وبداية آخر. ونجد في هذا النموذج ثلاثة فصول.
يقدم الفصل الأول البطل, والعالم، والرحلة التي يقوم بها البطل. وفي الفصل الثاني، يواجه البطل العراقيل، والتحديات، ويكون عليه تجاوزها وتحقيق هدفه النهائي. ويمثل الفصل الثالث حل الصراعات أو نهاية القصة أو الاثنين معاً.
أما الدوائر فهي تعبر عن محطات معينة في الحبكة. وهذه المحطات الرئيسية، أو نقاط التحول، هي تلك اللحظات التي تتغير فيها القصة بشكل حاسم، لا رجوع فيه، بحيث يستحيل علي البطل، أن يعيش بعد هذه اللحظة كما كان يعيش من قبل. وتتمثل تلك المحطات الرئيسية, في حدث هام أو لحظة كشف هامة، تحدد مصير البطل. ويمكن للسيناريو أن يتضمن اثنين، أو أكثر من نقاط التحول، ولكن غالباً ما يتم اختيار أكثر هذه النقاط أهمية، لتصبح أداة للربط بين بداية النص، ووسطه، ونهايته.
ورغم اختلاف الآراء حول الطول المناسب لكل فصل فإن معظم كتاب السيناريو، يسعون لكتابة فصل أول، قصير بقدر الإمكان، على أن يحتوي كل المعلومات الضرورية التي تدفع إلى بدء القصة، ثم فصل ثان طويل يحتوي كل الفيلم وما يدور فيه من صراعات، ثم فصل ثالث قصير يحتوي الحل ويساوي في طوله طول الفصل الأول وربما أقل.
وبالطبع يختلف كل سيناريو عن غيره من السيناريوهات. ولكن هذه مجرد إرشادات جيدة يجب أخذها في الاعتبار أثناء الكتابة. فطول الفيلم الروائي عادة هو من 100 إلى 110 صفحة، أي ساعتين إلا عشر دقائق، وهو ما يعني أن أول نقطة تحول في الحبكة، تقع بعد 30 دقيقة تقريبا، والثانية بعد 85 دقيقة.
الفصل الأول – التمهيد أو التأسيس Setup
يقوم الفصل الأول بتقديم البطل، والعالم، والرحلة. كما يصف لنا العقبات المتوقع أن تواجه البطل, الساعي إلى مصيره. ويجب أن يحتوي الفصل الأول على ملخص موجز للموقف الأساسي في القصة.
ولذلك تعتبر الصفحات العشر الأوائل في النص عادة أهم صفحات في السيناريو بأكمله، ولذلك تسمى "التأسيس"، أي وضع الأساس للفيلم والقصة والأبطال. فكل ما يشد المتفرج يكون في هذا الجزء. وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان, أن يبدأ الكاتب في شرح عالم السيناريو بشكل جذاب بصريا. وإذا ما نجح في وصف هذا العالم, فإن يكون قد خطا خطواتٍ واسعة علي طريق وصف البطل وما يحركه. ويختتم الفصل الأول بأول نقطة تحول في الحبكة، حيث يتجه البطل إلى فهم جديد لرحلته أو إلى مكان جديد. ومن هنا يجب أن يبدأ الفصل الثاني من نقطة الانطلاق هذه في تطور متدرج للقصة.
الفصل الثاني- التحديات والعقبات
يمثل الفصل الثاني الجزء الأوسط من السيناريو. وهو أطول الفصول الثلاثة وأصعبها في مرحلة الكتابة، ففيه تتطور القصة، ويقابل البطل عقبات وتحديات جادة تقف في سبيل سعادته. ويصور هذا الفصل رحلة البطل أكثر من أي فصل آخر، وهو الجزء الذي يعطي الفيلم وزنه ومعناه. وحتى يتمكن كاتب السيناريو من الحفاظ علي الإيقاع السليم لهذا الجزء، فإن عليه أن يضع نصب عينيه الهدف الأساسي دائماً. كما أن عليه مراعاة ألا تكون الرحلة سهلة، لدرجة أن يمل المتفرج من إحساسه بأنه يعرف مسبقاً كل ما سيحدث. ولا أن تتضمن كافة أشكال العقبات الممكنة بحيث ترهق المتفرج بوطأتها، ومن هنا أهمية الحساب الدقيق للأحداث والتطورات. كما يجب مراعاة أن تكون الأحداث كلها نابعة من مواقف البطل في علاقته بالعالم. وكثير من كتاب السيناريو يقسمون هذا الفصل إلى جزأين لتسهيل التحكم في العمل.
ومن الضروري لضبط بناء الفصل الأوسط فهم الفرق بين العقبات التي تنجم عن نقطة ضعف البطل، وتلك التي لا يد له فيها، ولا يستطيع التحكم بها. فالكوارث الطبيعية مثلا وغيرها من الأحداث القدرية، لا يعلم بها غير الله، ولا يمكن للبطل توقعها قبل حدوثها. أما المحنة، فالمقصود بها سلسلة طويلة من المصاعب والمتاعب التي يتعرض لها البطل. ومواقف البطل وقراراته كما يوحي اسمها، هي اختيار يحدد اتجاه القصة. ولكل من هذه الأدوات مكانها في بناء السيناريو الذي تكتبه.
أما التحديات والعقبات فهي كل شيء يهدد تقدم البطل. وربما تكون صغيرة أو كبيرة، وقد يكون البطل نفسه المتسبب فيها, أو تكون السماء هي السبب. وفي الحكايات التي تتبع ترتيباً زمنياً, تتوالى نجاحات البطل في اجتياز تحدٍ يقوده إلى آخر. ويكون التحدي الأكبر هو مقياس لنجاح أو إخفاق البطل في رحلته النفسية. وهذه هي اللحظة التي نسميها عادة بالمحطة الثانية في الحبكة، أو نقطة التحول الثانية، وبداية الفصل الثالث.
الفصل الثالث- الحل
يقدم الفصل الثالث الحل لما يطرحه السيناريو من مشكلات وتحديات للبطل. فبحلول الفصل الثالث يكون البطل قد وصل إلى مراده من الرحلة، وهو ما لا يعني بالضرورة أن كل شيء أصبح علي ما يرام. ففي هذا الجزء من السيناريو يظهر لنا البطل في صورته النهائية، وقد اكتسب فهماً ما أو أعاد توازناً ما، أو أدرك استحالة استعادة التوازن مرة أخري.
ويحتوي الفصل الثالث على لحظة التنوير، وهي الكشف النهائي الذي يوضح نتيجة القصة، ويقدم حلا للموقف. ويجب أن نعرف أن مشهد النهاية في الفيلم ليس مجرد حل للمشاكل أو الأزمة التي يعبر عنها الفيلم، وإنما هو تعبير عن موقف من شيء ما، قد يكون موقفا من الحياة نفسها، وهو تعبير عن رأي ومواقف الكاتب، وصناع الفيلم كلهم.
توزيع مواضع الحبكة : Punctuating Plot Points
ينبغي أن ينتهي كل فصل (حتى الجزء الأول من الفصل الثاني) بنقطة تحول رئيسية تدفع القصة في اتجاه غير متوقع. ويمكن تحقيق ذلك بتعريض الدافع الخارجي للبطل للخطر حتى يجد نفسه مرغما على فعل مختلف تماما. ونحصل على هذا الفعل في الغالب باستخدام كشف أو تضاد. ومواضع الحبكة ذات التأثير تدفع القصة وترفع من متعة المتفرج وانتباهه.
البداية والنهاية : Beginning & Ending
يقال أنه "لكي تصنع فيلما أفضل، احرق أول بكرة". هذا القول يصور أهمية الوصول إلى الحادث الملهم بأسرع ما يمكن. والغالب أن يضمن الكتاب الجدد الكثير من المادة الاستهلالية في المشاهد القليلة الأولى، ولكن الواقع أن ما نحتاج إليه فعليا هو الخطوط العريضة للشخصيات الرئيسية. والهدف هو جذب المتفرجين وتوريطهم منذ البداية، وأفضل طريقة لذلك هو عمل حدث ملهم (ينطوي على صراع مثلا) يبدأ القصة ويحركها.
أما النهاية فيجب أن تكون متسقة مع القصة والشخصيات كما تم تطويرها، وينبغي أن يستطيع المتفرجون إدراكها بسرعة. وأفضل طريقة هو تمهيد الأرضية للذروة طوال الطريق أثناء رواية القصة. وهذا التأسيس سوف يساعد ويضمن أن تكون الذروة منطقية وليست مصطنعة.
ولابد أن تكون النهاية مشبعة للمتفرجين. وبشكل عام تكون النهايات التي تنتهي نهاية سعيدة ومؤثرة أفضل. وفيما بعد، تكون أفضل في بيع الفيلم. والمفترض أن تحتوي النهاية على صدى فكري.
ما هي اساليب بناء السيناريو ؟
يعتبر البناء في السيناريو هو العنصر الذي يقوده للنجاح، وقد كثرت الكتابة في هذا الموضوع في السنوات الماضية. فهناك العديد من المدارس المختلفة، والنقاشات الساخنة التي دارت حول أساليب البناء في السيناريو.
فهناك مدرسة تؤكد علي أهمية البناء الثلاثي الفصول لنص السيناريو، مع وضع توقيت لمواضع الحبكة. وهناك مدرسة أخري تتخطي الأهمية الكبيرة التي تُعطي لهذا البناء الثلاثي، وتعطي الاهتمام الأكبر لمواضع وطبيعة الحبكة في السيناريو. ولكل مدرسة طابعها الجاذب المميز برغم الاختلافات.
والاختلاف بين هاتين المدرستين يشبه إلى حد كبير المقابلة بين ما يسمي بالطبيعة والتطبع في علم النفس، حيث يري بعض علماء النفس أن الطبيعة (الجينات) هي المسئولة عن تصرفات الإنسان، في حين يري البعض الآخر أن التطبع (البيئة) هو المسئول عن تلك التصرفات. وفي النهاية جرى الاتفاق علي أن كلا العاملين يلعبان دورا حيويا في تكوين الإنسان.
الاختلاف بين المدرستين في السيناريو يشبه إلى حد كبير تلك المقابلة في علم النفس. فعلي الرغم من أن لكل مدرسة لغتها الخاصة، إلا أن هناك الكثير من العناصر المشتركة فيما بينهما. بل يعمل كل منهما علي تكملة الآخر. ويجب علي كاتب السيناريو أن يحاول استخدام ما يحتاجه من وسائل وأفكار دون النظر لانتمائها إلى هذه المدرسة أو تلك ليتمكن من إخراج عمل متكامل.
وعموما يمكن أن يتنوع بناء السيناريو من خلال عدة طرق :
1 - البناء المحكم والبناء المفتوح : Formulas vs. Open Structures
يمتاز البناء المحكم بالعناية المبالغ فيها لشكل بناء السيناريو، وفيه يصب كاتب السيناريو اهتمامه الرئيسي حول هدف القصة وترتيب المشاهد. وترتبط مواضع الحبكة مباشرة بالدافع الخارجي، وتستغله لأقصى درجة للوصول لأقوى تأثير لها. وتحتوى على قليل من المشاهد التي تعنى بتطور الشخصية، ولذا تميل الشخصيات للتسطيح، ويعتبر ذلك هو الضعف الأساسي في هذا البناء.
أما البناء المفتوح للسيناريو فهو على عكس البناء المحكم، حيث أنه أقل اهتماماً بالهدف والأحداث، وتكون مواضع الحبكة فيه أكثر ارتباطاً بالدافع الداخلي، وربما لا توضع إلا لاستكشاف الشخصية والفكرة والمزاج النفسـى للقصة. لذا يسير البناء المفتوح ببطء، مما قد يؤدى إلى إحباط بعض المتفرجين.
2 - القصة المتعددة الخطوط: Multiple story lines
يجب أولا أن نعرف أن الخيط الواحد Thread هو "قصة" صغيرة للغاية، ليس لها بناء خاص بها، ولا تطوير لخط قصصي حقيقي, وهي أكثر قليلا من الموتيفة. وأن القصة المتعددة الخيوط هي القصة التى بها عدة قصص صغيرة تتصل ببعضها البعض بشكل ما، تتداخل عن طريق علاقات الأبطال ببعضهم البعض وعن طريق ارتباط الخيوط ببعضها بشكل متراكب ومعقد. وكلما كانت الخيوط في القصة أكثر تداخلا، كلما كان البناء أقوى.
ويتعامل الخط الأساسي للقصة مع الشخصية الرئيسية (البطل) ، لذا فهو يسيطر عليها . أما في بناء القصة المركبة، فيمكن إدخال أكثر من خط ثانوي للأحداث secondary story lines لتطوير شخصيات ثانوية بجانب الشخصيات الرئيسية. وفى أحوال نادرة يمكن أن يكون هناك عدة خطوط رئيسية للقصة بنفس الأهمية، وبدون أن يسيطر خط رئيسي على الآخر.
والواقع أن نصوص السيناريو المميزة يتم تطويرها من خلال الخط الثاني للقصة. فهي التي تضفى على القصة عمقها ورؤيتها الخاصة، وتجعل النص عموماً أقل تمحوراً حول الهدف. ويهتم خط القصة الثانوي بالعلاقات الشخصية، لذا فهو يعتبر طريقة قوية للتعرف على الفكرة الرئيسية في القصة. وعادة ما تدور تلك القصص حول الصداقة أو الحب.
والخطوط الثانوية للقصة يتم بناؤها بنية نموذجية من ثلاثة فصول مثل الخط الرئيسي، وليس ضروريا أن تتزامن فصولها مع فصول الخط الرئيسي. وبتعبير آخر، يمكن لهذا الخط أن يتطور ويصل إلى الذروة والحل بشكل منفصل عن الخط الرئيسي للقصة. أما إذا كان خط القصة الثانوي صغيراً، فمن غير الضروري أن يكون بناؤه ثلاثي الفصول، ولكن يجب أن يكون له عدد من مواضع الحبكة الواضحة والمحددة بما يكفي لعرض القصة.
وفى الأحوال التي يوجد بها عدة شخصيات رئيسية، يجب أن تطور كل شخصية بصورة مستقلة ومتكاملة، وأن يحتوى كل منها على دافع خارجي وداخلي. ومن الطرق المشوقة للتعامل مع نوع القصص الذي يحتوى على أكثر من شخصية رئيسية أن تبنى القصة في بدايتها على فكرة التبادل بين الشخصيات، بمعنى أن تحصل كل شخصية على عدد معين من المشاهد يُبدل فيما بينهم.
لذا يجب، في القصص التي تحتوى على خطوط متعددة، أن يبنى كل خط بصورة مستقلة للتأكيد على وضوحه، ولكن في ذات الوقت يجب أن يتم التبادل بين تلك الخطوط للحصول على قصة مترابطة واحدة.
المشهد :
المشهد Scene هو وحدة درامية تغطى مساحة زمنية معينة، ومكانا معينا. ويمكن أن يتكون من لقطة واحدة أو عدة لقطات. ويقسم كُتاب السيناريو نص السيناريو إلى مشاهد، كما يقسم الروائيون أعمالهم إلى فصول. فالمشاهد هي الوحدات البنائية للنص. ولا تستغرق معظم المشاهد أكثر من دقيقتين إلى ثلاث، وإلا أصبحت الصورة مكررة، ومملة للمتفرج. وعموماً تصل نصوص السيناريو إلى 120 صفحة، مما يعنى أنها تحتوى من 40 إلى 60 مشهدا.
وفي اختيار الكاتب للمكان يجب أن يراعي معالمه ومدى ارتباطه بالمشهد وبالفيلم ككل، ثم محاولة استغلال المؤثرات الموجودة في المكان بشكل فعال في المشهد. وكذلك يجب عليه أن يحاول أن يكون زمن المشهد مناسبا، وألا يطول بشكل يثير الملل، أو يقصر بشكل يجعل الأحداث مبهمة.
ويجب أن يؤخذ في الاعتبار عند كتابة مشهد فى السيناريو أن يسمح لخيال المتفرج بأن يشارك في أحداثه بقدر الإمكان , وهو ما يحدث حين تترك بعض الأمور غامضة، وغير مجاب عليها داخله . بالأضافة الى أنه على الكاتب أن يزرع في المشهد الدائر بذور المشهد التالي، حتى يتم طواله الاحتفاظ بمتابعة واهتمام المتفرج.
أهداف المشهد :
الهدف الأول للمشهد هو دفع القصة إلى الأمام بطريقة ما. وعموماً يلعب المشهد دوراً مزدوجاً، من حيث دفع القصة للأمام، وتحقيق أهداف ثانوية في نفس الوقت، كتطوير الشخصية، أو لغرض الفكاهة، أو نقل الحالة المزاجية. ويجب أن يحقق المشهد أكبر قدر ممكن من الأهداف لتعميق اندماج المتفرج فيه.
وخلال تحقيق المشهد لأهدافه، يجب أن يكون الفعل الدرامي صادقاً وحقيقياً، دون أي افتعال. وبتعبير آخر، يجب أن يتسق الفعل مع الشخصيات والعلاقات في القصة. ويمكن أن نعرف الفعل المفتعل بأنه يحدث صدفة، أو يصعب تصديقه. وكثيراً ما تقع في هذا الخطأ المشاهد التي تحضر لحدث سيأتي متأخراً في القصة.
بناء المشهد :
يمكن أن نعتبر المشهد كقصة صغيرة، لذا يمكن استخدام معظم القواعد التي تستخدم لتصميم نص السيناريو ككل لتصميم المشهد أيضا، ويتضمن ذلك: البناء ثلاثي الفصول، ووجهة النظر، ونقطة الهجوم.
فالمشهد يُصمم كقصة صغيرة لها بداية، ووسط، ونهاية. وللحصول على قوة الدفع المطلوبة لتسير القصة للأمام، ينبغي أن تكون هناك نقلات محددة في المشهد، وتلك هي مهمة البناء الثلاثي الفصول.
ويجب عند تصميم المشهد أن يؤخذ في الاعتبار أهداف المشهد من خلال الهدف العام للقصة ككل، وأهداف الشخصيات في المشهد، والإيقاع الذي ينتج عن تغير المعطيات من مشهد لآخر.
وجهة نظر المشهد :
وجهة النظر هي تلك التي يوجه إليها المتفرج خلال سرد القصة أمامه. فالمتفرج يرى القصة مكانيا spatial من وجهتين:
وجهة نظر البطل (وجهة نظر ذاتية)،
أو بطريقة مستقلة عن البطل (وجهة نظر موضوعية(.
وعند كتابة المشاهد منفردة، يمكن أن نوسع من هذا التعريف ليتضمن وجهات النظر الزمانية والنفسية أيضا.
وهذا يمنحنا اختيارات مثيرة يمكن أن نضعها في اعتبارنا أثناء الكتابة: ومثلا لدينا اختيارات الإيقاع الزمني )ماضي/حاضر/مستقبل)، أو الوجهة النفسية لمشهد (واقعي أو فانتازيا أو من الذاكرة(
بداية المشهد :
تتحدد بداية المشهد ونهايته بتغير المكان أو الزمان، فمهما جرت فيه من أحداث أو دخول أو خروج للشخصيات لا يعتبر أيا من ذلك علامة على بداية أو نهاية المشهد. ولكن بمجرد أن يتغير المكان إلى مكان آخر حتى لو في نفس الوقت، أو إذا تغير الوقت من المساء إلى الصباح أو بعد يوم أو أسبوع أو أي فاصل زمني، حتى لو في نفس المكان، فإن ذلك يعتبر بداية لمشهد جديد.
ويجب أن تأتى نقطة الهجوم في المشهد، التي يأخذ الحدث مساره عندها، متأخرة بقدر الإمكان، وذلك للمحافظة على تطور القصة للأمام. وقد يكون على المتفرج أن يستنتج بعض الاستنتاجات السريعة نتيجة لذلك التأخر، مما قد يكون مفيداً أيضاً على مستوى مشاركة المتفرج في المشهد وارتباطه به.
نهاية المشهد :
يجب أن ينتهي المشهد فور تحقيقه لأهدافه المحددة له. وأي تأخير هنا قد يؤدى إلى فقد انتباه المتفرج. وكيفية إنهاء المشهد في غاية الأهمية، حيث أنها تحضر المتفرج للمشهد التالي. ويجب أن ينتهي المشهد وقد حُلت بعض القضايا، ولكن بقيت قضايا أخرى دون حل، وتلك الأخيرة هي التي تحافظ على انتباه المتفرج وتطلعه إلى الحل.
التحول في ميزان القوة :
يحدث في المشاهد المؤثرة تحول في موازين القوى بين البطل وإحدى الشخصيات الهامة، وهي الخصم في الغالب. وقد يكون هذا التحول إيجابياً أو سلبياً، أي إما في صالح البطل أو في صالح الشرير. وأحياناً ما يكون ذلك طريقة جيدة لخلق مشهد ديناميكي.
التبادل بين المشاهد :
عادة ما يحب المتفرج المشاهد التي بها حركة عالية، ولكن لا يمكن أن تحتوى كل المشاهد على ذلك المستوى من الطاقة. فكثير من المشاهد لها مستوى مستقر من الفعل الحركي والدرامي. ومن المفترض أن تكون لتلك المشاهد المستقرة قدرة كافية على جذب اهتمام المتفرج. ولكن إذا ما تتابعت مشاهد كثيرة منخفضة الحركة، فيمكن أن تسير سرعة القصة ببطء بالغ.
ويفضل في هذه الحالة، أن يحدث تبادل ما بين المشاهد ذات الطاقة العالية، وتلك الأقل طاقة. ويجب أن يتم التأكد أولاً من أن المشاهد ذات الطاقة المنخفضة بها حركة قليلة بالفعل، وليست مجرد مشاهد مملة، يمكن الاستغناء عنها. أما المشاهد المملة التي لا تقدم جديدا إلى القصة فيجب الاستغناء عنها بدون تردد.
الفصول والمشاهد الثانوية :
يعتبر استخدام الفصول والمشاهد الثانوية من الطرق الجيدة لتطوير حركة طويلة للمشهد. والمقصود بالفصول مجموعة من المشاهد التي تربط فيما بينها علاقة. وعلى سبيل المثال في فيلم "صائد الغزلان" The Deer Hunter، يتكون حفل الزفاف الطويل من عدة مشاهد تغطي شخصيات مختلفة وأجزاء مختلفة من الحركة، منها مشهد البار، ومشهد الرقص، ومشهد تبادل الأنخاب، وسباق السكارى.
أما المشهد الثانوي فهو جزء من مشهد طويل. وترجع جذور ذلك الأسلوب إلى شكسبير، حيث يبدأ المشهد بمجموعة من الشخصيات، ثم تبدأ كل شخصية في المغادرة، ويبدأ المشهد الثانوي بالشخصيات الباقية. ويمكن أن يستخدم ذلك التكنيك أيضاً بالعكس.
ولا يقوم الكاتب بتحديد الفصول أو المشاهد الثانوية في نص السيناريو، ولكن المتفرج يشعر بها خلال سرد القصة. وتكمن قيمتها الحقيقية في المساعدة على استيعاب وتطوير تدفق الحركة لمدة طويلة في المشهد.
رسم الشخصية
ليس هناك وجود للحدث بدون فاعل لهذا الحدث، ومن ثم فالحدث والشخصية عنصران أساسيان في القصة، ويجب أن نتعرف على الإنسان لكي نتتبع ونتفهم الحدث.
وتتمتع الرواية بحرية كبيرة في المساحة ووصف أفكار الشخصيات، ونقل آراء المؤلف، وإمكانية وصف الشخصيات وشرح دوافعهم وأفعالهم. ولا يهم كيف يصمم الروائي الشخصيات، فسوف يكوِّن كل قارئ فكرته الخاصة عن ملامح وسلوك هؤلاء الأشخاص.
أما في السينما فإن رسم الشخصيات مهمة صعبة للغاية، فالشخصية يؤديها ممثل يعرف المتفرجون صورته بالفعل ورأوه في شخصيات أخرى، فليست هناك حرية في إطلاق العنان للخيال. وبالتالي يتم اختيار الممثل لمظهره الذي يجب أن يكشف عن نفس الشخصية التي يعرضها. ويظن الكثيرون أنه نتيجة لذلك لا يطمح الفيلم العادي لإضافة لمسات بارعة في رسم الشخصيات. وتكون النتيجة رسما نمطيا لهذه الشخصيات في كتابة معظم السيناريوهات. ورغم ذلك، فليس من العسير أن نرسم الشخصية في السينما. ويثبت هذا حقيقة أن الأفلام الجيدة تحتوي على شخصيات مرسومة ببراعة.
ولكي نحاول رسم شخصية جيدة، علينا أن نعرف ما يجب أن تتميز به كل شخصية من صفات ظاهرية وجوانب داخلية.
الصفات الظاهرية:
يمكن وضع الصفات الظاهرية لكل شخصية تحت ثلاثة عناوين: الجنس، والعمر، والانطباع السائد. وعلى سبيل المثال: رجل، منتصف السبعينات، ضعيف وهزيل، امرأة صعيدية بمعنى الكلمة، 32 سنة. لا داعي للإطالة في الوصف، فالواقع أن الوصف الدقيق سوف يؤدي إلى صعوبة إيجاد ممثل يقوم بالدور. المهم هو وضع الصفات الأساسية والضرورية للدور. ويجب أن تجعل لكل شخصية انطباعا، وعلى سبيل المثال أن يكون الشخص ذكيا أو غبيا أو معتمدا على نفسه أو جامد الوجه، أو مصطنعا في حركاته، أو ودودا .. الخ.
وينبغي أن يكون لكل شخصية تعبير مميز، بشرط أن تكون هذه التعبيرات المميزة مرتبطة بالقصة ارتباطا مباشرا، وتنقسم التعبيرات المميزة إلى:
أ.تعبيرات مميزة في المظهر:
مثل الزي المناسب للشخصية، فمثلا يمكن أن تكون الشخصية تتصف بالأناقة، أو الإهمال في الملبس، بالإضافة إلى ما يظهر مكانتها الاجتماعية. وبالطبع لكل ممثل مظهره، لكن بعض اللمسات تضفي تميزا خاصا بالدور الذي يقوم به في فيلم معين. وعلى سبيل المثال استطاع محمود عبد العزيز في أدائه لدور الشيخ حسني (فيلم الكيت كات، إخراج داوود عبد السيد) أن يقدم نموذجا لشخصية متميزة المظهر بكل معاني الكلمة. وفي نفس الوقت، كانت سناء جميل بارعة في أداء دور زوجة العمدة في فيلم "الزوجة الثانية"، والواقع أن هذا الفيلم الذي يعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية قدم لنا شخصيات متميزة بكل معنى الكلمة.
ب. تعبيرات مميزة في الكلام:
وبالطبع لكل منا تعبيراته المميزة في الكلام، وقد تتميز الشخصية بلازمة معينة، كما في الطريقة التي كان يستخدمها عبد الفتاح القصري، وعلى سبيل المثال في ابن حميدو "أنا كلمتي ما تنزلش الأرض أبدا". أو من الممكن أن تكون الشخصية تتميز بسرعة الكلام، أو بطئه، أو ببعض الثأثأة، أو اللدغة، أو الجدية، أو الطرافة، أو غير ذلك. وفي فيلم "الزوجة الثانية" برع حسن البارودي في أداء دور الحلاق والعطار القديم في القرية، ولا يمكننا أن ننسى صوته وهو يقول: "الشاي يا هنية".
جـ. تعبيرات مميزة في السلوكيات:
يمكن إضافة بعض التعبيرات المميزة في السلوكيات، في المشية، في اللفتات، حركة مميزة يقوم بها الممثل كلازمة ولكن حركية، مثل أن يلف سلسلة المفاتيح حول إصبعه، أو يداعب شاربه.. أو يجلس بطريقة معينة.. إلخ، ولكن يجب الحذر في هذه التعبيرات المميزة لكي لا تتحول إلى شيء زائد عن الحد.
المظاهر الداخلية:
أما الجوانب الداخلية فلها أيضا ثلاثة عناصر رئيسية: وجهة النظر، والموقف العام، والاهتمامات.
أ - وجهة النظر: لكل شخصية وجهة نظر بناء على وضعها الاجتماعي والعمري، مثلا لابد أن يكون هناك اختلاف في وجهات نظر كل من: الأبوين والأبناء، المدير والموظفين، الزوج والزوجة، الخ. ولكن بالإضافة إلى ذلك تتميز وجهات النظر لكل شخصية، بناء على نوع الشخصية ومواقفها في الحياة، واهتماماتها الشخصية، وهذا هو ما يعطي للشخصية تميزها.
وإظهار وجهة نظر حادة الوضوح لكل شخصية من الشخصيات تنبع أساسا من دورها في القصة أو الفيلم، وفي فيلم الكيت كات كان ابن الشيخ حسني يختلف مع أبيه بسبب بيعه البيت وتدخينه الحشيش، ولكنه كان يحترمه في نفس الوقت، وكانت أم الشيخ حسني ترى الأشياء دائما من وجهة نظر حسنة النوايا، بينما كان الشيخ حسني يرغب دائما في أن يكون "مفتحا" في تصرفاته. وكانت نظرة المعلم هرم إلى تداول الحشيش والتجارة فيه تختلف طبعا عن نظرة ضابط الشرطة الذي لا يهمه إلا أن تتم ترقيته بصرف النظر عما قام به من نشاط حقيقي.ووجهة النظر قد تختلف بين حليفين مثل البطل والسنيد، كما بين عدوين، وهذا يؤدي إلى مزيد من العمق للشخصيات وإظهار أوضح لمواقفها.
ب - الموقف العام للشخصية: السمات الشخصية هي إلى حد كبير عبارة عن موقف attitude. لأن الموقف هو رد الفعل العادي للشخصية من الحياة بشكل عام، وقد يكون هو التفاؤل أو التشاؤم أو حب القتال، أو التعقل .. أو غير ذلك، إنه فلسفة الحياة وقد صيغت في عبارة واحدة. ومعرفة الموقف السائد لإحدى الشخصيات تمنح الكاتب فرصة كبيرة، فهي توفر له مقدما رؤية كيف ستتصرف هذه الشخصية في أي وضع معين. أي أن مواقف الشخصيات تجعل من السهل التنبؤ مقدما بتصرفاتهم. ففى فيلم الكيت كات كان رد فعل إعلان الشيخ حسني لفضائح الحارة في الميكروفون مختلفا على كل شخصية، فالمعلم هرم يريد أن يهرب وعشيقته تريده أن يحمل معه الحشيش الذي يخفيه عندها، وزوج روايح يبكي بصمت، بينما أمها تكاد تلطم خشية الفضيحة، أما ابن الشيخ حسني فهو يضحك بسخرية واعتزاز بأبيه، وبائع الدجاج يشتم في غيظ، وهكذا نجد لدينا مجموعة من ردود الأفعال المختلفة ترتكز على فكرة بسيطة: "ماذا يحدث لو أن أحدا فضح أسرار الجميع علنا؟"، وقد جاءت ردود الأفعال متسقة مع الشخصيات ومواقفها ودورها في القصة.
جـ - الاهتمامات: يجب أن يكون لكل شخصية اهتمام خاص، وهو أمر يضيف بعدا وعمقا للشخصيات، ويجعل لكل منها صفاتها الفردية، كما يوفر موضوعا للحديث يضيف إلى تجسيد الأحداث عند الحاجة. فمثلا أجعل للشخصية هواية محببة، ملاحظة التليفزيون، قراءة الجرائد، رياضة معينة، أو تربية أسماك الزينة أو جمع الطوابع .. الخ.
اتجاه الشخصية:
أ. الأهداف: يجب أن يكون لكل شخصية، وخاصة الرئيسية منها، أهداف واضحة، والأهداف نوعان: أهداف فورية، وأهداف بعيدة المدى. والأهداف الفورية هي نتاج للموقف في القصة. فالهدف الفوري لابن الشيخ حسني هو السفر لبناء مستقبله كشاب، والهدف الفوري لروايح هو التخلص من حياة زوجية بائسة. وتختلف الأهداف من شخصية لأخرى، والأهداف الخاصة بالشخصيات الشريرة عادة تكون قوية وتقودها الرغبة الجامحة في تحقيقها.
كان الهدف الفوري لعلي عبد الظاهر(عادل إمام) في فيلم الإرهابي هو تنفيذ أوامر أمير الجماعة باعتبارها واجب مقدس، فنفذ هجوما على وفد سياحي قتل فيه عددا من السائحين، ثم ها هو بسبيله لتنفيذ قتل مفكر معروف رأى الأمير أنه كافر.
أما الهدف بعيد المدى فهو أمر آخر، إنه أقرب لمفهوم الحياة عند كل شخصية، ونظرتها إلى المستقبل، لكن الواقع أننا نوازن بين هذا الهدف بعيد المدى وبين الإنجازات المقبولة اجتماعيا، وهو ما ينتج عن الاتجاهات السلبية لدوافع كل شخصية. والواقع أن علي عبد الظاهر ينظر إلى الحياة في يأس بسبب جهله وإحباطه، وهذا هو ما يجعل من السهل انضمامه إلى الجماعة وتقديسه لأميرها لدرجة أنه يعتبر أن كل مهمة يطلبها منه الأمير، حتى ولو كانت قتل الأنفس، واجبا دينيا مقدسا.
ب. التبرير المعقول: يلزم أن يعرف الكاتب عن شخصياته ما يكفي لأن يكون سلوكهم مبررا دائما. فيجب أن تكون هناك الأسباب الملائمة لكل شخصية في ضوء ظروفها وتجاربها السابقة لكي يكون سلوكها منطقيا سهل التصديق. ويبدأ الأمر من ميلاد الشخصية ثم تطورها، إلى الحد الذي يمكنك من إنجاز مهمتها في القصة، لا أكثر. ولكل شخصية تجاربها التي تؤكد سماتها الشخصية والتي هي نتاج سلوكيات مكتسبة، عن وعي وعن غير وعي، لكي تلائم مشاكلها وعالمها، ولكي تنتصر على الوراثة والبيئة معا، بصرف النظر عن أية ظروف أخرى، وهذه التجارب تأخذ ضريبتها أيضا من كل منا، فكل منا يعاني بشكل أو بآخر من نتائجها، وليس أمامنا سوى الاستمرار في الصراع، كل حسب طريقته.
تعديلات الشخصية :
سوف تضيف إلى الشخصية الكثير إذا كتبت أحداثا تساعدها على التحرر من التصور الأساسي القاطع لها.
وعلى سبيل المثال، تتطور الأحداث في فيلم "الإرهابي" بطريقة تغير تماما من شخصية البطل، حتى أنه يموت في سبيل تحسين صورته أمام الناس الذين أحبهم وآمن ببراءتهم من كل أفكاره السابقة، لقد تغير من شخص ينفذ توجيهات أمير الجماعة بلا تفكير إلى إنسان طبيعي يحب، ويفهم، ويريد منهم أن يتعرفوا عليه في هذه الشخصية الجديدة. والبنت الغلبانة فاطمة في فيلم "الزوجة الثانية" ، التي تبدو في أول الفيلم "منكسرة" لا تريد من الحياة سوى رضا زوجها وخدمة العمدة وزوجته لتحصل على ما يتفضل منهما لأطفالها، إذا بها شخصية قوية عندما توضع "على المحك"، قادرة على هزيمة العمدة وزوجته وكل ما يحملانه من شر تجاهها.
ومن المفضل أن تكون الانطباعات السائدة صحيحة طبعا، ولكن من الممتع أن يكتشف المتفرجون جانبا مخادعا في الشخصية، أو نقطة ضعف، فالمدير الجاد الصارم يغلق باب غرفته بعد توجيهاته الصارمة للموظفين، ثم يطلب عشيقته في التليفون الخاص بالعمل ويمازحها بشكل يتعارض تماما مع الشخصية التي رأيناها من قبل. والشيخ الذي هو مثل أعلى في التدين يمكن أن يظهر أنه أبعد ما يكون عن التدين والأمر لا يزيد عن التظاهر الكاذب. إنها أسرار الشخصية التي عندما تتعارض مع الموقف المعلن أو الانطباع السائد تضاعف من اهتمام المتفرج ومتابعته لكل موقف ليعرف إذا كان السر سينكشف أو يثير المشاكل للشخصية.
ولكن احذر من المبالغة في هذا الإجراء، بل يجب أن يظل الانطباع السائد سائدا فيما عدا تلك اللحظات التي قد تقود فيها طبيعة الموقف شخصا من هذا النوع المحدد لأن يكشف سره. (ولنتذكر الشخصية المركبة للسيد احمد عبد الجواد فى فيلم "بين القصريين" والتي ظلت متسقة أمام زوجته رغم انكشاف سره أمام ابنه الأكبر، والذي لم يجرؤ على كشف السر ولا حتى مواجهة ابيه بأنه يعرف، إلا بعد وقت طويل وبشكل جزئي فقط لأخيه الأصغر، وقد استطاع أن يقنعنا بأن جانبي شخصيته يسيران في خطين متباعدين لا صلة بين أحدهما والآخر طوال حياته تقريبا بسبب القصة الجيدة، والرسم المتميز للشخصية وانفعالاتها وتطورها.)
ينبغي أيضا أن تكون مكونات السر موجودة ولكن غير مكشوفة، ولا تقدم كل مظاهر هذا "السر" مرة واحدة، واحتفظ بأجود ما عندك للشخصيات الرئيسية وفي المواقف الحساسة.
جمع المعلومات :
يجب أن نعرف حقائق كافية عن الشخصية. بداية من السن التقريبية للفرد، ووظيفته، والبلد التي يعيش فيها، والأصل الذي ينتمي إليه، وحالته الاجتماعية، وملخص سريع لتسلسل حياته والنقاط الهامة ذات التأثير فيها.
والوظيفة عامل مؤثر للغاية في رسم الشخصية. فيمكن أن يكون الإنسان عاملا أو أستاذا أو فنانا، أو ممثلا، أو عالما، ويمكن أن تكون المرأة ربة بيت، أو راقصة، أو بائعة ... الخ. فنوع الوظيفة يرسم شخصية الإنسان إلى حد كبير، ويكشف بالتالي عن قدر كبير من المعلومات الخاصة بالشخصية.
ويجب أن تكون كل شخصية مختلفة عن زملائها. مختلفة جسديا، وفي وجهة النظر, وفي الانطباع الذي تتركه، مواقفها وأرائها، اهتماماتها، أهدافها، تعبيراتها المميزة، إمكاناتها وخلفيتها.
ومن الضروري أن تصل كل المعلومات إلى المتفرج ليكون رسم الشخصية حيويا. ومع ذلك، من الممكن أن يجمع الكاتب معلومات كثيرة عن الشخصية ولا يستخدم فعليا إلا بعضها، والمعلومات غير المستخدمة مفيدة للكاتب وحده، وعليه مسئولية اختيار المعلومات الجوهرية التي تفيد القصة وتطورها. وهي المعلومات التي سوف يتم تطويرها بتقدم القصة.
وقد تعتبر المعلومات الأخرى جوهرية بالنسبة إلى قصة معينة، فقد يكون من الجوهري معرفة ماضي أو خلفية مجرم أو تدهور متشرد، أو الخطط المستقبلية للشخصية. لقد كانت المعلومات الخاصة بتاريخ العلاقة بين سعيد مهران ورءوف علوان، في فيلم "اللص والكلاب"، على درجة كبيرة من الأهمية لكشف شخصية كل منهما وتطورها وتطور أحداث الفيلم أيضا.
وربما يكون هناك بعض التناقض في المعلومات العامة ينتج عنه شخصية متميزة، وعلى سبيل المثال قد نرى شابا مستهترا، ونظن أنه لا يعمل لأنه شخص مستهتر، ولكننا نفاجأ بأنه يعمل في أحد المصانع، هنا أصبح هذا الشاب ليس مجرد شاب مستهتر، وإنما شاب عامل مستهتر، وهذه المعلومة قد تمسك بخيط ما في القصة
العلاقات :
من العناصر المهمة علاقة الشخصية بالشخصيات الأخرى. ولأن كل هذه الشخصيات مختلفة، فستكون علاقاتها فيما بينها مختلفة. فالشخصية ( أ ) تكره الشخصية ( ب )، وتحب الشخصية ( ج )، وترتاح إلى الشخصية ( د )، ولا تثق في الشخصية ( هـ ). وتعتقد أن الشخصية ( و ) غبية، الخ. ومن خلال علاقة الشخصية بأفراد الأسرة أو الجيران أو الزملاء أو البائع أو الزبون، نستطيع رسم الشخصية بشكل أفضل وأوضح.
وتكمن أهمية العلاقات في أنها تكشف عن معلومات، فالرجل المتزوج يتصرف بشكل مختلف عن الأعزب، كما أن علاقة الأبوة تجعل الأبوين يتصرفان مع أطفالهما بشكل مختلف. وبالإضافة إلى ذلك فإن العلاقة تجعل شخصيتين تتواصلان، ومن ثم فهما قادران على الكشف عن معلومات عن كل منهما. فإذا كان رجل يحتفظ بصداقة شخص سكير أو مدمن، فهذا لا يعني أن الرجل سكير أو مدمن أيضا، ولكن قد يعني أنه على علاقة بهذا الصديق منذ فترة قبل أن يصبح سكيرا أو مدمنا، وأن الوفاء للصديق في شخصية الرجل أقوى من المحاذير، بل ربما هي دافع له ليحاول إنقاذه ومساعدته.
ويمكننا أيضا أن نوصل المعلومات عن شخصية معينة عن طريق الشخصيات الأخرى وردود أفعالها تجاه تلك الشخصية سواء موجودة في المشهد أم لا. ويمكن خلق التناقضات وجعل الشخصيات مثار خلاف من خلال آراء الآخرين مما يجعل للشخصية أبعادا أكثر عمقا وأكثر أهمية. فعلى سبيل المثال يمكن أن يتحدث شخص عن شخصية ما بشكل سيئ، ولكن يظهر لنا أن المتحدث هو الشخص السيء، ويعطي ذلك للمتفرج انطباعا بأن الشخصية المتحدث عنها شخصية طيبة، لأن الأشرار لا يحبون الطيبين.
الجانب الإنساني :
من أهم عوامل رسم الشخصية هو أن تكون شخصية إنسانية، تتسم بصفات تميزها عن غيرها من آلاف الناس الذين في مثل ظروفها. لكن من المهم أن نعرف أن ذلك لن يتم بمجرد الوصف كما تفعل الرواية، وإنما لابد أن يتم ذلك من خلال أفعال وأحداث. فهذا بخيل، لا يريد إنفاق ماله ويمكن
حدودي السما- عضو
- عدد المساهمات : 183
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
العمر : 49
مواضيع مماثلة
» كيف تكتب سيناريو الفيلم التسجيلي - منقول
» منقول : محاضرة نظام المعرفة والمعلومات في السيناريو
» كيف تكتب السيناريو الجزء الأول ( منقول )
» كيف تكتب رواية في 100 يومٍ أو أقل؟ ( منقول )
» كيف تكتب سيناريو الفيلم التسجيلي - منقول
» منقول : محاضرة نظام المعرفة والمعلومات في السيناريو
» كيف تكتب السيناريو الجزء الأول ( منقول )
» كيف تكتب رواية في 100 يومٍ أو أقل؟ ( منقول )
» كيف تكتب سيناريو الفيلم التسجيلي - منقول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى